استهداف أربيل وهجمات الحوثيين.. مخطط إيراني من أجل التفاوض

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

في ضربة قاسمة للجهود الدولية والأممية لمكافحة الإرهاب في العراق، استهدفت ميليشيا موالية لإيران مطار أربيل بإقليم مخلفة خسائر بشرية ومادية، تزامنت مع هجمات صاروخية لميليشيا الحوثي ضد مطار أبها السعودي وسط استنفار أمني في كل من سوريا ولبنان، في محاولة إيرانية لإيجاد موطئ قدم لها في المفاوضات مع إدارة واشنطن الجديدة، وذلك من خلال تحريك ميليشياتها في المنطقة، هجمات لاقت إدانات واسعة ومطالبات بالتحرك الدولي السريع لمحاسبة المسؤولين وفضحهم أمام العالم.

بدأت التصعيد باستهداف مطار أربيل بإقليم كردستان، مساء أمس الإثنين، بصواريخ كاتيوشا من قبل ميليشيا موالية لإيران، واليوم بإطلاق طائرة مفخخة من قبل الميليشا المدعومة من إيران باتجاه مطار أبها السعودي إلا أن قوات التحالف العربي تصدت لها.. توقيت الضربات لم يكن صدفة ولكن هدفه التأكيد على قدرة طهران في تحريك ميليشياتها وتأكيد نفوذها في المنطقة، استعدادًا لتعزيز مفاوضاتها مع إدارة بايدن الجديدة والمرتقب أن تبحث عودة الاتفاق النووي.

هجوم أربيل.. تصعيد خطير

في هجوم ينذر بتصعيد الأعمال الإرهابية في العراق، قتل شخص وسقط عدد من الجرحى من جراء هجمات صاروخية على مواقع في مدينة أربيل وضواحيها، من بينها قاعدة عسكرية تستخدمها قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق.

وبحسب التحالف، فقد استهدفت الصواريخ قاعدة جوية في إقليم كردستان العراق، وهو ما أسفر عن مقتل متعاقد مدني أجنبي، علاوة على إصابة أحد أفراد القوات الأمريكية وخمسة أشخاص آخرين.

وحول تفاصيل الحادث، كشف المتحدث باسم التحالف الدولي واين ماروتو ، أنه “تم إطلاق 14 صاروخًا من عيار 107 ملم، استهدفت ثلاثة منها قاعدة أربيل الجوية”، ما أسفر عن مقتل مقاول مدني وإصابة 9 بينهم جندي أمريكي.

من جهة أخرى، أعلنت ميليشيا موالية لإيران تدعى “سرايا أولياء الدم” مسؤوليتها عن الهجوم، قائلة إنها استهدفت “الاحتلال الأمريكي” في العراق، وتعهدت الميليشيا المسلحة بمواصلة عملياتها النوعية ضد قوات الاحتلال الأمريكي التي لن تكون بمأمن من ضرباتها حتى في كردستان، بحسب ما جاء في البيان.

وفي السابق تبنت هذه الميليشيا الجديدة التي طفت على السطح في الأشهر الأخيرة ويربطها المراقبون بكتائب حزب الله العراقي، أبرز فصائل ميليشيات الحشد الموالية لإيران.

الهجوم لاقى إدانات عربية ودولية واسعة، ومطالبات بإجراء تحقيقات شاملة ومحاسبة المتورطين، معلنين تضامنهم والتأكيد على دعم أمن العراق واستقراره، داعين لضبط النفس والتعاون الوثيق بين بغداد وأربيل لتقديم الجناة إلى العدالة، وحماية العراق من التناحرات الخارجية، والتي قد تلقي بظلالها على مفاوضات أربيل وبغداد بشأن الموازنة الجديدة، فعدم التوصل لاتفاق قد تفاقم أوضاع سكان الإقليم وتدفع ميليشيات إيران المسلحة في سنجار لمحاصرة كردستان اقتصاديًا.

في اليمن.. هجوم حوثي يواجه صمود التحالف

وفي اليمن، صعّدت ميليشيات الحوثي الإيراني من هجماتها بالمسيرات المفخخة باتجاه الأراضي السعودية، خلال الأيام القليلة الماضية، حيث استهدفت هجماتها أهدافا مدنية في جنوبي السعودية، واليوم بمحاولة استهداف مطار أبها الدولي.

الهجمات الحوثية المتتالية لا تتحرك من تلقاء نفسها، وليس صدفة ولكنها تنطوي على توظيف إيراني لتحسين موقعها في أي مفاوضات مستقبلية مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي أعلنت عزمها العودة للاتفاق النووي، ولكنها أكدت على التزامها بدعم السيادة السعودية ومواجهة من يسعون لتقويض استقرارها.

من جهته، تمكنت قوات التحالف العربي بقيادة السعودي من اعتراض وتدمير الطائرات المفخخة التي أطلقتها الميليشيات الحوثية باتجاه أهداف مدنية، واصفة هجماتها الأخيرة على المملكة بـ “المحاولات الإرهابية للطائرات بدون طيار ممنهجة ومتعمدة لاستهداف المدنيين والأعيان”.

هجمات متتالية تزامنت مع إلغاء إدارة بايدن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية في محاولة لإيجاد تسوية سلمية في اليمن، إلا أن انتهاكات الحوثيين لا زالت مستمرة في الداخل اليمني وفي استهداف المملكة، والتي تسعى في مجملها لتحسين شروط تفاوضها مع واشنطن.

مخطط إيراني لتحريك أذرعها

وفي سوريا، أعادت الميليشيات الموالية لطهران انتشارها وتموضعها في الريف الشرقي، لمحافظة دير الزور، حيث وصلت تعزيزات عسكرية جديدة لميليشيا الحرس الثوري الإيراني، من العراق إلى سوريا، عبر معبر القائم الحدودي، في رسالة إيرانية بأن الوضع الميداني على الأراضي السورية يتم تحريكه من طهران.

أما في لبنان، فعلي المستوى السياسي، يعرقل الفريق الموالي لإيران مساعي تشكيل الحكومة وإجهاض المبادرة الفرنسية للحل، وعلى المستوى الأمنية فقد تفاقمت مع عودة الاغتيالات السياسية، إذ أدرج اغتيال الناشط السياسي، لقمان سليم في هذه الخانة، حيث وجهت أصابع الاتهام بالدرجة الأولى إلى حزب الله، الذي كان سليم من أشد معارضيه.

وفي الملف النووي، التصعيد الإيراني من دون سقف، فرغم الدعوات الروسية والأوروبية لطهران للتهدئة، رفعت الأخيرة مخزون اليورانيوم المخصّب، وبدأت بتشغيل أنظمة طرد مركزي جديدة. ومنعت عمليات التفتيش المفاجئ للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وبحسب المراقبين، فإن التحريكات الإيرانية في هذه الملفات ليست عبثية، فقد كانت هناك توقعت بأن تحرّك إيران ميليشياتها في المنطقة بحثًا عن موقف أفضل في المفاوضات، بعدما تحدثت إدارة بايدن عن اتفاق جديد يتضمن برنامج إيران الصاروخي وتدخلاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة عبر ميليشياتها المسلحة.

ربما يعجبك أيضا