الحديدة.. معركة “تكسير العظام” لإيران والانقلابيين

محمود طلعت

تقرير – محمود طلعت

مع اقتراب انطلاق “معركة الحديدة” الحاسمة، غرب اليمن، والاستعدادات العسكرية التي يقوم بها التحالف العربي، الذي تقوده السعودية لتحرير ميناء الحديدة، تزداد مخاوف الانقلابيين الحوثيين من انقطاع آخر جسور تهريب الأسلحة والعتاد القادم من إيران، وقطع الشريان الذي يغذيهم عبر البحر الأحمر.

ويعد ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه الميليشيات، المنفذ الوحيد المتبقي لها للحصول على أموال بعدما استكملت القوات الشرعية والمقاومة الشعبية بمساندة التحالف العربي من تحرير مينائي المخا وميدي على البحر الأحمر، وهو ما جعل الانقلابيين يفقدون توازنهم ويصابون بالذعر.

جغرافيا محافظة الحديدة

تقع محافظة الحديدة في الجهة الغربية للجمهورية اليمنية على ساحل البحر الأحمر، وتبعد عن العاصمة صنعاء حوالي (226 كم)، يحدها من الشرق أجزاء من محافظات إب وذمار وصنعاء والمحويت وحجة، ومن الشمال محافظة حجة، ومن الجنوب محافظة تعز، ومن الغرب البحر الأحمر.

تبلغ مساحة المحافظة حوالي (117145) كيلومتر مربع وتتوزع هذه المساحة في ستة وعشرين مديرية. ومعالم السياحة في محافظة الحديدة متنوعة بالإضافة إلى معالمها التاريخية أهمها الآثار الإسلامية في مدينة زبيد التاريخية، كالجامع الكبير وجامع الأشاعر في مدينة بيت الفقيه ومدينة الخوخة الساحلية، وحمام السخنة الطبيعي.

رعب الانقلابيين
وبمجرد إعلان طيران التحالف العربي عمليات التمهيد الناري لتحرير محافظة الحديدة، عاش الحوثيون حالة ذعر كبيرة، الأمر الذي دفع قياداتهم إلى الفرار من مواقع عسكرية في الحديدة، حسبما كشف المتحدث باسم الجيش الوطني اللواء ركن عبده مجلي.

استعدادات دول التحالف لمعركة الحديدة، تبدو عند الكثير من المتابعين شبيهة بمعركة “كسر العظام”، وهو ما دفع زعيم الجماعة الانقلابية عبد الملك الحوثي لاستنفار أنصاره لدعم ما سمّاها بـ”معركة الساحل”، إلا أن حالة ارتباك وشرود بدت واضحة على محياه، حتى وهو يستعطف أنصاره بكلمات فارغة، وشعارات زائفة، كما جرت العادة.

وتواصل القوات الحكومية اليمنية منذ نحو شهرين بدعم جوي وبري وبحري من قوات التحالف ضغطها للتقدم شمالاً باتجاه ميناء الحديدة، وشرقا باتجاه مدينة تعز “وسط البلاد”، الأمر الذي سبب حالة من الهلع والخوف وسط الميليشيات، ومعها بدأت تشعر أن الخناق يزداد ضغطه عليها، وأن الهزيمة العسكرية باتت قريبة منها أكثر من أي وقت مضى.

هدف لا تراجع عنه

تكتسب “معركة الحديدة” أهمية بالغة باعتبار أن ميناءها هو المنفذ البحري الوحيد المتبقي لدى الميليشيات الانقلابية، وبوابة التهريب الكبرى، فضلاً عن أن بقاء المرفأ البحري تحت سيطرة الحوثيين يشكل تهديدا للملاحة الدولية ولطريق التجارة العالمية عبر البحر الأحمر.

المتحدث باسم الجيش الوطني اليمني العميد ركن عبده مجلي، أوضح أن العملية العسكرية ستكون برية وبحرية وجوية، وأن تحرير الحديدة “أمر سيادي” لليمن وحكومته الشرعية، مؤكدا أن الحديدة مع مينائها البحري هدف قادم لا تراجع عنه في ظل استمرار التهديدات الإرهابية، وتهريب السلاح عبره.

وأوضح أن الميليشيات الانقلابية تتخذ من ميناء الحديدة مركزا لتهريب الأسلحة والصواريخ، لافتا إلى أن المعلومات الاستخباراتية تؤكد أنهم يستخدمون سفنا وزوارق ويجعلون من الميناء مركزا لاستقبال تلك الأسلحة بعدما حولوه إلى ثكنة عسكرية.

يقول مجلي إن أي عملية عسكرية لتحرير الميناء ستؤدي إلى وقف عمليات التهريب وتأمين سواحل اليمن، مؤكدا أن التحالف أحبط خطط الخبراء الإيرانيين، المتواجدين مع الميليشيات لزرع الألغام البحرية والبرية في الشريط الساحلي للحديدة.

موعد الحسم

تقول مصادر عسكرية في الجيش اليمني أن معركة تحرير الحديدة ستبدأ وتحسم قبل بداية شهر رمضان، من أجل تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المحتاجة في المحافظة والمناطق المجاورة لها، التي بدأت مؤشرات المجاعة تظهر فيها، نتيجة منع الانقلاب لوصول تلك المساعدات إليها، واستمرارها في نهب واستغلال هذه المناطق الزراعية ومصائد الأسماك.

ونقلت صحيفة “الإمارات اليوم” عن المصادر العسكرية قولها إن جميع التجهيزات العسكرية والترتيبات والخطط الخاصة بمعركة تحرير الحديدة واستكمال تحرير الساحل الغربي لليمن استكملت، وفي انتظار قرار بدء المعركة البرية.

انتزاع ثمان جزر

كشف وكيل محافظة الحديدة وليد القديمي “عن نجاح الجيش الوطني بدعم من قوات التحالف العربي في استعادة ثماني جزر يمنية ومحاصرة جزيرة كمران آخر الجزر اليمنية في البحر الأحمر والتابعة لمحافظة الحديدة”.

ونقلت صحيفة “عكاظ” عن القديمي قوله “إن الجزر التي تعود إدارتها لمحافظة الحديدة عقبان، والفوست وبكلان وزقر، وحنيش الكبرى والصغرى وهمر، والتي أصبحت تحت سيطرة الجيش والمقاومة والتحالف”، مضيفا “أنه لم يتبق سوى جزيرة كمران ويجري حاليا محاصرتها للسيطرة عليها بشكل كامل”.

عذر أقبح من ذنب

تحذيرات المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من عملية عسكرية باتجاه ثاني أكبر الموانئ الاقتصادية في البلاد، اعتبرها الكثير من المهتمين والمتابعين مخاوف غير مبررة، إن لم تكن تعاونا مع الميليشيات الانقلابية وإطالة أمد الحرب في بلد تعصف به الكثير من الأزمات.

يقول صالح علي رعدان، ضابط أمن متقاعد إن “المخاوف التي تحدث عنها ولد الشيخ حول استعداد دول التحالف العربي لتحرير الحديدة من قبضة الميليشيات الحوثية، تعد تخاذلاً فاضحاً وتعاوناً جلياً، مع الميليشيات الانقلابية”.

ويشير إلى أن “حديث ولد الشيخ حول أن الميناء يستقبل أكثر من 70% من المساعدات الإنسانية وتخوفه في حال تعرضه لعملية عسكرية من توقف وصول المساعدات، هو عذر أقبح من ذنب، على اعتبار أن معظم تلك المساعدات لا تصل إلى السكان، بل إنه يتم بيعها والاستفادة منها في دعم ما يسمونه بالمجهود الحربي، الذي تسبب في مقتل عشرات الآلاف من الأبرياء”.

ربما يعجبك أيضا