الفقر والتهميش والبطالة أرض خصبة للإرهاب في مصر

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبد اللطيف

القاهرة – “لو كان الفقر رجلاً لقتلته” مقولة شهيرة للإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجه، إنه آفة الآفات ومنبع الشرور والخبائث، وهو الشريك والطريق الذي يقود الشباب إلى السقوط في آتون التطرف ومعترك التكفير وإراقة الدماء واستهداف الأبرياء واستحلال دماء وأموال وأعراض الآخرين مسلمين ومسيحيين..

لا تخلو كارثة إرهابية إلا الفقر والتهميش والبطالة عوامل حاضرة فيها ومغذي رئيسي لأبطالها، وبعدما شهدت مصر مؤخرًا سلسلة من الهجمات الإرهابية التي نالت من كنائس مصرية منها الكنيسة البطرسية بالقاهرة وآخرها كنيستي مارجرجس بمحافظة الغربية والمرقسية بالإسكندرية والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى المصريين بين مدنيين ورجال للشرطة على يد انتحاريين.

 كان القاسم المشترك في تلك الحوادث أن مرتكبوها بحسب أجهزة أمنية مصرية من محافظات قنا والفيوم والأقصر التي تعاني الفقر الشديد وارتفاع مستوى البطالة والتهميش الحكومي الذي امتد لعقود من الإهمال وعدم التطوير الخدمي والفكري والذي انتشر بين الفئات العمرية بين 15 و29 عامًا، فضلاً عن تدني مستوى الدخول في تلك المناطق خاصة صعيد مصر.

تحت الصفر

شبح الفقر الداهم كان ولا يزال المسيطر على التفكير، ولا يمكن تحجيم اندماج بعض الشباب في الانضمام إلى معسكرات التكفير أو الانخراط في أعمال عدائية ضد الدولة إلا بتبنيهم والاهتمام بالصعيد أكثر وأكثر بعدما ثبت بالدليل القاطع ووفقًا لبيانات أمنية رسمية مصرية أن مرتكبي حادثي تفجير الكنيستين في طنطا والإسكندرية دبروا على يد إرهابي يدعي عمرو سعد من محافظة قنا الذي نجح في تجنيد بعض أقاربه وتدريبهم بجبال الصعيد بعدما أقنعهم بكفرية الحاكم والمحكموم وصدر لهم ثقافة استحلال دماء المسيحيين وضرب الكنائس بالمتفجرات في الأعياد والصلوات، ولا شك أن الفقر كان أحد الأبطال الرئيسيين في إدارة المعركة مع الإرهاب.

يأتي هذا في وقتٍ يعيش فيه 27% من الشعب المصري وهم لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، وهو ما يعني أنهم يعيشون تحت خط الفقر، وفقًا لما أكده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر في يوليو الماضي.

كان سعر الدولار حينها 8.8 جنيه مصري، وهذا ما يعني أن الفرد كان يحتاج إلى 528 جنيهًا، والأسرة المكونة من 5 أفراد تحتاج إلى 2600 جنيه شهريًا، أما الآن بعد أن ارتفع سعر الدولار ليصل في البنوك ما يزيد عن 18 جنيهًا، كم نسبة المواطنين دخلوا تحت خط الفقر الآن؟.

وبذلك أصبح الفرد الواحد، يحتاج مبلغ حوالي 1000 جنيه شهريًا، وهو المبلغ الذي يساويه 55 دولار تقريبًا، وهو بذلك تحت خط الفقر أيضًا، أي أن أسرة مكونة من 5 أشخاص يكون دخلها 4500 جنيه شهريًا هي أسرة فقيرة.

وفي السابق قبل تعويم العملة “الجنيه”، كانت نسبة المصريين تحت خط الفقر 27% الآن وبعد التعويم كم نسبة المصريين دخلوا تحت خط الفقر في يوليو الماضي؟.

فقر مدقع

وكشف جهاز التعبئة والإحصاء المصري عام 2016 أيضًا، أن 27.8% من المصريين فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، وأن 57% من سكان ريف الوجه القبلي فقراء مقابل 19.7% من ريف الوجه البحري، وهو ما يفسر كثيرًا من الألغاز التي ذهب البعض إليها بعد بيانات الداخلية المصرية عن المتورطين في الحوادث الإرهابية الأخيرة باستهداف الكنائس.

خاصة وأن نسبة الفقراء في مصر وصلت إلى أعلى مستوياتها في محافظتي سوهاج وأسيوط بنسبة بلغت 66%، تليهما محافظة قنا بنسبة 58%، وأن أقل نسبة للفقراء فى مصر في محافظة بورسعيد بنسبة 6.7%، تليها محافظة الإسكندرية بنسبة 11.6%، وأن 18% من سكان القاهرة من الفقراء.

فيما يبلغ متوسط الإنفاق السنوي للأسرة في مصر، 36.7 ألف جنيه، كما أن 25% نصيب الأفراد في أغنى شريحة من إجمالي الإنفاق، مقابل 4.2% نصيب الأفراد في أفقر شريحة، وذلك بالنسبة لمتوسط الإنفاق السنوي.

وأشار الجهاز الحكومي المصري، إلى أن 10.8% “أكثر من 11.8 مليون مواطن” في أدنى فئة إنفاق في مصر، حيث يبلغ معدل إنفاق الفرد سنويًا أقل من 4 آلاف جنيه سنويًا “أي أقل من 333 جنيه شهريًا”، وأوضح أن 14.7% من إجمالي الأفراد في مصر في أغنى فئة وينفقون أكثر من 12 ألف جنيه سنويًا، فضلاً عن أن 27.9% من أرباب الأسر في مصر لا يعملون، وأن 17.7% من أرباب الأسر من النساء، من بينهم 28.1% من ريف الوجه القبلي.

بطالة شبابية

وتشير البيانات الرسمية في مصر، إلى أن معدل البطالة الإجمالي بلغ (15 – 64 سنة) بنسبة 12.7% من إجمالي قوة العمل، بينما كان 12.8% في كل من الربع السابق ونفس الربع من عام 2015.، وأن 27.3% معدل البطالة بين الشباب (15 – 29 سنة)، وفقًا لبحث القوى العاملة للربع الأول لعام 2016.

وجاء معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15 – 29 سنة بلغ 27.3% من إجمالي قوة العمل في نفس الفئة العمرية، في حين بلغ معدل البطالة بين الشباب الذكور 21.0%، وبين الشباب الإناث 46.8% من إجمالي قوة العمل في نفس الفئة العمرية و19.9% معدل البطالة للفئة العمرية (15 – 19 سنة) و25.7% معدل البطالة للفئة العمـرية (20 – 24 سنة و31.3% معدل البطالة للفئة العمـرية (25 – 29 سنة و36.1% معدل البطالة بين حملة المؤهلات من الشباب “15 – 29 سنة”.

فيما بلغ معدل البطالة للشباب في الفئة العمرية (15 – 29 سنة من حمـلة المؤهــلات المتوسطة وفـــوق المتوسطة والجامعية وما فوقها 36.1% من إجمالي قوة العمل في نفس الفئة العمرية وبلغ 27.0% معدل البطالة للذكور من حملة المؤهــلات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية وما فوقها في نفس الفئة و59.3% معدل البطالة للإناث من حملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية وما فوقها في نفس الفئة.

ربما يعجبك أيضا