“السياسة في حياة الفنانين”.. انتحار وهروب واعتقال

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر
القاهرة – واجه فنانون مصريون أوقات عصيبة في حياتهم بعد أن حاصرهم السياسين سواء برغبة منهم أو فرض عليهم، فبعضهم سعى إلى التخلص من هذا الصراع عن طريق الهروب خارج البلاد، وآخرين لم يتمكنوا من ذلك فانتهى بهم الأمر إلى “المكوث في السجن” لشهور عدة، والبعض الآخر قيدت نهايته بإعلان “انتحاره” في وسائل الإعلام.

في هذا التقرير، حاولنا أن نرصد أبرز الفنانين الذين حاصرتهم السياسة في مصر:

“سيدة الشاشة”

حاولت المخابرات المصرية في ستينيات القرن الماضي تجنيد “سيدة الشاشة المصرية فاتن حمامة” مثل زملاء وزميلات كثر لها في تلك الحقبة، حيث تردد أن رئيس جهاز المخابرات المصري حينها صلاح نصر حاول ضمها لكنها رفضت، وهو ما أكدته “حمامة” في مذكراتها التي تسربت خلال عام 2013 قائلة: “في تلك الفترة انفصلت عن زوجي عمر الشريف، ومررت بأزمة نفسية صعبة، وتفاجأت بأحد الأشخاص يزورني ويعطيني كتابا عن “التخابر”، وبعد أن قرأته كرهت النظام كله وخفت على نفسي وأسرتي فهربت إلى بيروت، ولم أعد إلى مصر إلا عام 1971 بعد وفاة عبدالناصر”.

وذكرت الفنانة والمنتجة المصرية اعتماد خورشيد في كتابها: “شاهدة على انحرافات صلاح نصر”، أن رئيس المخابرات المصرية سعى لتجنيد فاتن حمامة خصوصا بعد قصة الحب التي نشأت بينها وبين الفنان الراحل عمر الشريف، مضيفة: “حاول عز الدين ذو  الفقار زوج فاتن الانتقام من الحبيبين فأوعز إلى زميل دراسته في الكلية الحربية صلاح نصر بالتفريق بينهما، وبدأ صلاح نصر في مطاردتها لكنه فشل، وانتصر الحب وفرضت على عز الدين طلاقها وتزوجت عمر الشريف”.

وأشارت إلى أن نصر سعى إلى مطارتها من جديد، وأن “حمامة” شعرت بذلك فقررت أن تصفي أعمالها وثروتها وترحل إلى باريس، وبعد أن طلقت من “الشريف”، ظلت تتنقل بين باريس وبيروت.

“أسطورة السينما المصرية”

حكى أسطورة السينما المصرية الفنان الراحل عمر الشريف في حوار صحفي له عن محاولات المخابرات المصرية لتجنيده، قائلا: “في فترة زواجي من فاتن حمامة فوجئت بصلاح نصر يزورني، وجلس يتناول القهوة وتحدث معنا في العديد من المواضيع، ثم أخبرني بأنه يريدنا أن نطلعه على أخبار النجوم أولا بأول، قبل أن يحدد عددا من الأسماء بعينها”.

وأوضح الشريف أنه بعد تلك الواقعة لم يحاول نصر التواصل معي بعدها، وأنه عندما جاءته فرصة أن يشارك في فيلم “لورانس والعرب” ويخرج إلى العالمية وأقام في بفرلي هيلز مع النجوم وظل بعيداً عن مصر طوال حكم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حتى قابلت الرئيس المصري محمد أنور السادات في حفل أقيم في البيت الأبيض وطلب منه حضور حفل زفاف ابنه “جمال”، متابعا: “لبيت دعوة السادات ومنذ ذلك الحين وأنا لست بحاجة إلى تصريح لكي أغادر أو أزور وطني”.

“سندريلا الشاشة المصرية”

كشفت إحدى الصحف المصرية عن تورط رئيس مجلس الشوري المصري صفوت الشريف في محاولته تجنيد الفنانة المصرية “سعاد حسني” في العمل مع جهاز المخابرات، حيث تم التحقيق معه في القضية المعروفة إعلاميا بـ”انحراف المخابرات” عام 1986.

وذكرت تحيقيفات للنيابة أجريت مع صفوت الشريف عام 1986، وتم الكشف أن صفوت الشريف التحق في العمل مع جهاز المخابرات عام 1975 وتولى مسؤولية عمليات تسمى بـ”الكنترول” والتي كان يتم فيها ابتزاز سيدات بعينهن واستغلالهم في تنفيذ عمليات جاسوسية، وكان من بين من تم تجنيدهن الفنانة سعاد حسني.

وأشارت تقارير إعلامية إلى تورط أحد المسؤولين في انتحار الفنانة المصرية في لندن بعد عد تردد أنباء عن اعتزام السندريلا نشر مذكراتها التي تحتوي على معلومات أمنية خطيرة كانت السلطات قد حذرتها من نشرها.

“شريهان”

واجهت الفنانة المصرية “شريهان” العديد من الشائعات حول وجود علاقة بينها وبين أحد أبناء الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، حيث تردد أن علاء مبارك رغب في الزواج من الممثلة الشابة في تسعينيات القرن الماضي إلا أن الرئيس الأسبق وزوجته ووزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف، وأن أحد قيادات النظام المصري الأسبق قد دبر لها الحادث التي تعرضت له والذي أدى إلى تكسير عظام ظهرها بالكامل بعد إلقائها من الدور السابع.

وكانت مشاركة الفنانة شيريهان في أحداث ” ثورة يناير” تأكيدا لما تردد، رغم رفضها الحديث الغضب للانتقام من النظام السابق الذي تسبب لها في العديد من المشكلات. كانت قد انتشرت منذ سنوات أخبار تؤكد وجود علاقة بين شريهان وعلاء مبارك، لكن فجرت صحيفة الفجر منذ خمس سنوات مفاجأة عندما نشرت تحقيقا صحفيا أكدت أن العلاقة الغرامية التي جمعت بين شريهان ونجل الرئيس السابق لم يكن علاء مبارك بل جمال، الذي كان مولعا بشريهان لكنها لم تبادله نفس الشعور، وهو ما عرضها لحادث مأساوي أدى لتكسير في عظام ظهرها بالكامل بعد إلقائها من الدور السابع، وتردد وقتها أن سوزان مبارك كانت المسئولة عن الحادث.

“برلنتي عبد الحميد”

في 15 مارس عام 1960 تزوجت الفنانة المصري برلنتي عبد الحميد منالقائد العام للجيش المصري والنائب الأول لرئيس الجمهوري المشير عبد الحكيم عامر عرفيا حسب الاتفاق، وقد شهد على العقد اثنان من أشقاء المشير، لتعلن اعتزالها الفن دون الإفصاح عن السبب حينها.

وقالت برلنتي في مذاكراتها التي نشرت عام 2002 بعنوان: “الطريق إلى قدري.. إلى عامر”، إنه بعد انتحار “عامر” بعد اتهامه بالمسؤولية عن الهزيمة في يونيو 1967 وأنه كان مع زوجته في ذلك الوقت عندما بدأ الهجوم الجوي الاسرائيلي، فقام جهاز المخابرات المصرية باعتقالها في مبنى الاستخبارات شهورا طويلة.اعتقلت برلنتي شهورًا طويلة.

“ملك المسرح السياسي”

واجه الفنان المصري الراحل سعيد صالح السجن 3 مرات بتهمة تعاطي “مخدر الحشيش”، وهو نفاه الممثل المصري، والذي أكد أنه سجن بسبب أرائه السياسية، حيث خرج عن النص في مسرحية “لعبة اسمها فلوس” عام 1983، قائلا: “أمي إتجوزت 3 مرات…الأول وكلنا المش، والتانى علمنا الغش، والتالت لا بيهش ولا بينش”، وفسرت بأنها انتقاد لرؤساء مصر الثلاثة جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات ومحمد حسني مبارك.

وبعد تلك الواقعة اعتبر النظام المصري سعيد صالح معارضا، وتحين الفرصة لمعاقبته، ورغم ذلك إلا أن صالح لم يتوانى عن إعلان مواقفه السياسية، وقال في تصريح صحفي له: “لم أندم على الإطلاق، فأنا لم أقل سوى الحقيقة، وعندما كنت ارتجل كنت أقول ما أشعر به ويشعر به الجمهور، الذي كان يستقبل كلامي بشكل جيد، بل على العكس سعدت جدا بما قلت”.

وفي مسرحية ”كعبلون”، أكد صالح أن سجنه كان بسبب خروجه عن النص، بصورة أزعجت النظام آنذاك، فقال: “أثناء المسرحية موجها حديثه لواحد من الجمهور مازحا ”إنت مالك إنت، إنت بتتكلم ليه، إنت تتكلم وأنا أرد عليك واخرج عن النص واتحبس تاني ولا ايه”.

ربما يعجبك أيضا