الإمارات وأمريكا.. تقارب لردع التمدد الإيراني

أميرة صلاح

رؤية – أميرة صلاح

استقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء أمس في البيت الأبيض ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي يؤدي زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة قبل أيام من زيارة ترامب إلى السعودية للقاء عدد كبير من القادة العرب والمسلمين، والتي تعد الثالثة له خلال عامين.

واجتمع الرئيس الأميركي مع ولي عهد أبو ظبي في لقاء مغلق، يرى مراقبون أنه سيتمحور حول تعاون مشترك في مكافحة الإرهاب والتطرف في منطقة الشرق الأوسط.

علاقات وطيدة

ترتبط الإمارات بعلاقات “متينة” وشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية، وتحظى بدعم متواصل من قيادة البلدين، وهناك حرص على دفعها بشكل مستمر إلى الأمام، بما يحقق مصالح البلدين.

وتمتلك الإمارات أدوات تأثير فعالة في محيطها الإقليمي، فهي تشارك بفعالية في اليمن لمنع الحوثيين المرتبطين بإيران من السيطرة عليه، لكنها في المقابل تحرص على أن تساهم مختلف الأطراف في تحديد مستقبل اليمن، وألا تستثمر مجموعات متشددة مثل الإخوان والقاعدة المكاسب التي تحققها قوات التحالف العربي للهيمنة على البلاد.

وتشهد العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة دفعة جديدة خلال المرحلة الأخيرة، برزت من خلال الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين، وتطور العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية واقتصاد الإمارات القوي.

وتوقع صندوق النقد الدولي أن يسجل اقتصاد الإمارات غير النفطي نمواً بنسبة 3.3% العام الجاري، مقابل 2.7% العام الماضي، حيث تستفيد الإمارات من مزايا التجارة العالمية وتحسن الأوضاع المالية في الداخل، وفق ما قالته نتاليا تاميريسا، رئيسة بعثة الصندوق إلى الإمارات في مقابلة مع بلومبرج.

وتوقعت تاميريسا نمواً بنسبة 2.9% للاقتصاد العام في الإمارات العام الجاري، بعد خفض إنتاج النفط، على أن يعود النمو للارتفاع في عام 2018 مع ارتفاع إنتاج النفط.

ويرى الصندوق أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة اعتباراً من مطلع 2018، سوف يعود على البلاد بارتفاع 1.5% في نمو إجمالي الناتج المحلي. كما يرى الصندوق أن الاقتصاد غير النفطي في أبوظبي سوف يسجل نمواً بنسبة 3.2% العام الجاري، مقابل 2.8% العام الماضي.

ملفات في الصدارة

أكدت مصادر دبلوماسية عربية – في تصريحات صحفية – أن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات، تأتي في إطار العلاقات الطيبة التي تجمع بن زايد والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وبحسب مراقبون فإن هناك تحركات عربية بالتنسيق مع الولايات المتحدة لإدارج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب بشكل رسمى، وأن هذا الملف سيكون ضمن أبرز الموضوعات المطروحة خلال لقاء بن زايد وترامب. وقبل يومين قالت صحيفة الراى الكويتية إن الرئيس الأمريكى يأمل فى الوصول لاتفاق مع دول مجلس التعاون الخليجى لإدراج الإخوان وكل فروعها فى منطقة الخليج على قوائم الإرهاب.

وأضافت المصادر أن رؤية الشيخ محمد بن زايد فى غالبية ما يتعلق بأوضاع المنطقة تشكل محورا هاما للرئيس الأمريكى “ترامب” فى فهم تعقيدات قضايا منطقة الشرق الأوسط وكيفية التعاطى معها بالشكل الصحيح.

ولفتت المصادر الى أن زيارة الشيخ محمد بن زايد لواشنطن ولقائه الرئيس الأمريكى يأتى قبل فترة قصيرة للزيارة التاريخية التى سيقوم بها الرئيس ترامب للمملكة العربية السعودية، وهى أول زيارة خارجية للرئيس الأميركى، وستشمل سلسلة من الفعاليات السياسية على مستوى القمة فى الرياض بحضور قيادات خليجية وعربية وإسلامية.

وأشارت المصادر الى أن التهديدات التى تعرض لها دول الخليج العربى نتيجة تدخل دول اقليمية فى أمورها الداخلية ستكون حاضرة بقوة على أجندة الزيارة فضلا عن صيانة الأمن القومى العربى.

فيما يرى مسؤولون خليجيون، أن على الولايات المتحدة أن تدرك أن دول مجلس التعاون تستطيع مواجهة الكثير من التحديات وليست في حالة من يراوح مكانه عندما غاب الدور الأميركي عن المنطقة، خاصة بعد أن عملت على تنويع الحلفاء شرقا وغربا كرد فعل على استراتيجية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما المنحازة لإيران.

وفي المقابل، فإن المسؤولين الخليجيين يتوقعون أن تلعب واشنطن دورا بدعم التوجه الخليجي وخصوصا تلبية الاحتياجات الأمنية لوقف تقدم إيران الاستراتيجي في المنطقة، وهو ما بدأت الولايات المتحدة به كتعبير عن حسن نوايا الإدارة الجديدة من خلال وعود بعقد صفقات مع الرياض وأبوظبي.

ترامب والشرق الأوسط

قال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، منذ أيام إن الاجتماع بين ترامب والشيخ محمد بن زايد “سيساعد في تعميق التعاون بين واشنطن وأبوظبي، أحد الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط”.

ويرى محللون أميركيون أن الشيخ محمد يسعى إلى تحقيق تعاون مشترك يجمع الولايات المتحدة وروسيا ليعملا معا لبناء منظومة قوية في الشرق الأوسط بغرض تخفيف دور إيران عبر دعم حل متوازن في سوريا يراعي مصالح دول المنطقة ويفرض على طهران أن تسحب قواتها والميليشيات الحليفة لها من سوريا وفسح المجال للسوريين ليحددوا مستقبلهم عبر الحوار.

أعادت إدارة ترامب الحرارة إلى علاقتها بالحلفاء القدامى للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط مثل دول الخليج ومصر، وتتجه الأنظار لبناء تحالف متين يضع حدا للتمدد الإيراني الذي يهدد الأمن القومي لهؤلاء الحلفاء.

قمة عربية – أمريكية

يأتي لقاء الطرفين قبل أيام قليلة من الزيارة التاريخية التي يقوم بها ترامب إلى السعودية، وهي أول زيارة خارجية للرئيس الأميركي، وستشمل سلسلة من الفعاليات السياسية على مستوى القمة في الرياض بحضور قيادات خليجية وعربية وإسلامية، وهنا تماماً تكمن أهمية اللقاء بين الرجلين.

تعد هذه الزيارة الثالثة للشيخ محمد بن زايد لأمريكا خلال العامين الماضيين، إذ قام بزيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية في شهر أبريل 2015، ثم شارك في القمة الخليجية – الأميركية في منتجع كامب ديفيد الرئاسي الأميركي في 14 مايو 2015، وشكلت تلك الزيارات نقلة نوعية في مسار العلاقات الإماراتية – الأميركية، كما أكدت في الوقت ذاته التقدير الأميركي لدور الإمارات ومواقفها المسؤولة والمتوازنة في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

   

ربما يعجبك أيضا