في ذكرى نكسة حزيران.. إسرائيل تدفع ثمنًا بغيضًا

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبد الرحمن
لاتزال إسرائيل منقسمة بشأن حرب الأيام الستة، وتشهد الذكرى الخمسين لحرب الأيام الستة هذا العام مجموعة من الإجراءات الهمجية الإسرائيلية ومنها اعتقالات عشوائية للفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وجرائم قتل بحق الفلسطينيين، بالإضافة إلى الشرعية الأمريكية التي سيمنحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للأراضي الفسلطينية المحتلة حيث سيصل إسرائيل في زيارة رسمية خلال هذا الأسبوع.

وتُعرف حرب 1967 في كل من سوريا والأردن باسم نكسة حزيران وفي مصر باسم نكسة 67 وتسمى في إسرائيل حرب الأيام الستة، وهي الحرب التي نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن بين 5 حزيران/يونيو 1967 والعاشر من الشهر نفسه، وأدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي؛ وقد أدت الحرب لمقتل 15,000- 25,000 إنسان في الدول العربية مقابل 800 في إسرائيل، وتدمير 70- 80% من العتاد الحربي في الدول العربية مقابل 2- 5% في إسرائيل.

ويعيش الفلسطينيون بذكريات مريرة مع ذكرى حرب 67، حيث قضوا 50 عامًا من الاحتلال العسكري الإسرائيلي, ولم تثمر عملية السلام إلا في محادثات أوسلو بالتسعينات, ثم الانسحاب الإسرائيلى من غزة فى عام 2005، ضمن جولات محادثات لا نهائية تشدقت بها إسرائيل بها أمام المجتمع الدولي، وأصبح حل الدولتين أبعد من أي وقت مضى.

وتحتفل إسرائيل رسميًا بهذه الذكرى، غدًا الإثنين، بالتزامن مع زيارة ترامب حيث خصصت لها ميزانية ضخمة للاحتفال بالنصر الأعظم في تاريخ إسرائيل، على حد زعم القادة الإسرائيليين.

وعشية اندلاع حرب الأيام الستة (نكسة 1967)، بين الجيش الإسرائيلي من ناحية وجيوش مصر والأردن وسوريا من ناحية أخرى، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول خائفاً من حدوث “مجزرة حقيقية” للقوات الإسرائيلية وفق ما جاء في الوثائق التي رفعت تل أبيب السرية عنها.

ووفقاً للوثائق التي جاءت بعد مرور خمسين عاماً على الحرب حذَّرَ وزير الدفاع موشيه ديان من أن “لدى الجيش الإسرائيلي حدود لقدرته على إلحاق الهزيمة بالعرب”، إلا أنه بعد مرور يومين، وفي أعقاب الانتصارات المذهلة، تغيَّرَت نبرة المسؤولين الإسرائيليين إلى النقيض تماماً، وتفاخر ديان بأنه “في غضون ساعات قليلة” يمكن للجيش الإسرائيلي حتى أن يغزو بيروت.

الوثائق ذكرت -وفق تقرير لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية- تطور معنويات الحكومة الإسرائيلية إبان الحرب، من الخوف وصولاً إلى الفرح بعد تدمير سلاح الجو المصري والتقدم الإسرائيلي على الجبهتين الأردنية والسورية.

وفي إحدى الاجتماعات طُرحت فكرة نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى، ورأى رئيس الوزراء في حينه ليفي أشكول أنه “لو كان الأمر متعلقاً بنا، فسنقوم بإرسال العرب كافة إلى البرازيل”.

الأمر الذي اعترض عليه وزير العدل ياكورف شمشون شابيرا، قائلاً: “هم سكان تلك الأرض، واليوم أنتم تسيطرون عليها! لا يوجد سبب لطرد العرب ونقلهم إلى العراق”.

ولم يقتنع ليفي أشكول بذلك، وأجابه: “لم نتسلل إلى هنا، قلنا إن أرض إسرائيل هي حقنا”.

إحدى هذه الوثائق المنشورة نسخةٌ من مناقشة خاصة أجراها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي مع اللجنة الوزارية المعنيَّة بالشؤون الأمنية يوم 2 يونيو/ حزيران في ذروة “فترة الانتظار”، بعد دخول الجيش المصري شبه جزيرة سيناء وإغلاقه مضيق تيران أمام حركة عبور السفن الإسرائيلية.

واعتبرت إسرائيل ذلك إعلاناً للحرب، وأوضح رئيس الأركان الإسرائيلي إسحاق رابين أنَّه إذا لم تبادر إسرائيل بالهجوم “سيكون هناك خطرٌ داهمٌ على وجود إسرائيل وستكون الحرب صعبةً ومؤلمةً وسيتولَّد منها خسائر مضاعفة”.

وفي نهاية المطاف، قرَّرت الحكومة الحرب. وفي الخامس من يونيو/ حزيران شنَّت القوات الإسرائيلية هجوماً بدأ الصباح بهجمةٍ جويةٍ مفاجئة على مطارات خصومها، وفيما بعد شنَّت قوات المشاة الإسرائيلية هجوماً على الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، ثم انضم الأردنيون إلى الحرب بقصف مدفعي.

وغيرت الحرب من شكل منطقة الشرق الأوسط بشكل أو بآخر، وولدت تحولا أساسيا في المجتمع الإسرائيلي.

ولقد أدى النمو الجامح للغطرسة القومية الإسرائيلية, إلى دفع ثمن بغيض على مدى الخمسين عامًا الماضية, حيث تحول النصر العسكري إلى هزيمة أخلاقية.

ويقول المحلل السياسي لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: إن هناك حالة من الإنكار والفتور للإسرائيليين حيث إن غالبية الإسرائيليين لا يبالون بذكرى حرب الأيام الستة.

ويقول بني موريس -أستاذ زائر للدراسات الإسرائيلية في جامعة جورج تاون- إن هناك مفارقات في نتائج حرب الأيام الستة، حيث ساهمت في تحقيق تقدم نحو السلام مع العرب، وكذلك تقويض السلام بين إسرائيل والعرب.

وأدت الحرب إلى التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل ومصر، ولكنها أدت إلى توسع إسرائيل في مشروعها الاستيطاني بالضفة الغربية مما حال دون التوصل لاتفاق سلام.

ربما يعجبك أيضا