هل نجحت العناصر اليمينية المتطرفة في اختراق الدفاع والاستخبارات الألمانية؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

تولى الادعاء العام الاتحادي في ألمانيا التحقيقات ضد ضابط الجيش الألماني، الذي انتحل شخصية لاجئ سوري والمشتبه في صلته بالإرهاب ينتمي الى الجيش النازي (الفيرماخت). وقال متحدث باسم الادعاء العام يوم 2 مايو 2017  بإن هناك شبهات مبدئية تخص الإعداد لعمل خطير يهدد أمن البلاد. وكان الضابط المذكور ويدعى “فرانكو أ.” قد أعتقل تحت شبهة الإعداد لعمل إرهابي وتنحله صفة لاجئ سوري لأشهر عديدة.  وذكرت مصادر من لجنة شؤون الدفاع في البرلمان لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أنه تم العثور على 41 تذكاراً نازياً في إطار حملة التفتيش داخل الثكنات. وبحسب بيانات وزارة الدفاع، فإنه تم اكتشاف عملات معدينة تحمل شعارات نازية وجداريات، إلا أن التذكارات النازية الجديدة التي تم العثور عليها لم تكن بفداحة التذكارات التي عُثر عليها في ثكنة دوناوشينغن جنوبي ألمانيا.
 
الجيش النازي “الفيرماخت”
 
“فيرماخت” بالألمانية: Wehrmacht تترجم “قوة الدفاع” هو اسم القوات المسلحة الموحدة لألمانيا من العام 1935 إلى 1945، وتشمل كلاً من الجيش (بالألمانية Heer) والبحرية (بالألمانية Kriegsmarine وسلاح الجو (بالألمانية Luftwaffe).وقد تحول ما كان يسمى بوحدات النخبة المسلحة بالألمانية Waffen-SS  وهي الجناح العسكري لوحدات النخبة النازية (SS) إلى فرع رابع ( للفيرماخت(، بعد أن تضاعف عددها من 3 أفواج إلى 38 فرقة بحلول عام 1945.
 
تسلل عناصر إسلاموية متطرفة داخل الجيش
 
كشفت الاستخبارات الداخلية الالمانية (BfV) ، يوم 29 نوفمبر 2016، القبض على أحد العاملين بالهيئة  الماني من اصول اسلامية بعد ان تبين أنه اسلاموي متطرف. واكتشفت المخابرات الداخلية ان “جهاديا” بين صفوفها كان يعتزم شن هجوم على المقر الرئيسي للهيئة. التقارير كشفت بأنه يتم التحقيق مع 60 حالة محتملة أخرى من هذا النوع .  ونشرت الصحف الألمانية أن الحكومة تعتزم إجراء تحريات أمنية على جميع المجندين بالجيش اعتبارا من يوليو 2017 بعد أن رصدت وحدة مكافحة التجسس العسكري (ماد) 20 إسلاميا اتباع التيارات المتشددة حتى الآن بين صفوفه. وتناول تقرير لصحيفة “فيلت” دلائل تشير إلى أن المواد المتفجرة التي استعملت في اعتداء فريق دورتموند الرياضي منتصف شهر ابريل 2017 مصدرها “مخازن الجيش الألماني.
 
العقيدة القتالية
 
تتركز العقيدة القتالية الجديدة للجيش الألماني في الدفاع الدفاع عن البلاد ومصالحها، بالاضافة الى  تأمين طرق التجارة الألمانية، والوصول إلى المياه العالمية والمواد الخام ومصادر الطاقة، والدفاع عن المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، والاهتمامات الأمنية لألمانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والمساعدة بمناطق الكوارث الطبيعية. وفي ظل تحديات ارهاب الجماعات الاسلاموية المتطرفة، تبحث الحكومة الألمانية نحو بلورة خطة أمنية تستند على تشكيل جيش احتياط وفق النموذج الأمريكي، وفق ما كشفت عنه صحيفة بيلد الألمانية في عددها الصادر يوم 26 يوليو 2016 وستوكل إلى قوات الاحتياط مساندة الشرطة في التحديات الأمنية ومواجهة خطر الإرهاب.
 
 
النتائج
 
ـ إن تعين عملاء داخل اجهزة الاستخبارات الالمانية، ومنها الداخلية، هو منحى جديد اعتمدته امام تصاعد تهديدات “الجهاديين” في المانيا، للاستفادة من علاقاتهم ومعرفتهم اللغوية والمامهم ب”ثقافة” تلك الجماعات.
 
ـ في ظل موجات الهجرة واللاجئين التي اجتاحت المانيا ودول اوروبا، تنامى شعور اليمين الشعبوي اكثر، مع تصاعد العمليات الانتحارية الى الجماعات الاسلاموية. هذا التيار الشعبوي بدء يتوسع، ايضا وسط انشغال السلطات الالمانية في متابعة الجماعات الاسلاموية. تمدد اليمين المتطرف وتصاعده لم ينحصر فقط بين الافراد والمجتمع بل اصبح يمثل شريحة وطبقة سياسية، ويعتبر صعود حزب البديل من اجل المانيا نموذجا، بعد ان انتهج سياسة ذكية، النأي بنفسه عن التيارات الشعبوية، لتجاوز اي مشكلة او عوائق قد تمنعه من الوصول الى البرلمان، على عكس حركة “بيجيدا” التي تنثل تيارا شعبويا غير لا تحكمه ضوابط.
 
الاحزاب السياسية اليمينية ، نجحت بكسر الحواجز ووعقد اجتماع في المانيا يوم 21 كانون يناير  2017  في مدينة كوبلنتس غربي ألمانيا. من اجل توحيد خطابهم ” القومي الشعبوي” ضد الاجانب واللاجئين والهجرة تحت شعار ” نحن اوروبيون” وحضرزعماء من اليمين الشعبوي من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا.
 
ـ من المتوقع ان يكشف جهاز استخبارات مكافحة التجسس التابعة للجيش الالماني حالات جديدة، فما تم الكشف عنه، لايوازي حجم وجود اليمين المتطرف في المانيا، وما تمثله هذه الجماعة اليمينة الا واحدة من مشات التنظيمات اليمينية المتطرفة في المانيا، لايقل تهديدها عن تهديد الجماعات الاسلاموية المتطرفة.
 
ـ تتجه الحكومة والبرلمان الالماني، نحو مراجعة الدستور والنصوص والمراسيم الخاصة بالجيش الالماني، ليكون متماشيا مع نوع وحجم التهديدات التي تواجه المانيا، من الجماعات المتطرفة الاسلاموية والشعبوية.
 
ـ تبقى المؤسسات الحكومية، هدفا الى الجماعات المتطرفة بكل انواعها الاسلاموية واليمينية المتطرفة، بتحقيق اختراق الى مؤسسات الامن والدفاع، من اجل الحصول على التدريب، والخبرات والسلاح والمعلومات.
 
ـ اليمين المتطرف يعتبر اكثر خطورة من الجماعات الاسلاموية، كونها متجذرة في المجتمع وموجود في كيانات الدولة، وفي الغالب تحصل على الغطاء السياسي والشرعنة، وممكن ان تصل الى السلطة، وهذا ما لاتستطيع عمله الجماعات الاسلاموية في اوروبا.
 
التوصيات
 
ماتعتقده المانيا وبعض دول اوروبا، بأن الخطر، هو بعودة المقاتلين الاجانب، هو اعتقاد ناقص، رغم وجود تهديد محتمل بعودة عناصر داعش من سوريا والعراق، لكن الخطر الذي بات يهدد المانيا وينطبق الحال على دول اوروبا، هو التهديد من الداخل من قبل الجماعات المتطرفة الاسلاموية واليمينة، فاغلب العناصر التي نفذت العمليات الارهابية في المانيا واوربا كانت من مواطنين يعيشون داخل المانيا، الى جانب عدد من عناصر داعش الذين تسللوا الى اوروبا مع موجات اللاجئين او من اولئك الذين تحولوا الى التطرف بعد رفض طلبات لجوئهم، اجهزة الامن والدفاع، مازالت تعاني من ثغرات امنية، رغم ماحققتها من انجازات في تعزيز الامن ومكافحة الارهاب خلال السنتين الاخيرتين.
 
*باحث في قضايا الارهاب والاستخبارات

ربما يعجبك أيضا