مصر ترفع أسعار الفائدة.. أسباب وتداعيات

حسام عيد – محلل اقتصادي

على عكس التوقعات في الأوساط الاقتصادية بتثبيت أسعار الفائدة في مصر، قرر البنك المركزي رفعها على الإيداع والإقراض بمقدار 200 نقطة أساس “2%”.

وكانت توقعات المحللين تتجه إلى أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي لن تحرك أسعار الفائدة، خاصة في ظل معدلات الفائدة المرتفعة في الوقت الذي تتجه فيه غالبية دول العالم إلى الفائدة الصفرية.

وبحسب قرار لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي، تم رفع سعر فائدة الإيداع من 14.75% لـ16.75%، والإقراض من 15.75% لـ17.75%.

كما تم رفع سعر الائتمان والخصم من 15.25% لـ17.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي من 15.25% لـ17.25%.

الأسباب

وفقا للنظريات الاقتصادية؛ أقدم البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة للضغط على معدلات التضخم المرتفعة وكبح جماح الأسعار التي باتت أزمة تؤرق المواطنين.

كما يهدف البنك المركزي من خلال رفع أسعار الفائدة إلى تقليل معدلات السيولة في السوق المحلي.

وتخطت معدلات التضخم وفقاً لبيانات المركزي المصري مستوى الـ 32% خلال شهر أبريل الماضي.

فيما ربط محللون وخبراء اقتصاديين بين قيام البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة وبين زيارة وفد صندوق النقد الدولي الأخيرة لمصر، وما أثير خلال مفاوضات الحصول على الشريحة الثانية من القرض.

وكان البنك المركزي المصري قد رفع أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة بعد قرار تعويم الجنيه في 3 نوفمبر الماضي، وذلك في إطار إجراءات الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار موزعة على 3 سنوات حصلت الحكومة المصرية على الشريحة الأولى منها في بداية العام الجاري، وتجري مفاوضات بشأن الشريحة الثانية في الوقت الحالي.

ويستهدف البنك المركزي، الوصول بمعدل التضخم العام السنوي إلى مستوى 13% في الربع الأخير من عام 2018، لكن وكالة “ستاندرد آند بورز”، توقعت قبل أيام أن تظل معدلات التضخم في مصر في مستويات مرتفعة خلال الأشهر المقبلة، بسبب استمرار انخفاض قيمة العملة، والزيادة المرتقبة في ضريبة القيمة المضافة، إضافة إلى قرب قيام الحكومة المصرية بتحريك أسعار المحروقات.

التداعيات

سينجم عن قرار رفع أسعار الفائدة تداعيات إيجابية وسلبية على الاقتصاد المصري، سنلخصها فيما يلي؛

حسابات التوفير والودائع لأجل؛ سيرتفع سعر الفائدة عليها ما بين 1و2% عن مستوياتها الحالية، وبالتالي ستكون جاذبة للمودعين حيث تتراوح فوائد حسابات التوفير في البنوك المختلفة حاليا ما بين 7% و13%.

شهادات الادخار مرتفعة العائد؛ مازالت شهادات الادخار مرتفعة العائد الحالية والتي تتراوح بين 16% و20%، وجذبت خلال 6 أشهر مضت أكثر من 450 مليار جنيه، مغرية لجذب أموال المودعين من رجال اﻷعمال والمواطنين العاديين بسبب عائدها المرتفع.

المستثمرون اﻷجانب في أدوات الدين الحكومية؛ أكبر مستفيد من رفع سعر الفائدة هو المستثمر الأجنبي، الذي يستثمر في أدوات الدين الحكومية “أذون الخزانة وسندات”، ويرغب في أرباح سريعة ومضمونة، وهي ما يطلق عليها “الأموال الساخنة”، لأنها تحصد الأرباح وتخرج سريعا، ولا تضخ في شرايين الاقتصاد أو في القطاع الصناعي.

عجز الموازنة العامة؛ قرار رفع أسعار الفائدة سيؤدى لرفع سعر الإقراض الداخلي للحكومة لسد عجز الموازنة ليتجاوز الـ20%، في عطاءات أذون وسندات الخزانة المقبلة.

وهو ما يعنى أن موازنة العام المالى الجديد 2017/2018، التي كانت تستهدف خفض عجز الموازنة وتقدر العجز الكلي في الموازنة بـ 370 مليار جنيه، ستعاني من تكلفة الاقتراض، ما يعني مليارات إضافية على بند خدمة الدين، بما يزيد من مستويات العجز، ويصعب من تحقيق المستويات المستهدفة.

الدين العام؛ رفع سعر الفائدة سيؤدى لزيادة الدين العام، حيث ستزيد تكلفة اقتراض الحكومة من البنوك عند طريق أدوات الدين الحكومية “أذون وسندات الخزانة”.

الاستثمارات والصناعة؛ يعتبر القرار غير مناسب لرجال الأعمال، وسيؤدي لعزوف المستثمرين عن الاقتراض من البنوك بسبب ارتفاع سعر الفائدة، إذ أنه يتسبب في ارتفاع تكلفة الاستثمارات الأجنبية والمحلية.

وحتى إذا قرر المستثمرون تحمل التكلفة المرتفعة، فإن ذلك يزيد من تكلفة الإنتاج، بما لذلك من تبعيات قد تؤدي لارتفاع الأسعار وبالتالي مزيدا من التضخم وليس كما يستهدف البنك المركزي، وبما لذلك أيضا من تبعيات قد تؤدي إلى الركود وتوقف النشاط الاقتصادي.

ربما يعجبك أيضا