نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.. وعد إنهاء السلام

كتب – حسام عيد

منذ أن قرر دونالد ترامب الترشح عن الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو يعمل على إطلاق العنان لوعود قد تهدد المصالح القومية للولايات المتحدة في العالم أجمع، وكذلك من شأنها إعادة رسم السياسات الخارجية لبلاد العم سام التي طالما هدفت إلى حماية مصالحها في المقام الأول.

وكان ترامب قال في كلمة ألقاها أمام مؤتمر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية “أيباك” في مارس 2016 إنه سوف ينقل السفارة إلى القدس، واصفا إياها أنها “العاصمة الأبدية للشعب اليهودي”.

فور تسلمه مقاليد الحكم في البيت الأبيض، أعلن دونالد ترامب أنه سيسعى لتنفيذ وعده بنقل السفارة الأمريكية في تل أبيب إلى القدس المحتلة.

فيما أجرى وفد من الكونجرس محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول هذه المسالة الحساسة مطلع مايو الجاري.

وعد أثار حفيظة المجتمع الدولي بكافة فئاته، حيث استشاط غضبا من إقدام أمريكا على تنفيذ تلك الخطوة التي وصفتها بالاستفزازية، مؤكدا في الوقت ذاته أن الخاسر الأكبر جراء ذلك ستكون المصالح الأمريكية.

المصالح الأمريكية فوق كل شيء

منذ تبني الكونجرس الأمريكي قرارًا في العام 1995 بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، دأب رؤساء الولايات المتحدة على توقيع قرارات كل 6 أشهر بتأجيل نقل السفارة “من أجل حماية المصالح القومية للولايات المتحدة”، حسبما تنص تلك القرارات.

ووقع الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما” في أكتوبر الماضي، قرارًا بتعليق نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس لمدة 6 أشهر.

وبحسب مبادئ القانون الدولي وقرار مجلس الأمن رقم 478، والذي ينص على أن قرار الضم الإسرائيلي للقدس والذي وافقت عليه 14 دولة، بأنه مخالف للقانون الدولي وبالتالي فإن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشرقية يتناقض مع مبادئ القانون الدولي، وينافي قرارات الأمم المتحدة؛ لأن القدس الشرقية هي أرض محتلة وتخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة، ويرفض الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية، وتعتبر القدس منطقة متنازع عليها وتعتبر ضمن الحلول النهائية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فإذا راعى ترامب القانون فإنه لن ينقلها.

الرئيس الفلسطيني يضغط

“اتخاذ مجموعة من الإجراءات، في حال نقل السفارة للقدس”، هكذا أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، دون أن يفصح ما هي تلك الإجراءات؛ فقد تباحث خلال لقائه مع الملك الأردني عبد الله الثاني في يناير الماضي خلال زيارة للعاصمة الأردنية.

وطالب عباس إدارة ترامب “أن تشتبك معنا في مفاوضات جدية بيننا وبين الإسرائيليين للوصول إلى حل سياسي، وهذا هو أفضل شيء بالنسبة لنا وللإسرائيليين وللمنطقة كلها”.

عريقات: نقل السفارة نهاية للسلام

بدوره، رأى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، أن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس يعني “نهاية عملية السلام”.

وقال عريقات “نعني أنه ليس هناك معنى بالنسبة للفلسطينيين أن يكونوا دولة من دون أن تكون القدس الشرقية عاصمتهم”.

وتابع “آمل أن يمنحنا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرصة، ويمنح الاسرائيليين فرصة، وأن يمنح نفسه فرصة، فقد قال في مؤتمر صحافى أنه لن يفرض الحلول علينا أو على الإسرائيليين”.

مفتي القدس: انتفاضة فلسطينية جديدة

حذّر الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى ومفتي القدس والديار الفلسطينية، من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، مؤكّداً أن هذا الفعل يتناقض مع سياسة أمريكا التي تنتهجها تجاه القضية الفلسطينية.

واعتبر أن نقل السفارة يعني انتهاء المفاوضات بين “إسرائيل” وفلسطين، وهو عكس الوعود الأمريكية للجانب الفلسطيني؛ بأن تعود القدس عاصمة للدولة الفلسطينية.

وعن ردود الفعل المتوقّعة في الشارع الفلسطيني إزاء نقل السفارة، أكّد صبري أن “الجمهور الفلسطيني رافض وسيحتجّ ويتظاهر”.

الجامعة العربية تحذر

حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من خطورة توجه الإدارة الأمريكية الجديدة، لنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس.

جاء ذلك في بيان للجامعة العربية في يناير الماضي، وقال أبو الغيط، إن “نقل السفارة الأمريكية إلى القدس يؤثر سلبيًا على مستقبل التسوية للقضية الفلسطينية، وأيضًا ما قد تستدعيه من تعزيز لخطاب الإرهاب والتطرف والعنف”.

الأردن تناشد وقفة عربية وإسلامية

“وقفة عربية وإسلامية جادة تشعر الولايات المتحدة أن مصالحها مهددة ومعرضة للخطر بشكل كبير، في حال أقدمت على ذلك”، هذا هو رد الفعل المتوقع الذي صرح به وزير الأوقاف الأردني هايل داوود.

وقال داوود، إن إعلان الإدارة الأمريكية الجديدة نقل سفارتها إلى القدس يشكل ضربة قاصمة لدورها كوسيط نزيه في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، واستهتارًا أمريكيًا بالقرارات الدولية التي تعتبر القدس أرضًا محتلة.

وحذّر من أنه إذا لم يحدث ذلك، فإن واشنطن ستمضي في نقل السفارة، وستحذو حذوها دول غربية أخرى.

وأضاف داوود: “إذا لم تجد القوى العالمية رد فعل قوي من العرب، فستحاكي الموقف الأمريكي، وهو ما يشكل ضربة قوية للموقفين العربي والإسلامي”.

تركيا وفرنسا تحذر من عواقب خطرة

اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن النقاش حول إمكان نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل، من تل أبيب إلى القدس، “في غير محله مطلقا”، ويجب الكف عنه.

ودعا أردوغان إلى ضرورة توخى الحذر بشأن القضايا المتعلقة بوضع القدس، مؤكدا أن مجرد “نقل حجر” يمكن أن يترك عواقب خطرة.

فيما حذر وزير الخارجية الفرنسي جون مارك أيرولت، من أن قرار الإدارة الأمريكية الجديدة نقل سفارتها إلى القدس “ستكون له عواقب خطيرة جدا” وأنها تأمل في أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب، سيصل إلى قناعة بأن “قرار كهذا مستحيل تطبيقه على أرض الواقع”.

الحذر يتملك ترامب

من المتوقع أن يستخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارته التي استهلها اليوم الإثنين الموافق 22 مايو إلى إسرائيل لإعطاء دفعة جديدة لمحادثات السلام في الشرق الأوسط.

وتأتي زيارة ترامب لإسرائيل قرب الموعد النهائي ليقرر ما إذا كان سيوقع وثيقة منع نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

وكان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون أعلن أن ترامب يتخذ “نهجا حذراً” جدا تجاه القضية، مضيفا أن الرئيس حريص جداً على فهم كيفية تأثير مثل هذا القرار على عملية السلام.

مخاطر نقل السفارة

إذا ما أقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التصديق على قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس، فهذا يعني:

– اعترافا أمريكيا بأن القدس عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل، وهو الذي يتناقض تماما مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

– أن الولايات المتحدة ستفقد مصداقيتها ولن تكون بعد ذلك طرفا مقبولا راعيا للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

– إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس يعني خروج الولايات المتحدة الأميركية عن سعي الإدارات الأميركية المتعاقبة لحل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية، وهذا سيؤدي حتما إلى زعزعة استقرار المنطقة.

– إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس يشجع إسرائيل ويزيد اليمين الإسرائيلي بزعامة نتنياهو إصرارا على رفض كل مبادرات السلام التي قدمت إليها.

ربما يعجبك أيضا