ليالي قطر السوداء.. “صفعة” عربية تخرج قطر من عباءة العرب

رؤية – علياء عصام الدين 

باتت الآن دول الخليج متحررة من مزاج دولي أتاح لقطر لعب أدوارها لصالح أجندات لا تمتّ للمصلحة العربية والخليجية بصلة.

فقد عرفت دول المجلس أن العلاقات القطرية مع إيران مستمرة وتيقنت بعد تحذيرات سعي الدوحة الدائم والحثيث للتغريد خارج سرب الإجماع الخليجي باستمرار دعم قطر للمليشيات المتشددة والمتطرفين.

وها قد فاض الكيل من ممارسات قطر غير المسؤولة والتي باتت تهديدًا حقيقيًا لأمن المنطقة بأسرها التفت السواعد الآن لوقف الدور المشبوه الذي تلعبه الدوحة منذ تسعينات القرن الماضي.

وها هي الدوحة تدفع ثمن إصرارها على تنفيذ أجندتها المتناقضة التي شملت مد يد العون لحزب الله وجبهة النصرة في سوريا فضلًا عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر وليبيا واليمن عبر منصتها الإعلامية المشبوهة.

في أخطر أزمة في مجلس التعاون الخليجي منذ انشائه في 1981 أعلنت كل من السعودية ومصر والبحرين والامارات واليمن وليبيا وجزر المالديف، اليوم الاثنين، قطع علاقاتها مع قطر وإغلاق حدودها امام رحلاتها، بسبب استمرار الدوحة في تمويل الجماعات الإرهابية والمتشددة بما في ذلك تنظيمات القاعدة وداعش والإخوان المسلمين.

وعلى ما يبدو أن الاجتماع التشاوري الذي عقد أمس بالقاهرة قد سجل توافقًا سعوديًا مصريًا على ضرورة منع سياسات قطر الداعمة للتنظيمات المتطرفة، وحسم موقفها حيال إيران التي تعتبر أحد أوجه الإرهاب الذي يضرب استقرار المنطقة قبل المضي في أيّ وساطة لاسيما بعد أن أسقطت قطر بممارساتها الصبيانية ورقة الوساطة الكويتية قبل أن ترى إلى النور.

يأتي القرار عقب 15 يومًا على زيارة للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” والذي طلب من الدول الاسلامية التحرك بشكل حاسم ضد التطرف والتوحد لضرب الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.

قرارات صارمة

قرارات حاسمة اتخذتها كل من السعودية ومصر والبحرين والامارات واليمن وليبيا بقطع علاقتها مع قطر.

وقرر التحالف العربي الذي يقاتل الحوثيين في اليمن إنهاء مشاركة قطر التي تبرز باستمرار دورها الاقليمي وأعلنت قيادة التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن إنهاء مشاركة قطر “بسبب ممارساتها التي تعزز الإرهاب ودعمها تنظيماته في اليمن ومنها القاعدة وداعش وتعاملها مع المليشيات الانقلابية في اليمن”.

وقالت وكالة الأنباء السعودية إن الرياض “قررت قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع دولة قطر وإغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية ومنع العبور في الأراضي والأجواء والمياه الإقليمية السعودية”.

وأوضحت الوكالة ان الرياض اتخذت هذا القرار من أجل “حماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف”.

وأكد مصدر مسؤول أن القرار جاء بسبب الانتهاكات الكبيرة التي تمارسها السلطات في الدوحة سرا وعلنا طوال السنوات الماضية بهدف شق الصف السعودي.

وأكد وزير المملكة السعودية لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، أن سياسة القيادة السعودية قائمة على “حزم وعزم”، موضحاً أنها لا تتردد في اتخاذ مواقفها وتعلنها بكل وضوح.

وأوضح السبهان موقف المملكة -خلال تغريدة عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”- قائلاً: “القيادة السعودية حزم وعزم ووضوح لا تردد في المواقف، من يعبث بالخفاء ويبيع أهله من أجل مرتزقة يتحمل النتائج”.

وأكدت وسائل إعلام سعودية، بدء إجراءات سحب ترخيص عمل قناة “الجزيرة” القطرية، وإغلاق مكاتبها في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى توجيه السعوديين العاملين فى وسائل إعلام قطرية بالاستقالة وترك العمل بها.

وأمهلت دولة الإمارات العربية، المواطنين القطريين المقيمين والزائرين المتواجدين على أراضيها، 14 يوماً لمغادرة البلاد، كما أمهلت الدبلوماسيين القطرين مدة 48 ساعة فقط لمغادرة الأراضى الإماراتية.

وقررت السلطات الإماراتية، منع مواطنيها من السفر إلى قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبرها.

وأعلنت مصر أيضا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة بسبب “إصرار الحكم القطري على اتخاذ مسلك معاد لمصر  وفشل كافة المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي”.

كما قررت مصر إغلاق حدودها “الجوية والبحرية أمام كل وسائل النقل القطرية”.

من جهتها قامت البحرين بسحب بعثتها الدبلوماسية من قطر ومنع دخول القطريين للأراضي البحرينية وأمهلت أفراد البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة للمغادرة.

وقالت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية أن قطر استمرت في التصعيد والتحريض الإعلامي ودعم الأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة ب‍إيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في البحرين، مبينة أن الممارسات القطرية الخطيرة لم يقتصر شرها على مملكة البحرين فقط إنما تعدته إلى دول شقيقة.

وأضافت أن قطع العلاقات جاء استنادا إلى إصرار دولة قطر على المضي في زعزعة الأمن والاستقرار في البحرين والتدخل في شؤونها.

إجراءات مشددة

تضمن القرار مجموعة من الإجراءات الشاملة التي توقف كافة التعاملات مع قطر أو العبور من وإلى أراضيها، إلى جانب خطوات تتعلق بمواطني ورعايا الدول التي اتخذت القرار على النحو التالي

قطع العلاقات مع قطر بما فيها العلاقات الدبلوماسية وإمهال البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد.

 منع دخول أو عبور المواطنين القطريين إلى أراضي تلك الدول.

 إمهال المقيمين والزائرين منهم مدة 14 يوماً للمغادرة.

منع الرعايا من السفر إلى دولة قطر أوالإقامة فيها أو المرور عبرها.

إغلاق كافة المنافذ البحرية والجوية خلال 24 ساعة أمام الحركة القادمة والمغادرة إلى قطر.

 منع العبور لوسائل النقل القطرية كافة القادمة والمغادرة.

 اتخاذ الإجراءات القانونية والتفاهم مع الدول الصديقة والشركات الدولية بخصوص عبورهم بالأجواء والمياه الإقليمية لتلك الدول من وإلى قطر وذلك لأسباب تتعلق بالأمن الوطني.

سقوط حر

وفور قرار قطع العلاقات هبطت مؤشرات البورصة القطرية بأكثر من 6% في بداية تداولات فيما يشبه السقوط الحر.

كما تراجع مؤشر بورصة قطر 700 نقطة بنسبة 5.5 في مستهل التعاملات، فيما تراجع سهم بنك قطر الوطني بأكثر من %10 بعد هبوط الأسهم القطرية كافة للحدود القصوى .

وتضم البورصة كبرى الشركات القطرية المملوك أغلبها للحكومة القطرية المتحكمة بمفاصل الاقتصاد القطري.

وستتأثر نتائج شركات كصناعات قطر، مسيعيد للبتروكيماويات، والناقلات وغيرها، التي تتوزع أعمالها في دول مختلفة وعملياتها الاستراتيجية بقرار الحظر الأخير مما يفسر عمليات البيع على أسهمها في حركة استباقية من قبل المستثمرين.

من جانبه قال أمين عام اتحاد المستثمرين العرب السفير جمال بيومي إن قطع العلاقات بين مصر وقطر ودول خليجية سيفرض عليها حصارا بحريا وجويا، حيث لن تستطيع الطائرات القطرية الهبوط في مطارات القاهرة والسعودية والإمارات والبحرين وستضطر لتغيير مساراتها مما يكلفها أعباء مالية ضخمة من خلال زيادة وقت الىحلة وتكاليف التشغيل مما يصرف الركاب لخطوط أخرى أقل تكلفة.

وأكد أن  قرار قطع العلاقات سيمنع قطر من المرور من المياه الإقليمية لتلك الدول، حتى يتم اللجوء إلى مسارات أخرى بعيدة ومكلفة.

وقال محلل في وكالة “موديز” للتصنيفات الائتمانية إنه يخشى أن يؤثر الخلاف بين قطر ودول عربية سلبًا على الجدارة الائتمانية للدوحة إذا عرقل التجارة والتدفقات الرأسمالية.  

وأضاف أن قطع الروابط البحرية والجوية والبرية بين قطر ودول عربية يمثل تصعيدًا سلبيًا على مستوى الجدارة الائتمانية للدوحة.

ردود باردة

في رد فعل يوحي بالهدوء الذي يخفي غليانًا أعربت الخارجية القطرية عن أسفها لقرار السعودية والإمارات والبحرين قطع العلاقات معها ولم تشر الوزارة إلى مصر.

ونقلت قناة “الجزيرة” القطرية عن الوزارة قولها : “نأسف أن الدول الثلاث لم تجد بهذه المرحلة تحدياً أهم من التعرض لقطر”.

وأشارت إلى أن “هذ الإجراءات لن تؤثر على سير الحياة الطبيعية للمواطنين والمقيمين”.

فيما علقت الخطوط الجوية القطرية في بيان عبر موقعها الرسمي إنهاء جميع الرحلات إلى السعودية.

وتأتي هذه التطورات على خلفية تصريحات أمير قطر التي تضمنت انتقادات واضحة للسعودية ودول الخليج.

ونقل عن الأمير قوله ان ايران “تمثل ثقلا إقليميا وأن ليس من الحكمة التصعيد معها” وأكد أنه “لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب لأنه صنّف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله”.

وكانت زيارة ترامب إلى الرياض في أول رحلة إلى الخارج يقوم بها اختتمت بتوقيع اتفاق حول “رؤية استراتيجية” من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية والدفاعية بين السعودية والولايات المتحدة.

وفي خطابه في 21 مايو في الرياض، طالب ترامب من قادة الدول الإسلامية طرد المتطرفين في اشارة إلى الجماعات الجهادية التي تنفذ هجمات في دول عدة كما طلب بتشديد الخناق على إيران لـعزلها.

وتعود آخر أزمة مفتوحة في الخليج إلى 2014 عندما استدعت ثلاث دول خليجية (السعودية والامارات والبحرين) سفراءها من الدوحة احتجاجا على دعم قطر لجماعة للاخوان المسلمين.

لقد تغير الزمن وتغير العالم ولم تدرك قطر مدى خطورة ممارستها لكنها تواجه الآن حقيقة واحدة أن الخليج لم يعد يقبل بأنصاف الحلول لاسيما إن كانت هذه الحلول تمس أمنه القومي.

   

ربما يعجبك أيضا