برلين.. أهمية تفعيل التنمية المستدامة في دول أفريقيا

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد
 
باتت السواحل الليبية مصدر تهديد لدول الاتحاد الأوروبي، بعد تحولها إلى منطقة جذب إلى المهاجرين غير الرعيين القادمين من دول أفريقيا، لتتحول ليبيا إلى دولة عبور للمهاجرين غير الشرعيين.
 
التحقيقات كشفت أن موضوع الهجرة غير الشرعية تداخل في قضية مكافحة الإرهاب وتهريب البشر، في أعقاب تسلل عناصر التنظيمات الإرهابية إلى أوروبا بين مجموعات المهاجرين، وهذا يزيد قلق دول الاتحاد الأوروبي. حكومة السراج كشفت عن حاجتها للحصول على الدعم من دول أوروبا في مواجهة تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى جانب مكافحة الإرهاب.
 
استضافت العاصمة الألمانية، برلين يوم 12 يونيو 2017 اجتماعا لعدد من قادة الدول الأفريقية، وحضرها عدد من قادة دول أفريقيا أبرزها: مصر وتونس وغانا وأثيوبيا والنيجر ومالي وساحل العاج إلى جانب مؤسسات مالية دولية معنية بتقديم التقنيات للدول الأفريقية في مجال الاإصلاحات الاقتصادية.
 
النتائج
 

ـ إن اجتماع برلين، يوفر فرصة للاستثمارات وتحديدا يهدف إلى جذب الاستثمارات وتوفير الوظائف لشريحة الشباب. ويقول مسؤول في وزارة المالية الألمانية: إن هذه الأولوية لأفريقيا ليس معناها أن ميركل تريد إعداد خطة مساعدة مالية بل إيجاد فرصة لاجتذاب الاستثمارات والأرباح والوظائف، مضيفا أن الدعم السياسي الذي تقدمه مجموعة العشرين يمكن أن يجعل هذه الدول أكثر جاذبية لجهات التمويل الخاصة.
 
ـ من المتوقع أن تحصل دول أفريقيا التي حضرت الاجتماع على الدعم السياسي من قبل المجموعة العشرين، ضمن مفهوم، لا توجد استثمارات اقتصادية، بدون نظام سياسي مستقر. وما يدعم هذه الفكرة هو إعلان مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد -في مقابلة مع صحيفة “هاندلسبلات”- أنه “علينا إيجاد الظروف المواتية في دول جنوب الصحراء للتطور والتدريب من أجل السكان وأسرهم”.
 
ـ يبقى موضوع الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى أوربا عبر السواحل الليبية، هو الموضوع الاكثر اهتمام لدى المانيا ودول اوروبا، والذي تحول الى مصدر قلق وتهديد لأمن اوروبا. ماتهدف له المانيا في هذا الاجتماع والى جانب دول الاتحاد الاوروبي، هو الحد من تدفق الهجرة غير الشرعية، وفي نفس الوقت ايجاد اتفاقات ثنائية مع الدول الافريقية، باستقبال مواطنيها، التي يتم ترحيلهم من دول اوروبا، وربما من الذين يتم اعتراضهم في البحر قبل وصولهم سواحل ايطاليا.
 
يذكر ان إيطاليا والحكومة الليبية وقعت اتفاق خلال شهر مارس 2017، وبدعم من الأمم المتحدة، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي بموجبه تلك المخيمات.  الاحصائيات كشفت عن وصول مايقارب 550 ألف مهاجر إلى إيطاليا بين عامي 2013 و2016، و37 ألفاً منذ بداية عام 2017. وقُتل أكثر من 4500 مهاجر أو باتوا في عداد المفقودين عام 2016 أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط. وأشارت المنظمة الدولية للهجرة، بان معدل خمسة آلاف مهاجر أو أكثر شهريًا يغادرون من السواحل الليبية.
 
ـ ياتي اجتماع برلين هذا مكملا الى قمة اوروبا المنعقد في 20 مارس 2017، بين مسؤولين رفيعي المستوى من أوروبا وشمال إفريقيا لوضع خطة لإغلاق طريق الهجرة من ليبيا إلى أوروبا ومكافحة الاتجار في البشر. اجتماع روما نتج عنه تشكيل مجموعة اتصال اوروبية افريقية، تتألف من الجزائر وليبيا وتونس والنمسا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ومالطا وسلوفينيا وسويسرا.
 
ـ  اجتماع برلين ركز على قضية مكافحة الاتجار في البشر وتعزيز مراقبة الحدود وزيادة عمليات الترحيل، وإغلاق طريق الهجرة من ليبيا إلى أوروبا، وهذا يعني ان ليبيا، سوف تشهد اهتماما اوروبيا في هذا المجال وربما تشهد زيارات لمسؤوليين اوروبين اكثر من السابق، يذكر ان وزير خارجية المانيا، سيغمار غابرييل قام بزيارة قصيرة لطرابلس يوم 8 يونيو 2017  بحث خلالها مع المسؤولين الليبيين عدم الاستقرار في هذا البلد ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
 
ـ مازالت مخاوف دول الاتحاد قائمة ازاء انطلاق القوارب غير الشرعية من سواحل ليبيا الى السواحل الايطالية والتي لا تبعد الا 200 كلم ، هذه المؤشرات تزيد قلق الاتحاد. يذكر بانه هناك تعاون اوروبي يهدف الى تأهيل وتجهيز خفر السواحل الليبيين الذين يعملون في مياههم الإقليمية التي لا يمكن أن تدخلها عمليات الإنقاذ والمراقبة التي يشرف عليها الاتحاد الأوروبي، من أجل اعتراض السفن ومكافحة المهربين.
 
ـ ان مشاركة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال هذه الايام الى المانيا، تؤكد اهمية التعاون السياسي الى جانب المجال الاقتصادي بين المانيا والقاهرة. فقد شهدت القاهرة وبرلين زيارات متبادلة لمسرولين من البلدين، وهناك الكثير من القضايا والمصالح المشتركة بين البلدين. الاهم في العلاقات الثنائية بين المانيا واوربا مع مصر، هو ماتحصل عليه من الدعم السياسي في مكافحة الارهاب الى جانب التعاون الاقتصادي، ليصل حجم التجارة السنوية بين البلدين يبلغ 5.5 مليار يورو وإن من المرجح نمو الصادرات في ضوء التوقعات الاقتصادية الإيجابية لأوروبا.  ومايدعم هذه الفكرة هو حضور الرئيس السيسي الجلسة الافتتاحية للمنتدى المصري الالماني واللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين. وقالت وزيرة الاقتصاد الألمانية، بريجيته تسيبريز، إن تحسن الوضع الأمني في مصر بعد سنوات من الاضطراب وهجمات المتشددين الإسلاميين ساهم في إنعاش السياحة الألمانية.
 
ـ مايريده الاتحاد الأوروبي هو التعاون بصورة وثيقة مع دول شمال أفريقيا بما يخص ملف الجرة غير الشرعية، وربما ايجاد اتفاقيات ثنائية، من اجل اعادة المهاجرين الى اوطانهم، كون دول اوروبامازالت تواجه مشكلة قانونية، تتعلق بمدى رغبة بعض دول افريقيا باستقبال مواكنيها المرحلين، وربما هذا يعود الى مامتوفر من وثائق شخصية وجوازات سفر تمكن اوروبا بتنفيذ عمليات الترحيل القسري.وتأتي جهود المستشارة الالمانية ميركل في عقد هذا الاجتماع مع قادة اوروبا، مستغلة رئاستها الى المجموعة العشرين، ويبدو انها خطوة استباقية قبل اجتماع قمة المجموعة العشرين في هامبورغ يوليو 2017، والتي سوف تتناول قضية الحد من الهجرة الشرعية، عبر السواحل الليبية.
 
ياتي هذا الاجتماع، قبل شهر من عقد قمة المجموعة العشرين في هامبورغ. وتأتي مشاركة الرئيس السيسى بالقمة التى دعت إليها المستشارة الألمانية ميركل فى إطار الأهمية التى توليها مصر لتفعيل التعاون بين الدول الإفريقية ومجموعة العشرين فى مختلف المجالات التنموية. وبات في حكم المؤكد، بان ملف الهجرة واللاجئين سوف يشهد اهتماما اكثر خاصة من قبل دول الاتحاد الاوروبي وكذلك من قبل المجموعة العشرين في قمة هامبورغ، الى جانب موضوع جذب الاستثمارات داخل دول افريقيا.
 
الخطط المطروحة في اجتماع برلين، ممكن ان تأتي بنتائج ايجابية نسبيا، بعد ان ادركت دول اوروبا والمجموعة العشرين، ان الفقر واحد من ابرز الاسباب التي تدفع الشباب في افريقيا، خاصة غرب افريقيا، للهجرة الى اوروبا. في نفس الوقت ان هذه الاجراءات ايضا ليست بعيدة من تحقيق هدف التنمية المستدامة ضمن جهود دولية في مكافحة الارهاب.
 
*باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات
 
 
 
 
 
 
 

ربما يعجبك أيضا