فنزويلا على فوهة بركان

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

كاراكاس – لم يهدأ الوضع في فنزويلا، فالفوضى التي تعيشها البلاد منذ ثلاثة أشهر لا تزال مستمرة.. فنزويلا التي تمثل نموذجًا للصراع الاقتصادي والسياسي في العالم تشهد اشتباكات متواصلة بين الشرطة ومتظاهرين غاضبين في مختلف المدن تزايدت حدتها مع اقتراح الرئيس نيكولاس مادورو بتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد بالبلاد.

فوق مبنى وزارة الداخلية ومبنى المحكمة الدستورية العليا في العاصمة الفنزويلية، كاراكاس، حلقت إحدى المروحيات قبل أن يفاجئ سكان المباني السكنية المجاورة بصوت انفجار تبعه صوت إطلاق نار مكثف.

مادورو سارع إلى التنديد بهذا الهجوم مؤكداً أن مروحية تابعة للشرطة الفنزويلية يقودها جنرال متقاعد كان طيار وزير الداخلية والعدل السابق وشغل لفترة طويلة منصب رئيس الاستخبارات.

“كان من الممكن أن يسفر الاعتداء على سقوط ضحايا ويتسبب بمأساة، سنجد سريعًا المروحية وسنقبض على جميع من قاموا بهذه العمل الإرهابي” هكذا جاء وعيد مادورو للمتمردين.

تصعيد خطير

الهجوم الأخير بمروحية تابعة للشرطة الفنزويلية من قبل متمردين استولوا عليها تنذر بتصعيد خطير في الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ ثلاثة أشهر والتي تراوحت بين السلمية واللجوء إلى العنف والعنف المضاد أسفر في النهاية عن سقوط إلى ما لا يقل عن 75 شخصاً.

لجوء المعارضة في فنزويلا وبعض المنشقين داخل حكومة مادور إلى العنف من شأنه أن يزيد الأزمة تعقيداً وبالتالي سقوط مزيد من الضحايا، و تصعيد عسكري قد يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والعنف.

المعارضة ترى في دعوة الرئيس تشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد التفاف على مطالبها ومحاولة لكسب الوقت والبقاء في السلطة والتهرب من إجراء انتخابات مبكرة، وأنها محاولة لتهميش البرلمان الذي تسيطر عليه.

إصرار على المواجهة

في المقابل الرئيس مادورو الذي يخشى من انقلاب يطيح بحكومته الاشتراكية سبق وصرح أنه سيحمل السلاح للدفاع عن الثورة البوليفارية، لكنه يواجه منذ ثلاثة أشهر احتجاجات من قبل المعارضة وبعض المنشقين من داخل حكومته يدعون لعصيان مدني احتجاجاً على التعديل الدستوري الذي يسعى مادورو لإجرائه وتقول المعارضة إنه يتنافى مع الديمقراطية.

هي معركة كسر عظام إذن بين السلطة الحاكمة من جهة والمعارضة من جهة أخرى، ولا أفق لحل الأزمة وفي النهاية يبقى المواطن الخاسر الوحيد في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد منذ سنوات بعد أن كانت إحدى أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم.

مؤامرة خارجية

مادورو سارع إلى تحذير نظيره الأمريكي دونالد ترامب من أن الولايات المتحدة ستواجه تدفق ملايين اللاجئين الفنزويليين إذا لم تعمد واشنطن إلى “وقف جنون” المعارضة التي ضاعفت منذ مطلع نيسان/أبريل تظاهراتها ضد الحكومة التي يتهمها الرئيس الاشتراكي بالتآمر مع واشنطن لإسقاط نظامه.

وقال مادورو “اسمع أيها الرئيس دونالد ترامب، القرار بين يديك”، مضيفًا: “إذا تمكنت هذه القوى العنيفة والحاقدة والقاتلة من تدمير فنزويلا فإن البحر الأبيض المتوسط لن يكون شيئا أمام البحر الكاريبي، مع آلاف وحتى ملايين “الفنزويليين” الذي سيتوجهون نحو الولايات المتحدة. ما من شيء وما من أحد سيتمكن من وقفهم، سيكون عليك أن تبني 20 جداراً في البحر!”.

وتابع “أوقف جنون اليمين الفنزويلي!”، محذراً من أنه “إذا غرقت فنزويلا في الفوضى والعنف وإذا دمرت الثورة البوليفارية فسنذهب إلى الحرب وما لم يكن ممكناً بواسطة الأصوات سنحققه بالسلاح”.

قلق دولي

بحسب البعض فإن مادورو يجازف بتأجيج الوضع في فنزويلا، والتي تثير قلقاً متزايداً للمجموعة الدولية لاسيما دول الجوار إذ وصفت البرازيل مبادرة مادورو بـ”الانقلاب” كما انتقدتها الأرجنتين والولايات المتحدة.

ويرى مراقبون أن مادورو الذي وصل إلى السلطة خلفاً للرئيس الراحل هوجو تشافيز عام 2013، يزيد من عزلة فنزويلا عن محيطها والعالم كله، وبالتالي فإن محاولات مادورو السير على خطى سلفه لن تجدي في ظل تغيرات كثيرة داخلياً وخارجياً.

فالرئيس مادورو يواجه ضغوطاً قد لا يتحملها لا سيما في ظل ارتفاع أعداد القتلى في صفوف المتظاهرين وتفاقم مشكلة العزلة التي تعيشها فنزويلا بعد أن علقت عضويتها في التكتل التجاري لأمريكا الجنوبية وانسحابها من منظمة الدول الأمريكية. هذا بالإضافة إلى زيادة الانشقاقات داخل الحكومة والحالة الاقتصادية المتردية وكلها أسباب قد تدعو مادورو إلى القبول بمطالب المعارضة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.  

أزمة فنزويلا قد تبدو اقتصادية إذ إن 80% من مواطنيها البالغ عددهم 30 مليوناً يعيشون تحت خط الفقر مع أعلى نسبة تضخم تصل إلى 700%، مع الأخذ في الاعتبار بصراع الايديولوجيات في دول أمريكا الجنوبية والصراع مع الولايات المتحدة الأمريكية، فهل تسعى أمريكا إلى الإطاحة بمادورو من السلطة على غرار ما حدث عام 2002 مع سلفه تشافيز أم أن مادورو سيتدارك الوضع ويرضخ لمطالب المعارضة ويحتوي غضب الشارع !
 

ربما يعجبك أيضا