مقاطعة قطر.. أمر بالمعروف ونهي عن المنكر

شيماء مصطفى

رؤية 

كتب – إبراهيم الحسيني

آثارت الأزمة الأخيرة التي تسببت فيها قطر؛ كثيرًا من القضايا والمشكلات التي طرحت نفسها على أرض الواقع بتجليات مختلفة، اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية، وكل هذه الأزمات بتنوعها طرحتها وسائل الإعلام وناقشها المحللون والمراقبون في مناسبات ومنصات مختلفة، غير أن للقضية أيضا بعدًا دينيًا لا بد من أخذه بعين الاعتبار، فقطر التي ترفع شعار الحريات ومناصرة المستضعفين وإعلاء كلمة الإسلام، هي في واقع الأمر، لا تحترم حرية ولا رأيًا، ولا تنتصر إلا لأعداء الإنسانية ولا تعلي كلمة إلا وهي تسيء للدين الإسلامي السمح القويم.

فحرية الرأي والتعبير في قطر مكفولة فقط لكل من يعلن رأيًا يقدح في نظام عربي، أو يسيء لدولة عربية، أو يعمل على زعزعة الأمن في أيٍ من بلداننا العربية، وشعار الجزيرة الكاذب: الرأي والرأي الآخر خير دليل على ذلك، فمن نافذة قطر الإعلامية الأولى يكتشف الإنسان بكل بساطة مدى كذب هذه الدويلة وفعلها عكس ما تقول وتدعي، وهذه أولى خصال المنافق، فقد قال النبي الكريم إن آيات المنافق ثلاث، أولها إذا حدّث كذب، فكل ما تقوله الجزيرة –أو كثير مما تقول خاصة في الشأن العربي- كذب واضح، اكتشفته البيوت العربية يوما بعد يوم، كذب ربما يكون الحديث عنه هنا يكون تكرارا لا طائل منه.

 وإذا وعد أخلف، علامة ثانية من علامات المنافق يخبرنا عنها النبي الكريم، فلكم خَلَفت قطر وعودها، وعود قطعتها على نفسها أكثر من مرة: لا خطاب إعلامي تحريضي ولا دعم للإرهاب وقياداته ولا احتضان لعناصره المجرمين.. وغيرها من الوعود التي وعدت بها إخوتها وأبناء أسرتها الخليجية والعربية ولكنها كانت في كل مرة تخلف ما تعد به، وهو أمر يمكن فهمه جيدا إذا ما أدركنا أن قطر مجرد منافقة تخلف ما تقطعه على نفسها من وعود.

الخصلة الثالثة التي أخبرنا عنه النبي المصطفى كعلامة من علامات المنافق وهي أن المنافق “إذا اؤتمن خان”، والواقع أن هذه الخصلة تتعدى مجرد كون قطر منافقة، لأن قطر خائنة، وخيانتها ليست مجرد نفاق، هي خائنة لشعبها القطري وخائنة لأصلها العربي، وخائنة لدينها الإسلامي، أوليس للدين الإسلامي مقاصد كبرى يُطلق عليها مقاصد الشريعة ومنها الكليات الخمس وهي: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وما تفعله قطر وتمارسه في العلن والكتمان هو انتهاك لهذه الكليات الخمس، فهي لم تحفظ الدين عندما دعمت الإخوان المسلمين في كل مكان برغم ما يحدثوه من فوضى وتخريب ليسا في حاجة إلى دليل أو برهان، قطر لم تحفظ الدين عندما جعلت من أرضها منتجعا سياحيا لقيادات طالبان والقاعدة، قطر لم تحفظ الدين عندما رفعت علم طالبان فوق أرضها، قطر لم تحفظ الدين عندما رأينا بأعيننا تمويل قطر للإرهاب في العراق وسوريا وليبيا، فأي دين تسعى إلى حفظه مع هذا الدعم الهائل لهذه الجماعات الإرهابية في كل مكان، بلا شك ليس الدين الإسلامي وإنما هو دين آخر يجعل من قتل الناس عبادة للرحمن الرحيم، وتلك الخيانة الكبرى الأولى التي ارتكبتها قطر.

وقطر لم تحفظ النفس ولا النسل بعد هؤلاء الأطفال والشيوخ والنساء والرجال الأبرياء العزل الذين ماتوا بنار الإرهاب وكانت وراءهم الأموال القطرية. قطر لم تحفظ العقل عندما أربكته بأكذوبة الرأي والرأي الآخر بينما لم تقدم سوى رأي واحد، ولم تحفظ المال بل أهدرته –على كثرته- من أجل دعم التوترات وإعلاء لواء الكراهية والإرهاب.

قطر خانت الدين وخانت العقل وخانت الوطن العربي عندما قررت أن ترتمي في حضن إيران الصفوية برغم كل أطماعها الشيعية وخلافاتها السياسية والإيديولوجية مع دول الخليج، وكان من الطبيعي مع كل هذه الخيانات أن تقف الدول العربية لها بالمرصاد مصداقا لقول الله عز وجل في كتابه العزيز “وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”.

 فموقف السعودية والإمارات والبحرين ومصر لم يحدث إلا انطلاقا من هذا المعنى القرآني الكريم، فقد طالبوها باحترام تقاليد الأسرة العربية لأن في ذلك صلة للرحم، وطالبوها بحفظ الدين وعدم دعم الإرهاب لأنهم يشوهون بذلك صورة الإسلام، وطالبوها بأن تكف عن إحداث الفوضى في المنطقة لحفظ الأوطان، وهذا كله أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، لكن قطر أبت إلا أن تفعل منكرا وتعادي ناهيا ولو كان على حق ويقين.

إن هدف الدين الإسلامي، باعتباره دينا عالميا سمحا، لا يمكن أن يكون قتل المخالفين وكراهية المختلفين، بل إن جوهر الدين هو المعاملة الحسنة ومشاركة الإنسانية في فعل الخير والإحسان، غير أن قطر ونظامها الحاكم لم تفعل إلا ما يسيء للإسلام ويسوء أهله، فأوت الإرهابيين واستضافتهم في منصتهم الإعلامية الأكبر وقدمتهم كما لو كانوا أبطالا فاتحين لتكون رسالة خفية خبيثة إلى العالم وأبناء الأمة أن هذا هو الإسلام وهؤلاء هم رجاله الذين يستبيحون الدم أينما كان: في مصر والعراق وسوريا وليبيا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وغيرها الكثير، رسالة أبت الدول العربية أن تسمح بتمريرها أو اعتبارها صورة للإسلام الذي حرم الدم مهما كان صاحبه وأينما كان، لكن قطر رفضت أن تنصاع لأمر الأمة وقررت المضي قدما في دعم الإرهاب وقطع الأرحام وتفتيت الأوطان وإحداث الفتنة التي هي أكبر من القتل نفسه كما قال الله عز وجل في كتابه العزيز.

لقد أمرت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطرَ بالمعروف ونهتها عن المنكر غير أن قطر كان لها رأي آخر وردت على النصيحة بالإساءة بل واستغرقت في الإساءة إلى حد الفُجر، فكانت خيانتها لعروبتها وإسلامها فُجْرا وكان فُجْرُها خيانة، وتماهت مع الآية الكريمة “وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ” فرغم كل الأدلة والبراهين التي تدين قطر والتي أعلنت عنها دول المقاطعة وقدمتها للعالم عبر منصاته المختلفة كالحق المبين، اعتبرتها قطر مبالغة كما لو كانت سحرًا مبينا.

ربما يعجبك أيضا