“الخيل المسومة”.. تكتيك داعشي جديد يرعب أوروبا

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

وسط انتشار ما يسمى بـ”الإرهاب السهل والرخيص”، لم يعد الإرهابي يحتاج سوى لمركبة تدهس المارة في مكان عام، أو سكين يطعن فيه أكبر عدد ممكن من الأشخاص، يلوذ بعدها بالفرار.

في التقرير التالي نسلط الضوء على الهجمات الإرهابية الأخيرة في أوروبا وعلاقتها بتنظيم داعش، كما نبرز تكتيك داعش الجديد في تشكيل تنظيمات متطرفة لتنفيذ هجمات إرهابية في الغرب.

الإرهاب في أوروبا

من الملاحظ في الفترة الأخيرة تزايد العمليات الإرهابية في أوروبا، خاصة المرتبطة بالدهس أو الطعن والتي كان آخرها في إسبانيا وما شهده إقليم كتالونيا من هجومين إرهابيين وانفجار خلال 3 أيام، حيث تعاملت السلطات الإسبانية مع العمليات الثلاث على أنها حوادث مرتبطة.

وأسفر هجوم الدهس بسيارة في منطقة لاس رامبلاس السياحية في برشلونة عن مقتل 13 شخصا وإصابة أكثر من 100، فيما أسفر هجوم بلدة كامبريلس عن مقتل شخص وإصابة 6 آخرين، كما سقط قتيل وأصيب 7 في الانفجار الذي وقع في مدينة الكانار.

وبعد يوم واحد فقط من هجوم برشلونة، قتل شخصان على الأقل وأصيب 6 آخرين في حادث طعن شهدته مدينة توركو الفنلندية، واليوم الإثنين (21 أغسطس) قتل شخص وأصيب آخرون في حادث دهس استهدف محطتي حافلات بمدينة مرسيليا الفرنسية.

داعش و”الخيل المسومة”

لا يزال تنظيم داعش يبحث عن تشكيل مجموعات إرهابية جديدة لاستهداف أوروبا؛ فبعد إعلانها في 2010 عن تشكيل الذئاب المنفردة، أعلن مؤخرا عن مجموعة باسم “الخيل المسمومة”، ستكون مهمتها دهس المدنيين في الدول الأوروبية، وفقًا لوسائل إعلام عراقية.

خطباء داعش وزعوا خطبة مطبوعة على أهالي قضاء الحويجة العراقي، توعد التنظيم فيها الدول الأوربية وأمريكا وبريطانيا بشن هجمات عن طريق ما أطلق عليه مجموعة “الخيل المسومة” التي ترهبهم بعقر ديارهم.. التنظيم توعد بالمزيد من الهجمات عبر السيارات التي تدك من وصفهم المنشور بـ”جموع الكافرين”.

المطبوع كشف عن تجنيد عناصر أجنبية وتشكيل خلايا لاستهداف التجمعات ومراكز تجارية مهمة فى تلك الدول، واستهداف تلك الدول بسبب قيام ما أسماه “تحالف الكفر والردة بقصف مواقع دولة الخلافة”.

الذئاب المنفردة وأنواعها

“الذئاب المنفردة” هم أشخاص يقومون بعمليات مسلحة بوسائل مختلفة بشكل منفرد بدوافع عقائدية أو اجتماعية أو نفسية أو حتى مرضية دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، ومن دون أن يكون له ارتباط مباشر بشبكة على الأرض المستهدفة.

وتهدف عمليات “الذئب المنفرد” إلى إحداث أضرار معنوية تتبناها تنظيمات جهادية وتوحي من خلالها بأنها قادرة على الهجوم في كل زمان ومكان. فإشاعة الرعب كفيلة بزعزعة ثقة المواطن في الدولة، وهذا ما تسعى إليه الجماعات المتطرفة.

وهناك نوعان من الذئاب المنفردة، النوع الأول الذي تقوده دوافع نفسية عاملهُ نفسي فقد يكون الشخص يعاني من تحديات عائلية أو وظيفية أو مجتمعية فيقوم بإطلاق طاقته السلبية نحو الآخرين حيث يقوم بالانتقام من محيطه من جهة وحتى يشار إليه بالبنان والبحث عن الشهرة من جهة أخرى، أما النوع الثاني وهو الأكثر خطورة وانتشارا فيكون ذات توجهات عقائدية أو أيديولوجية أو قومية.

ولم يطلق اصطلاح الذئاب المنفردة إلا بعد مباغتة تنظيم القاعدة وتنظيم “داعش” الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية بعمليات مسلحة على أراضيها من أشخاص لا يبدو عليهم التدين ولا مظاهر التشدد كما يصفها الغرب ، بل على العكس نجد أن منهم من يشرب الخمر ويتعاطى المخدرات وله علاقات مع فتيات.

انتماء الذئاب المنفردة

لعل أكبر معضلة تشكله “الذئاب المنفردة” إن اغلبهم يخرجون من أوساط غير متدينة ولا يوجد عليهم أي مظهر من مظاهر التدين، ويصعب وضعهم في شق الإرهاب الديني.

ولعل أغلب العمليات التي حدث في أوروبا وأمريكا قام بها أشخاص تم رصدهم عن طريق كاميرات المراقبة، مما شكل هاجسا أمنيا في كيفية تحديد هوية تلك الذئاب.

واتصالاً بالموضوع فإن الذئاب المنفردة عادةً ما يكون الانتماء إليها من خلال الشبكة العنكبوتية تأثراً بما تنتجه الجماعات والحركات الراديكالية من مواد إعلامية مؤثرة منها.

على سبيل المثال، نشر صورة طفل ينزف حتى الموت أو امرأة تصرخ للنجدة من ويلات الحروب فإن تلك المواد تسهل عملية الاستقطاب والتطرف وصولاً إلى تنفيذ عمليات دون أن يبعث الشك لدى أجهزة الأمن والاستخبارات لدى الدول التي تستهدف.

رؤية تحليلية

وفق خبراء الأمن لا يمكن النظر إلى الهجمات الإرهابية بمعزل عن ظاهرة المقاتلين الأجانب العائدين من مناطق احتلال داعش بعد هزائمه المتكررة في سوريا والعراق وليبيا.

ومؤخرا أصدر معهد إلكانو الملكي للأبحاث في إسبانيا تقريرا أشار إلى عودة نحو ألف وأربعمئة مقاتل سابق في تنظيمات متطرفة إلى نحو اثنتي عشرة دولة أوروبية.

الاستخبارات المغربية كذلك حذرت من خطر “الذئاب المنفردة” التي تسعى لتنفيذ هجمات إرهابية في أوروبا كرد فعل على تراجع نفوذ “تنظيم الدولة” في العراق وسوريا.

عبدالحق الخيام رئيس المكتب المركزي للتحقيقات القضائية في المغرب، حذر من اندماج تنظيمي القاعدة وداعش بمنطقة الساحل، قائلا إن الخطورة الأكبر تتمثل في تطوير التنظيمين لآليات تستفيد أكثر من “الذئاب المنفردة” والعمل على زرعها في نقاط حساسة في المنطقة العربية والعالم.

ويشير إسماييل مورينو القاضي والخبير الإسباني في ظاهرة الإرهاب إلى أن وسائل محاربة الإرهاب تشمل ضرورة التصدي لإمكانية تمويل الخلايا الإرهابية، والقضاء على ظروف استقطاب جماعات متطرفة لمجندين محتملين.

ويؤكد ألكسندر هيتشنز وسيموس هيوز الباحثان في برنامج حول التطرف بجامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة، أن الأشخاص المتعاونين أو المتعاطفين مع تنظيم الدولة والمعروفين بتسمية “الذئاب المنفردة” يتلقون توجيهات عبر شبكات التواصل الاجتماعي من “مدربين افتراضيين” تابعين للتنظيم بهدف تشجيعهم على تنفيذ هجمات.

وأكدت دراسة أنجزها دانيال بايمان باحث في مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز، على أهمية عزل الذئب المنفرد عن الجماعات الإرهابية وقطع أي اتصال محتمل بينها. وكلما كان الذئب المنفرد أقل تواصلا مع الجماعات المتطرفة التي توجهه وتدربه كان أقل خطورة.

ربما يعجبك أيضا