طهران تواجه ترامب بـ”قشة” الصفقات التجارية

ولاء عدلان

 
كتبت – ولاء عدلان
 
مع دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ مطلع العام الماضي، تغيرت الحالة المزاجية داخل أسواق إيران، مع الرفع التدريجي للحظر المفروض على أكثر من مائة مليار دولار بالخارج واستئناف بيع النفط في الأسواق الدولية واستخدام النظام المالي العالمي في حركة التجارة، ومنذ يناير 2016 دبّت الحياة في فنادق طهران الشهيرة مع وصول الوفود التجارية الراغبة في إبرام صفقات بالمليارات.
 
تقول شبكة “بلومبرج” الأمريكية، في تقرير لها، إن الصفقات التي عقدتها طهران خلال العام الماضي والجاري قد تمثل قشة النجاة لمواجهة أي تصعيد أمريكي محتمل، لاسيما بعد إقرار ترامب لسلسلة جديدة من العقوبات تستهدف برنامج الصواريخ البالستية، غداة قيام طهران بتجربة إطلاق صاروخ قادر على حمل أقمار صناعية لوضعها في مدار الأرض.
 
وقبل أن يكمل ترامب عامه الأول في البيت الأبيض، وبالإضافة إلى هذه العقوبات التي استهدفت 6 شركات إيرانية لها دور رئيس في برنامج الصواريخ البالستية، قام في الثاني من الشهر الجاري بتوقيع تشريع يسمح بتوسيع العقوبات ضد طهران، كما أكد مرارا وتكرارا أن البرنامج الصاروخي الإيراني وسياسة طهران الخارجية يمثلان خرقا لروح الاتفاق النووي مع مجموعة الـ”5+1″.
 
وقالت وكالة أنباء اسوشييتد برس، مطلع هذا الشهر، أن إدارة ترامب تريد الدفع نحو مزيد من عمليات التفتيش على المواقع العسكرية الإيرانية التى تعتبرها مشبوة، وهى خطوة تحريضية، وبالرغم من أن الدول الأوروبية وطهران نفسها تستبعد أن ينفذ ترامب وعده الانتخابي بإنهاء الاتفاق النووي أو إعادة التفاوض على بعض بنوده التي تم التوصل إليها بشق الأنفس، إلا أن السؤال يبقى قائما هل في وسع طهران البقاء على قيد الحياة في حال قرر ترامب تفجير الاتفاق النووي أو فرض مزيد من العقوبات.
 
خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وبالرغم من أنه احتمال مستبعد، لكن من شأنه في حال وقوعه توجيه  ضربة قاصمة لطهران ولآمال النهوض باقتصادها التي يعاني منذ العام 1979، تقول الباحثة سنام فاكيل، من معهد تشاتام هاوس بلندن: الدول التي لها استثمارات في طهران مثل الصين وروسيا وفرنسا تمارس ضغوطا لضمان الوصول إلى السوق الإيرانية، إذ تعي حكومتها جيدا أن تهميش طهران ليس في مصلحتها.
 
وتؤكد بلومبرج، في تقريرها المنشور اليوم الثلاثاء، أن طهران تمكنت خلال الأشهر الماضية توقيع صفقات بمليارات الدولارات مع شركات عالمية، فخلال الشهر الماضي وحده وقعت الحكومة الإيرانية صفقة بنحو 200  مليار دولار مع 27 شركة عالمية متخصصة في مجال النفط، منها “بريتيش بتروليوم” و”جازبروم” و”لوكويل” الروسيتين، و”بتروناس” الماليزية.
 
كما وقعت طهران في الثالث من يوليو الماضي صفقة مع “توتال” الفرنسية بقيمة 5 مليارات دولار لتطوير المرحلة الـ11 من حقل “بارس” الجنوبي للغاز، فيما أبرمت اتفاقية مع “رينو” عملاق السيارات الفرنسية بقيمة 660 مليون يورو لتعزيز صناعة السيارات في إيران.
 
وبالعودة لقلب الاقتصاد الإيراني، نجد أن الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير النفط نجحت أيضا في توقيع عقد مع شركة سينوبك الصينية بقيمة 1.2 مليار دولار لتطوير مصفاة عبدان في مقاطعة خوزستان الجنوبية الغربية، كما وقعت عقدا مع شركة كورية جنوبية بقيمة 1.8 مليار دولار لتطوير مصفاة تبريز في شمال غرب إيران.
 
ومن الولايات المتحدة نفسها ستقوم طهران باستيراد طائرات من الأمريكية “بوينج” لصالح الخطوط الإيرانية وشركة “أسيمان” بقيمة تتجاوز الـ19 مليار دولار، هذا فضلا عن توقيع اتفاقيات مع منافستها البريطانية “إير باص” بنحو 19 مليار دولار.
 
وبالإضافة إلى هذه الصفقات الناجحة تمكنت الماكينة الإيرانية من إبرام اتفاقيات في مجالات صناعة الألومنيوم والألياف البصرية والسكك الحديدية وصناعة السيارات بأكثر من 4 مليارات دولار، كل هذه المليارات الصادرة والواردة إلى الخزينة الإيرانية يرى الخبراء أنها تساعد طهران في اكتساب مناعة ضد إي تهديد أمريكي محتمل في المستقبل القريب أو البعيد، إذ تجعل مصالحها في كل مكان ومع كل القوى الاقتصادية الأخرى كالصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا، والأمر الذي لا يجب أن نغفله هو التغلغل الإيراني الواضح في أغلب ملفات الشرق الأوسط ما يجعل المصالح الأمريكية ليست بمنأى عن النيران الإيرانية.

ربما يعجبك أيضا