تجارة الجنس في إسرائيل .. عندما تنتهي الأحلام في بيوت الدعارة

محمد عبد الدايم

رؤية – محمد عبد الدايم

         في تقرير جديد نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية (9/ 9/ 2017)؛ توجد معطيات تشير إلى زيادة كبيرة في نسبة الفتيات العاملات في الدعارة بتل أبيب، خصوصا من بين النساء القادمات عبر هجرة غير شرعية من دول أفريقية.

        أفاد التقرير بوجود ما يقرب من 7000 فتاة وسيدة من طالبات اللجوء اللاتي يتواجدن في إسرائيل هن من أصول إثيوبية وإيريترية، وخصوصا من إيريتريا، ونحو 3500 منهن أمهات لأطفال، وغير معروف لهم آباء.

        وجاء في تقرير أصدرته لجنة خاصة بالكنيست الإسرائيلي عام 2011 أن معظم الفتيات ممن يهاجرن إلى إسرائيل بطريقة غير شرعية من دول أفريقية يتعرضن للاغتصاب بشكل مستمر، ويوصمن بالعهر، وربما كثير منهن يحملن أمراضا، ومنذ صدور التقرير وحتى الآن لم تتحرك السلطات الإسرائيلية لوقف هذه التجارة الجنسية.

         نقلت صحيفة هآرتس شهادات من بعض راغبي المتعة في إسرائيل، حيث أفاد بعضهم بتفضيل الأفريقيات، اللاتي انتشرن بكثافة في السنوات الخمس السابقة في مناطق مختلفة بتل أبيب، داخل بيوت الدعارة، وفي صالونات تدليك وساونا، وفي بتاح تكفا وحول منطقة محطة الحافلات المركزية.

        المثير في الأمر أن بعض راغبي المتعة في إسرائيل ممن يفضلون الأفريقيات -وفقا لشهاداتهم التي نقلتها الصحيفة- يجدون صعوبة في التعاطي مع الفتيات لأنهن يتحدثن العبرية بصعوبة، فما كان من أحد العاملين في مجال الدعارة أن نصح زبائنه بأن يتعاملوا مع الفتيات -الخليط بين أصول إثيوبية وإيريترية- باللغة الإنجليزية.

       ووجدت مراسلة هآرتس صعوبة بالغة في التحدث مع معظم الفتيات الإيريتيريات؛ بسبب مخاوفهن من افتضاح أمر عملهن بالدعارة، في حين يظل هذا الأمر بمثابة تابو محرم في محيط الطائفة الإيريترية، وزعمت بعض الفتيات أنهن إثيوبيات؛ لدحض هوياتهم الحقيقية، لكن وفقا لشهود من راغبي المتعة في إسرائيل فالحقيقة تظهر حين تجد الفتيات صعوبة في التحدث المتمكن بالعبرية. 

اللجوء للدعارة بديلًا وحيدًا:-

        على جانب آخر تحدثت مسئولة بمنظمة أساف (منظمة مساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء في إسرائيل) أن المنظمة تتعامل مع عشرات من حالات طلبات اللجوء ممن تضطر للعمل كفتيات ليل تحت وطأة الفقر الشديد وعدم الحصول على تصاريح إقامة أو عمل، ناهيك عن عدم وجود اهتمام صحي أو رعاية تشملهن.

        وحين حاولت مراسلة صحيفة هآرتس التقرب من بعض الفتيات من العاملات في الدعارة؛ رفضن خوفا من ملاحقتها من قبل أفراد الطائفة الإيريترية التي ما يزال كثير منها يتمسك بالتقاليد المحافظة، وبالتالي يعد انتهاج الدعارة تابو مرفوض تماما، لكن الزيادة الكبيرة في أعداد الفتيات بدون غطاء اجتماعي أو صحي يدفع عشرات من الفتيات الأفريقيات للدعارة في إسرائيل. 

       رغم أن وزارة الرفاه في إسرائيل تعمل على توفير ملجأ آمن للفتيات من ضحايا الجنس، فإن هذا الأمر لا يشمل طالبات اللجوء القادمات من بلاد أفريقية، خصوصا أن كثيرا منهن أمهات، ولذلك فإن عدد الفتيات من أصول أفريقية اللاتي ينخرطن في الدعارة يزيد بسبب الحاجة الشديدة، حيث يرزحن تحت ضغط الحياة الاقتصادية مرتفعة التكاليف في إسرائيل.

      وفي سياق رد وزارة السكان والهجرة الإسرائيلية على مزاعم منظمة أساف؛ أفادت أن ظاهرة تجارة الرقيق والدعارة تحت ضغط الظروف الحياتية ليست واضحة المعالم في إسرائيل، ولا تملك الوزارة بيانات صحيحة وكاملة عن عدد أو وضع الفتيات اللاجئات من إريتريا وأثيوبيا.

اقتصاد الدعارة في إسرائيل:-

        تحت عنوان: الثمن الحقيقي والتراجيدي للجنس (30/ 8/ 2017) مقابل المال أفادت الصحفية الإسرائيلية حجاي عميت على منصة “زي ماركر” الإسرائيلية أن نحو 12 ألف شخص يعملون بالدعارة في إسرائيل، غالبيتهم بالطبع من النساء اللاتي يقدمن خدمات جنسية مقابل المال، وهو الأمر الذي يكلف خزينة وزارة الرفاه في إسرائيل نحو 177 مليون شيقل سنويا، من أجل توفير غطاء صحي واجتماعي للنساء العاملات في البغاء، بالإضافة إلى معالجة وتوفير سبل عيش آمنة لأطفالهن، كما أن نحو 25% من أطفال النساء المشتغلات بالدعارة يرسلون سنويا للتبني، وهذا وحده يكلف أكثر من 2 مليون شيقل، وهو ما يضع عبئا ماديا كبيرا عليها، أي على وزارة الرفاه وخزينتها، دون نتيجة مرضية، حيث يزداد عدد النساء العاملات في الدعارة يوما بعد يوم.

         وبحسب تقارير صحفية؛ فإن تجارة الجنس في إسرائيل تزيد كل يوم، لدرجة أن نحو 20% من المشتغلات بالدعارة يحملن شهادات جامعية، وبالنسبة لطالبات اللجوء؛ فليس الأمر مقتصرا على الفتيات القادمات من دول أفريقية عبر الهجرة غير الشرعية أو تجارة الرقيق، بل تشير التقارير إلى توافد نساء من دول أوربا الشرقية عن طريق عصابات جنس تقوم ببيعهن أكثر من مرة داخل إسرائيل.

        جدير بالذكر أن البغاء كمهنة محظور في إسرائيل، لكن لا توجد حدود قانونية كافية لوقف الدعارة في صالونات التدليك، ونوادي التعري والبارات والشركات التي تقدم خدمات المرافقة.

ربما يعجبك أيضا