ميناء “حمد” القطري.. “حيلة فاشلة” لإنقاذ اقتصاد متعثر

حسام عيد – محلل اقتصادي

دفع استمرار المقاطعة العربية وتزايد الضغوط على الاقتصاد القطري، “نظام الحمدين” إلى البحث عن بدائل وحلول حتى إذا لم تكن مكتملة وغير مجدية لإنقاذ الاقتصاد المتعثر، فقبل 6 أشهر من الموعد المقرر له، افتتح في مطلع سبتمبر ميناء حمد.

خطوة جديدة تؤكد تداعي النظام القطري، وتشير إلى التخبط في إدارة الأزمة واللجوء إلى محاولات عبثية قد تثقل كاهل الاقتصاد الذي لم يعد يتحمل المزيد من الأعباء.

استثمارات مهدرة

وسط عزلة عربية مطبقة وعقوبات تجارية مغلظة على النظام القطري الداعم للتطرف والرافض لقبول المطالب الـ 13 للدول الأربعة الداعية لمكافحة الإرهاب، افتتح تميم بن حمد في 6 سبتمبر الجاري ميناء حمد الدولي على مساحة إجمالية تبلغ 28.5 كيلومتراً مربعاً باستثمارات بلغت 7.4 مليار دولار، في محاولة منه للتحايل على المقاطعة التي كبدت الاقتصاد خسائر فادحة.

الافتتاح جاء باهتًا، حيث حضر 11 وزيرًا للنقل ومسؤولون من المغرب وسلطنة عمان والكويت وإيطاليا وفرنسا وبلغاريا وأذربيجان وإيران.

ويشكل ضآلة عدد الدول التي شاركت في افتتاح الميناء إشهارًا لحقائق اقتصادية جديدة في المنطقة أساسها أن على دول العالم أن تختار طوعًا، بين أن تتعامل مع الدول الأربع التي قاطعت قطر، بسبب سلوكها الراعي للإرهاب، أو أن تتعامل مع الدوحة التي تخضع لدائرة متسعة من المقاطعين.

وأشارت وكالة “بلومبيرج” الاقتصادية الأمريكية في تقرير بعنوان “بعد 100 يوم من الأزمة صار على الدول الأجنبية أن تحدد موقفها”، إلى أن الشركات والبنوك وصناع القرار السياسي، في المنطقة والعالم، باتوا الآن على قناعة بأنهم مضطرون وبدون أي طلب رسمي من هذا الطرف أو ذاك، لأن يحددوا مواقفهم، “وكلما تقدم الوقت ازدادت الأمور تعقيدًا” أمام الشركات التي لها مصالح في دول المقاطعة العربية وفي قطر بنفس الوقت.

تحايل على العقوبات

ميناء حمد يعد حيلة قطرية جديدة من جانب نظام تميم للالتفاف على المقاطعة والعقوبات العربية، التي لم تتوقف على توريد السلع والأغذية لقطر، ولكنها قد تصل إلى سحب الاستثمارات من الدوحة وطرد الاستثمارات القطرية من الدول العربية وغيرها من إجراءات أكثر صرامة.

وتضررت شركة الشحن البحري القطري منذ أن حظرت الإمارات والسعودية والبحرين السفن التي ترفع علم قطر من الرسو في موانئها.

فيما تراجعت صافي ربح شركة الملاحة القطرية 85% في الربع الثاني من العام لتأثر الشركة بالمقاطعة.

كما تأثرت الشركات الملاحية سلبًا جراء الارتفاع المبالغ فيه في تكاليف الاستثمار في البلد الخليجي الصغير.

وقالت ميرسك، أكبر شركة لشحن الحاويات في العالم، إنها لم يعد بمقدورها نقل البضائع من وإلى قطر بعد عزلة قطر.

وعلقت شركة كوسكو الصينية للملاحة البحرية خدمات الشحن إلى قطر، بسبب تزايد القيود المفروضة على الموانئ.

وتنضم بذلك رابع أكبر شركة في العالم للملاحة البحرية لشركة إيفرجرين التايوانية وشركة أوكل بهونج كونج في تعليق الخدمات.

ميناء غير تنافسي

رغم الدعاية التي قامت بها الدوحة لهذا الميناء، إلا أن شركات كبرى في الشحن والملاحة قللت من قدرة الميناء على الوفاء بالتزاماته الملاحية، ودعم الاقتصاد، في ظل مقاطعة واسعة لدولة تدعم الإرهاب.

ومن المتوقع أن يواجه الميناء أزمة حقيقية تتمثل في هروب شركات الشحن العالمية من قطر بخلاف زيادة تكلفة صادرات الطاقة والسلع الأولية.

وفي ظل القيود المفروضة على السفن المرتبطة بقطر، لن يستطيع ميناء “حمد” منافسة موانئ مجاورة مثل ميناء جبل علي.

ويخطط ميناء جبل علي لرفع طاقته الاستيعابية إلى 22.1 مليون حاوية نمطية بحلول العام المقبل، وهو ما يمثل 3 أمثال القدرة الاستيعابية لميناء حمد.

ويُعَد ميناء جبل علي أكبر ميناء بحري في منطقة الشرق الأوسط، وهو أحد موانئ دبي العالمية التي تضمّ أكثر من 65 ميناء ومحطة بحرية تتوزع على قارات العالم الست.

ويلعب ميناء جبل علي الذي يُعَد مركزا متكاملا متعدد وسائط النقل البحري والبري والجوي، مدعّما بمنشآت لوجستية واسعة، دورا محوريا في اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة. كما يُعَد ميناءً محوريا لأكثر من 90 خدمة ملاحية أسبوعية تربط أكثر من 140 ميناء في أنحاء العالم.

ربما يعجبك أيضا