انفصال كردستان العراق .. لم يحن الوقت بعد

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

أوجدوا بديلا لهذا الاستفتاء أو بديلا للتوقيت، أو ضمانات للتأجيل.. هذه كلمات زعيم إقليم كردستان العراق، مسعود برزاني، والدلالة منها أن هناك انقسام في الداخل والخارج حول استفتاء الانفصال وموعده، وأن إتمامه ليس من السهل، وإن تم فمن الصعب تطبيق نتائجه.

هذا يكشف لنا، أن استفتاء كردستان ما هو إلا لعبة تعبئة سياسية لصالح معسكر بارزاني تحت شعار استنفار قومي، وكذلك هو ورقة ضغط للحصول على مكاسب ما بعد داعش من الحكومة المركزية في بغداد أقلها الحصول على أراضي وحصص نفطية جديدة، وأيضًا استغلال للصراعات الإقليمية لكسب حلفاء وأموال من القوى الداعمة لاستقلال كردستان، لا سيما الباحثة عن موطئ قدم على الحدود الإيرانية.

والشعارات التي ترفعها دول مثل تركيا خشية من تأثير انفصال أكراد العراق على أكراد تركيا، غير صادقة في شعاراتها تجاه رفض الاستفتاء فلديها الخطط البديلة، لكنها تقلق من انفلات الزمام، ولكن مشروع تركيا الجديدة يستطيع أن يهضم أكراد المنطقة تحت عباءة الدولة التركية.

ومسألة استقلال كردستان هي انتحار ليس سياسي فقط لأن ذلك يجعل منها دولة حبيسة، لذلك لا يمكن اتمام هذا الأمر دون حليف في الجوار للأكراد، أو تكون هناك حالة انهيار لواحدة من دول الجوار.

فضلاً عن الانقسام الكردي في الداخل والاستقطاب الخارجي للقوى الداخلية، ونموذج الحكم في كردستان العراق لم يفرق كثيرا عن عراق_صدام حسين الذين ادعوا أنهم ذاقوا الويلات منه، فهناك نظام متسلط أخر داخل كردستان، والأحزاب تدار بصورة عرقية ومذهبية. وبهذه الصورة فالاستفتاء مجرد ورقة ضغط يستخدمها ساسة الاقليم شبه المستقل للحصول على المزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية في ظل قضايا عالقة مع بغداد منها النفط والحدود ومناطق متنازع عليها مثل كركوك الغنية بالنفط وأيضا المخصصات من الموازنة العراقية العامة لإقليم كردستان.

لذلك ستكون ورقة الخلافات الداخلية مفتاح لتأجيل الاستفتاء أو إفشال نتائجه.

مؤشرات

أكد عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، رزكار علي، السبت، أن كافة الأطراف تبحث حاليا تأجيل الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها، منها كركوك وكل المناطق المشمولة بالمادة 140، مشيرا إلى أن “الاتحاد لن يخرج من الإجماع الكردستاني بخصوص موضوع التحاور مع بغداد”.

وقال علي -في تصريح صحفي، اليوم- “ونحن لم نقرر بعد إجراء الاستفتاء أو رفضه ولكن بسبب الضغوط والمخاوف الكبيرة من حصول كارثة في كردستان والمناطق المتنازع عليها، فإن قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني تخشى على الأمن والاستقرار في كركوك لذا فإن المباحثات جارية لإنهاء أزمة الاستفتاء بما يرضي جميع الاطراف وإن الوفد الكردستاني سيبلغ بغداد بذلك”.

وأضاف أيضا، أنه “لا يستطيع الآن أن يحدد بالضبط الموقف الرسمي، لأن الاجتماعات جارية بين أعضاء الاتحاد الوطني من جهة وجميع الأطراف السياسية الأخرى من جهة أخرى وسيتم قريباً إعلان الموقف الرسمي للاتحاد الوطني بهذا الخصوص، دون أن يذكر أية تفاصيل أخرى”.

أيضًا

تم تأجيل المؤتمر الصحافي الذي كان يُفترض أن يعقده رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، صباح السبت، بشأن الاستفتاء على الاستقلال، بحسب ما أشارت رئاسة وزراء الإقليم في أربيل.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس وزراء كردستان العراق إن “المؤتمر الصحافي سيعقد الأحد، وسيتم الإعلان عن المكان والزمان لاحقا”.

وفي الأثناء تحدثت صحف عراقية عن وصول الوفد الكردي ظهر السبت، إلى العاصمة بغداد للتباحث حول ملف استفتاء إقليم كردستان المقرر إجراؤه الإثنين المقبل.

ويرجح البعض، أن البارزاني قد أجل كلمته إلى ما بعد اللقاء المرتقب في بغداد والذي قد يفضي إلى تغيير موقف أربيل بشأن تنظيم الاستفتاء ولاسيما في ظل تزايد الضغوط الداخلية الإقليمية والدولية.

ويتعرض البارزاني لضغوط وتحذيرات دولية متزايدة للعدول عن رأيه وتأجيل الاستفتاء المرتقب في الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر الحالي.

حيث دعا مجلس الأمن القومي التركي الجمعة إدارة إقليم كردستان العراق إلى العدول “قبل فوات الأوان” عن الاستفتاء الذي وصفه بأنه “غير شرعي وغير مقبول”.

وأضاف المجلس، أن المضي في هذا الاستفتاء “خطأ فادح”، ومن شأنه أن “يهدد مباشرة الأمن القومي التركي”.

وكان مجلس الأمن الدولي أبدى الخميس معارضته لإجراء الاستفتاء، محذرا من أن هذه الخطوة الأحادية من شأنها أن تزعزع الاستقرار، ومجددا تمسكه بـ”سيادة العراق ووحدته وسلامة أراضيه”.

وشدد المجلس على أن أعضاءه “يدعون إلى حل أي مشكلة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان في إطار الدستور العراقي عبر حوار منظّم وحلول توافقية يدعمها المجتمع الدولي”.

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن، الثلاثاء، رفضه للاستفتاء بكل أشكاله.

وقال العبادي -خلال لقاء مع صحافيين في بغداد- إن “الاستفتاء مرفوض، سواء حصل الآن أم في المستقبل. ومرفوض سواء حصل في الإقليم أو في المناطق المتنازع عليها”.

من جانبها، دخلت السعودية على الخط الأربعاء، داعية بارزاني إلى العدول عن تنظيم الاستفتاء، ومحذرة من “مخاطر” قد تترتب على ذلك.

وعلاوة على ذلك، فقد أجمعت كل من تركيا وإيران والعراق، رغم الخلافات، على رفض عملية التصويت.

وفي سياق التحركات المتزامنة هذه الفترة مع اقتراب موعد استفتاء كردستان وصول رئيس أركان الجيش العراقي عثمان الغانمي السبت إلى العاصمة التركية أنقرة.

وذكرت تقارير تركية وعراقية، أن “رئيس أركان الجيش العراقي عثمان الغانمي وصل أنقرة للقاء نظيره التركي خلوصي أكار”.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه تركيا عن إجراء قواتها مناورات عسكرية في ولاية شرناق المتاخمة للحدود مع العراق، بعد إعلان إقليم كردستان عن عزمه إجراء استفتاء على الانفصال في الـ25 من أيلول سبتمبر الحالي.

كما قدمت الحكومة التركية، الجمعة، إلى رئاسة البرلمان، مذكرة تتعلق بتمديد تفويضها عاما كاملا، لقيام الجيش بعمليات عسكرية خارج الحدود في العراق وسوريا.

ويؤكد الأكراد على أن فوز معسكر الـ”نعم” في الاستفتاء، لا يعني إعلان الاستقلال، بل إنه سيكون بداية حوار مع بغداد حيال الخلافات النفطية والمالية.

لكن جيران العراق يخشون من انتقال عدوى الانفصال إلى سكانهم الأكراد. تخشى أنقرة أن يعزز حصول أكراد العراق على استقلالهم طموحات الأقلية الكردية التركية التي تمثل ربع السكان في تركيا البالغ عددهم 80 مليونا.

في المقابل، يرى الأكراد أنهم أكبر قومية حرمت من دولة في العالم بعد أن ظلوا مشرذمين بين إيران والعراق وتركيا وسوريا إثر انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.

ربما يعجبك أيضا