البرنامج النووي التركي .. حلم “السلطان” في رؤية 2023

مجدي سمير

رؤية – مجدي سمير

“لنشتري سلاحا نوويا من باكستان .. 3-5 قطع نووية تكفي!”، كانت هذه إحدى العبارات الشهيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نوفمبر/ تشرين ثان من العام الماضي، تعكس مدى تمسك تركيا بالحلم النووي، الذي شرع في تحقيقه على أرض الواقع اعتبارًا من عام 2010 عبر إنشاء 3 محطات نووية شمالي وجنوبي تركيا، متوقع افتتاح بعضها أو كلها بحلول عام 2023.

وبدأ الحلم التركي منذ العقد الثامن من القرن الماضي بالتوجه إلى باكستان وتوطيد العلاقات، وعقد مجموعة من اللقاءات مع خبراء في المجال النووي لرسم الخارطة النووية لتركيا. وهو المشروع الذي أضحى ملحًا وسط تنامي التحديات الإقليمية وتزايد الاحتياج إلى مصادر الطاقة وضرورة التصدي لأزمة عجز الدين الداخلي.

 وبينما تؤكد تركيا دومًا أن مشروعها النووي سلمي تتجه بعض الأنباء نحو الترجيح بكونه يحمل طابعا عسكريا يخدم أهداف أنقرة الإقليمية خلال العقود المقبلة، وذلك بالتزامن مع تنامي المطالب الأمريكية الإعلامية والشعبية لاسترداد الأسلحة النووية الأمريكية الموجودة داخل قاعدة “إنجرليك” التركية.

ويقول خبير الطاقة النووية التركي البروفيسور فيليز يافوز، إن “مسألة مساعي تركيا لامتلاك سلاح نووي وتصنيع قنابل نووية، لم تتخطى كونها ادعاءات وتحليلات إعلامية محلية وأوروبية، إلا أنه أمر غير مستبعد وحق مشروع لتركيا لتأمين وضعها إقليميًا وسط تنامي الخطر من إيران وإسرائيل”.

وأعلن رئيس بلدية أنقرة والمقرب من أردوغان مليح كوجيك، في لقاء تليفزيوني قبل عامين، أن “امتلاك أنقرة للسلاح النووي يمثل قلقا وخطرا كبيرا للقوى العالمية، وهو أمر سيتحقق قريبًا إن شاء الله”.

وأكد الضابط المتقاعد بوزارة الدفاع الفيدرالية الألمانية فون هانز روهله، أن أردوغان يسعى لتشييد منشأة لتخصيب اليورانيوم. ويمتلك أجهزة طرد مركزي تم جلبها من باكستان. كما رجح الكاتب التركي نشأت سازأوغلو، امتلاك تركيا بالفعل للسلاح النووي، في إطار تعاون سري بتمويل سعودي وتكنولوجيا باكستانية.

دوافع تركيا

تتلخص الدوافع التركية لإنشاء محطات نووية في إطار مشروع “تركيا الجديدة” التي تنطلق من رؤية 2023، الذي أعلن عنه أردوغان عام 2013، وتنقسم الدوافع إلى شقين، سياسية واقتصادية.

أما السياسية فإنها تتضح خلال تزايد التحديات السياسية والعسكرية الإقليمية، والتي تحيط بتركيا من الجنوب والشرق، متمثلة في الاضطرابات العسكرية والصراع المسلح الدائرة في سوريا وتزايد خطر الجماعات الكردية وتداعيات استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق، فضلًا عن الأنشطة النووية المعلقة شرقًا في إيران بعد الاتفاق النووي الموقع قبل عامين مع الولايات المتحدة والمهدد حاليًا بالانهيار تحت إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترمب، بما قد يعيد المشروع النووي الإيراني للعمل من جديد، ما يعني زيادة التنافس الإقليمي مع أنقرة وبالتالي مُضى أردوغان نحو امتلاك البرنامج النووي لإحداث توازن قوى في المنطقة مدعومًا بالجانب الروسي الحليف الاستراتيجي.

أما الدافع الاقتصادي فيتمثل في الاحتياج الشديد لتوفير مصادر الطاقة التي تمثل نحو 60% من حجم عجز الموازنة سنويًا. ومن المتوقع أن تتزايد احتياجات تركيا من الطاقة إلى 83مليار متر مكعب من الغاز بحلول عام2020 ما يعني زيادة الضغوط على مؤشرات النمو الاقتصادي.

تفاصيل المشروع

يتمثل المشروع النووي التركي في ثلاث محطات تم البدء في تشييدهم تباعًا اعتبارًا من عام 2010، بتكنولوجيا وخبرات ومعدات روسية ويابانية باكستانية.

“أكويو” المحطة الأولى، بدأ العمل في إنشائها بعد توقيع اتفاق تعاون مشترك في هذا الشأن بين أنقرة وموسكو، بتكلفة أولية 22مليار دولار، تضم أربعة مفاعلات إشعاعية بقدرة كل واحد 1200 ميجاوات، لتوفير نحو 10% من احتياجات تركيا من الطاقة. ومن المتوقع بدء تشغيل المفاعلات عام2022 بالتعاون مع شركة “روزاتوم” الروسية.

“سنوب” هي المحطة النووية الثانية، وبدأ العمل في تشييدها بشبه جزيرة “إينجه بورون” عام 2013، بتكلفة 20 مليار دولار بالتعاون مع شركات يابانية وفرنسية متخصصة، لإنشاء 4 مفاعلات بقدرات 1120 ميجاوات، ومتوقع افتتاحها عام 2023.

محطة “إينا آدا” هي المحطة الثالثة التي بدأ دراسة إنشاءها عام2015، وكشف أردوغان عن موقعها واسمها في يوليو/ تموز الماضي. وتم توقيع مذكرات تفاهم بشأنها مع شركات صينية وأمريكية.

ربما يعجبك أيضا