“الحايس”.. قصة عودة “مقاتل” مصري من الموت

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر

“عشرة أيام كاملة، الموت يحاصر أنفاسه، وأفواه البنادق عن يمينه وعن شماله، ورصاصة تستوطن قدمه، ووجوه الإرهابيين تحاوطه من كل صوب، والأرض تحته مخضبة بدماء أقرانه، لكنه أبى الانكسار وقرر أن يقهر أعداءه حتى وهو أسير لديهم، ليكتب فصلا جديدا ومعاصرا من بطولات المصريين التي يمتد تاريخها لآلاف السنين”، إنها قصة ضابط مصري اختطفه الإرهاب بعد هجوم “وادي الحيتان” في الواحات منذ عشرة أيام.

وكان مجموعة من الإرهابيين اختطفوا الضابط المصري النقيب محمد علاء الحايس خلال الهجوم الإرهابي في 20 أكتوبر الماضي، قبل أن تعلن القوات المسلحة المصرية عن تحريره اليوم الثلاثاء. 

“بداية المعاناة”

قصة الضابط المصري بدأت قبل 10 أيام من الآن، حين تعرضت قوات الأمن المصرية لهجوم إرهابي خلال مداهمتها لبؤرة إرهابية، بعد ورود معلومات إلى القطاع الأمني عن اتخاذ إرهابيين إحدى المناطق بالعمق الصحراوي بالكيلو 135 بطريق أكتوبر – الواحات بمحافظة الجيزة مكاناً للاختباء والتدريب والتجهيز للقيام بعمليات إرهابية، مستغلين الطبيعة الجغرافية للظهير الصحراوي وسهولة التحرك به.

وقالت وزارة الداخلية المصرية -في بيانها بعد حوالي 24 ساعة عن الحادث- إنه حال اقتراب القوات من الوكر، بادر الإرهابيون بالهجوم على القوات من خلال “أسلحة ثقيلة”، من كافة الاتجاهات، مشيرة إلى أن القوات بادلتهم إطلاق النيران لعدة ساعات.

وأعلنت الوزارة عن استشهاد 16 من رجال الشرطة، منهم 11 ضابطا و4 مجندين ورقيب شرطة وإصابة 13 آخرين، إضافة إلى اختطاف أحد ضباط مديرية أمن الجيزة، وهو النقيب محمد علاء الحايس.

“الضابط المختطف”

ويعد الضابط المصري المختطف من أبناء قرية كفر نعمان التابعة لمركز ميت غمر في محافظة الدقهلية بشمال شرق الدلتا، وتخرج في كلية الشرطة عام 2011، وكان من العشرة الأوائل على دفعته، وعمل في العديد من  أقسام الشرطة بمحافظة الجيزة، منها “الهرم والعمرانية وقسم شرطة ثان أكتوبر”.

“الحايس” كان أحد أبرز ضباط مديرية أمن الجيزة خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث استعانت به قوات الأمن والعمليات الخاصة، في العديد من المداهمات لأوكار الخلايا الإرهابية، كما أن مدير أمن الجيزة المقال على خلفية “حادث الواحات” اللواء هشام العراقي كرمه في 23 سبتمبر الماضي، على جهوده فى فرق البحث التي شارك بها كمعاون مباحث بقسم شرطة ثان أكتوبر.

“10 أيام اختطاف”

وبعد إعلان الوزارة اختطاف الضابط، أرسلت أسرته خلال الأيام العشر الماضية عدة استغاثات إلى الأجهزة الشرطية والقوات المسلحة ورئاسة الجمهورية من أجل معرفة مصير نجلهم، وقال والد النقيب المختطف المهندس محمد الحايس في تصريحات تلفزيونية: “نحن راضون بقضاء الله ونعلم تمامًا أن أبطال العملية جميعهم رجال، ولكن أنا عايز أعرف ابني مصيره إيه، وابني بقى شهيد ولا لأ، وجثته موجودة ولا لأ، ولو موجودة سلموهالنا علشان ندفنه”.
 
وأضاف: “احنا في نار من امبارح ومش عارفين حاجة، وفي إعلام بيقول إنه استشهد وإعلام بيقول إنه عايش”، مستطردًا: “لو ابني شهيد هحتسبه عند ربنا بس يدونا الجثة”.

وفي 22 أكتوبر الماضي، أعلنت حركة “حسم” الإرهابية -التابعة لجماعة الإخوان عبر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”- أنها بصدد إصدار فيديو عن الضابط المفقود في منطقة الواحات البحرية.

وعاش الأهل 10 أيام كاملة تلتقطهم الأخبار المتداولة عن نجلهم المفقود، فبين موقع يؤكد استشهاده على يد العناصر الإرهابية، وتصريح بصحيفة أخرى على لسان مصدر أمني يؤكد أن وزارة الداخلية ما زالت تبحث عنه، وبرنامج تلفزيوني يردد أن الإرهابيين يحتفظون به من أجل التفاوض مع الحكومة للإفراج عن بعض المتهمين بالسجون.

“الجيش يثأر”

وفي صباح اليوم، أعلنت القوات المسلحة القضاء على عدد من العناصر الإرهابية التي قامت باستهداف قوات الشرطة على طريق الواحات، موضحة أن القوات الجوية هاجمت منطقة اختباء العناصر الإرهابية على طريق الواحات بإحدى المناطق الجبلية غرب الفيوم، وأسفرت الضربات عن تدمير 3 عربات دفع رباعي محملة بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمواد شديدة الانفجار، والقضاء على عدد كبير من العناصر الإرهابية.

وفي حوالي الساعة الثانية، ظهر اليوم، كشفت القوات المسلحة عن العثور على النقيب المختطف بالقرب من موقع حادث الواحات بالكيلو 35، وكشفت مصادر أمنية أن “الحايس” يعاني من إصابته بطلق ناري في القدم اليسرى”.

“فرحة العودة”

وبعد دقائق من العثور على النقيب المختطف، تلقت أسرة الحايس اتصالا من وزارة الداخلية بالعثور على نجلهم، وأنه بصحة جيدة، وتلقى والد النقيب اتصالا من أجله بعد تلقيه علاج في أحد المستشفيات التابعة للقوات المسلحة، قائلا: “أنا كويس الحمد لله وزي الفل اطمنوا”، لتسود حالة من الفرحة بين العائلة بعد نبأ تحريره من الإرهابيين.

ربما يعجبك أيضا