هل أدركت دول أوروبا والغرب أن الإرهاب أصبح محليًا؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

انطلقت اليوم الثامن من نوفمبر 2017 في مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل، اجتماعات اللقاء السنوي بين قيادات المؤسسات الاتحادية وزعماء الطوائف الدينية المختلفة في أوروبا، ويناقش هذا العام موضوع مستقبل أوروبا على أساس أنه اتحاد قائم على القيم، اللقاء ضم ممثلي الطوائف الدينية المسيحية والإسلامية واليهودية، والبوذية والهندوس وغيرهم.

وبمناسبة انعقاد هذا اللقاء، قال الدكتورخالد حجي رئيس جمعية العلماء المغاربة في أوروبا: إن تعزيز الحوار من أجل تعزيز فرص التعايش كان أمراً مهماً جداً جرى التوافق بشأنه خلال اللقاء السنوي الذي استضافته المفوضية الأوروبية، خلال العامين الأخيرين بحضور القيادات الدينية للطوائف الثلاث الإسلامية واليهودية والمسيحية.

ينعقد هذا اللقاء، انطلاقا من محاولات وجهود المفوضية الأوروبية إلى محاربة الإرهاب بمساره الافتراضي على الشبكة العنكبوتية، الإنترنت وبمسار آخر على الأرض، لمواجهة حقيقة مفادها أن الإرهاب في دول أوروبا تحول إلى إرهاب محلي، غير مستورد، وهذا ما يتطلب من المفوضية ودول أوروبا في تبني سياسات وإجراءات جديدة.

وضمن جهود المفوضية الأوروبية بهذا الاتجاه، شاركت المنظمات المدنية، لمحاربة الإرهاب مجتمعيا، ونظمت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية يوم 31 اكتوبر 2017 منتدى دراسيا بشأن دور المجتمع المدني في منع تطرف الشباب.

والهدف الرامي من هذه المقاربة مع اليوم الدراسي، هو تقديم لمحة عامة عن السياسات والممارسات التي يمكن تطبيقها لمنع تطرف الشباب.

المناقشات التي دارت على مدى يوم كامل شارك فيها خبراء وأكاديميون ومسؤولون في الهيئات البلدية بالدول الأوروبية منها بلجيكا وفرنسا وألمانيا والسويد.

“حرب على الإنترنت”

كشف تقرير بريطاني أصدرته مؤسسة “بوليس اكستغينغ” البريطانية بعنوان “حرب على الإنترنت” بأن 76% من الهجمات قد استلهم منفذوها معلوماتهم وخبراتهم من مواقع التطرف على الإنترنت.

لكن “مركز الدين والجغرافيا السياسية والصحافة الرقمية” تؤمن بأن بريطانيا وحلفاءها سوف يخسرون الحرب الإلكترونية من التطرف.

وقد اعترفت بذلك رئيسة الوزراء البريطانية بصعوبة البدء بمحادثات لمواجهة التطرف والإرهاب، الخطأ الذي وقعت به دول أوروبا والغرب، بأنها تحمل محركات الإنترنت مسؤولية محاربة التطرف ومكافحة الإرهاب، وهذا لا يبرر للحكومات من النهوض بمسؤوليتها أبدا.

توضح دراسة حديثة أعدها الباحث المصري صبرة القاسمي، القيادي السابق بتنظيم الجهاد، أن كل شخص متطوع بتنظيم “داعش” يجلس أمام جهاز الكمبيوتر حوالي 12 ساعة، تكون مهمته خلالها نشر البيانات التي يكتبها قادة التنظيم، بالإضافة إلى متابعة كل ما يكتب عن التنظيم في المواقع والصحف المختلفة حول العالم، والرد على أي حملات هجومية تنال من التنظيم، إضافة إلى تحليل ردود الأفعال المصاحبة لنشر فيديوهات التنظيم الإجرامية، وفق تقرير للعربية.

جهود المفوضية الأوروبية لمواجهة دعاية تنظيم داعش

ـ التنسيق مع مواقع إلكترونية مثل”فيسبوك، تويتر، جوجل” حول كيفية حذف خطاب المواد المتطرفة على الإنترنت.

ـ طرح تدابير تشريعية أو غير تشريعية بحلول نهاية عام 2017 لمعالجة التشتت والغموض القانوني المرتبط بحذف المواقع الإلكترونية المحتوى غير القانوني.

ـ تعزيز ولاية وكالة الاتحاد الأوروبي “يو ليزا” للإدارة التشغيلية لنظم تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع لمكافحة الدعاية المتطرفة.

ـ تطوير أدوات جديدة للكشف التلقائي وإزالة الدعاية المتطرفة.

ـ الضغط على شركات وسائل التواصل الاجتماعي لإجراء ما يلزم لمنع انتشار المواد الإرهابية على الإنترنت.

ـ تنفيذ سياسات أوروبية واعتماد ميثاق عمل أوروبي لمحاربة التطرف ومكافحة “داعش” على الإنترنت.

“مواجهة الفكر بالفكر”

“مواجهة الفكر بالفكر” شعار رفعته مؤسسة الأزهر في مصر عبر موقع إلكتروني يحمل اسم “مرصد الأزهر”، ويعمل على متابعة ورصد ما تصدره الجماعات الإرهابية والمتطرفة حول العالم من مقالات وفتاوى وفيديوهات، والرد عليها لمواجهة انتشار الأفكار التي تسيء للإسلام وتخدع آخرين فينضموا لتلك الجماعات، وهدفه رصد كل ما تبثه الجماعات المتطرفة من أفكار وكل ما يُكتب عن الإسلام والمسلمين بجميع اللغات”.

وفي هذا السياق، شددت جيسيكا سورس، مسؤولة سياسة مكافحة التطرف، مدينة فيلفورد على ضرورة الحاجة إلى رغبة سياسية لمنع التطرف بمختلف أشكاله مؤكدة على الأدوار التي تطلع بها المؤسسات جميعها، غير أنها ترى أن الوقت حان لتنسيق المؤسسات الأوروبية جهودها وتعالج قضايا الاندماج.

التحدي الذي تعيشه أوروبا وأجهزة استخباراتها، هو التغير في تكتيكات وخطط داعش باستهداف دول أوربا والغرب، وكأنه يتحرك على جغرافية واسعة يقوم بالمناورة والمبادلة في خططه وأسلوب ووسائل عمله بتنفيذ عمليات انتحارية إرهابية.

ما ينبغي على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن تدرك الدور الذي تقوم به هيئات المجتمع المدني والأعضاء الفاعلون ضمنه باعتبارهم جميعهم شركاء رئيسيين في مجابهة التطرف العنيف بدلا من أن يتم استخدامهم كوسيلة عابرة”.

فرغم تهديد عودة المقاتلين الأجانب إلى أوروبا يظل قائما، ويحتاج إلى رصد ومسك الحدود والمعابر الحدودية والمطارات، وفرض إجراءات أمنية مشددة على المسافرين، فإن دول أوروبا والغرب تعيش تهديدا من الداخل من قبل الجماعات المتأسلمة أو اليمين واليسار المتطرف والجماعات الراديكالية.

الاجتماعات من هذا النوع مفيد، رغم أنها تأتي مـتاخرة، والعودة لاعتماد مثل هذا النوع من اللقاءات، ربما يأتي من الفهم المتأخر إلى المفوضية الأوروبية ودول أوروبا والاتحادي الأوروبي، بأن الإرهاب أصبح محليا من الداخل.

*باحث في قضايا الإرهاب والاستخبارات*

ربما يعجبك أيضا