تحت عباءة الملالي.. إيران تغرق في بحر “الفساد المقدس”

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

لم تعد الخلافات السياسية وحدها تثير الانقسامات بين الأجنحة المعتدلة والمتشددة في إيران، فملف الفساد واحد من الملفات المسكوت عنها في زمن العقوبات لاعتبارات المصالح الاقتصادية.

ومع كل ملف تطفو تفاصيله على السطح يتكشف حجم تورط مسؤولين سابقين وآخرين حاليين في ملفات فساد كبرى حتى وصل الأمر إلى مدى تمكن الأمر من المؤسسة العسكرية التي لا تزال بعيدة عن المحاسبة في ملفات كهذه.

ملف دائم الحضور

الفساد الاقتصادي ملف دائم الحضور على مائدة كل الرؤساء والحكومات المتعاقبة في إيران، وتعود جذوره إلى مرحلة ما بعد الحرب العراقية الإيرانية والتي تعرف بـ “مرحلة البناء” زمن الرئيس الأسبق رفسنجاني، يومها فتحت الأسواق على الاقتصاد الحر ووقعت العقود مع الشركات العابرة للقارات بهدف إعادة بناء البلاد وإنعاش اقتصادها.

كل ذلك جرى دون آلية حقيقية للرقابة والمحاسبة، وهكذا بات الفساد والفاسدون جزءاً من الاقتصاد في مرحلة ما بعد الحرب.

مع مرحلة ما بعد الحرب وقدوم الرئيس أحمدي نجاد للسطة واشتداد العقوبات التي ضيقت الخناق على الاقتصاد عرفت البلاد ملفات في الصحافة باتت تعرف بأضخم قضايا الفساد والاختلاس في تاريخ إيران وذلك لأن الأولوية وقتها كانت للإلتفاف على العقوبات وليس للشفافية والمحاسبة.

بات الأمر أكثر خطورة عندما حاولت بعض الجهات في البلاد تسييس ملفات فساد لصالح تحقيق مكاسب سياسية والساحة الإيرانية تعج بأكثر من مثال.

خارج دائرة المحاسبة

الفساد في إيران يعدّ من المحظورات التي لا يجرؤ مسؤول في الحديث عنها مباشرة ولا حتى رئيس الدولة، حسن روحاني، الذي اكتفى بتناول هذا الملف بالتلميح لا التصريح.

فبحسب الرئيس الإيراني هناك جهاز فاسد في البلاد يعرقل الإنتاج والتطوير، والتلميح هنا بحسب خبراء إلى الحرس الثوري الذي بات يسيطر على العديد من مفاصل الدولة وأنشطتها الاقتصادية، ولا يخضع لرقابة فعلية ما يجعله نهباً لعمليات فساد مالية واسعة النطاق وبكلفة عالية.

روحاني لم يجرؤ أيضاً على انتقاد الأجهزة الرقابية بشكل مباشر، وليس وحده الذي يحاول السباحة ضد تيار الفساد هذا، إذ طالب وزير العدل الإيراني مصطفى بور محمدي بضرورة تشكيل جهاز جديد لمكافحة الفساد عن طريق دمج الهيئات المختلفة المكلفة بمحاربة الفساد لتجنب التضارب بينها.

بداية النهاية

اعتبر جوزيف ليبرمان، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي السابق، حملات الاعتقال والمتابعة القضائية والتهم المتبادلة بين الفاعلين في منظومة حكم الجمهورية الإسلامية مؤشراً مهماً على بداية النهاية لنظام الملالي.

فالنظام في إيران بات متوتراً جراء تراجع الدعم الشعبي، وما يحدث من انقسامات داخل النظام حالياً دليل على القلق داخل السلطة، وما استهداف الرئيس السابق أحمدي نجاد، سوى مجرد أسلوب لتحويل أنظار الشعب من السلطة الحقيقية إلى المعارضة على حد قوله.

وبحسب خبراء فإن المرحلة الحالية تبدو ملائمة لإحداث التغير الذي ينشده اللإيرانيون وغير الإيرانيين بفضل تطابق الرؤي في دول منطقة الشرق الأوسط، وكذلك السياسة الجديدة لإدارة الرئيس ترامب تجاه ايران.

لعبة المصالح هي إذن، فمن يتخيل أنه عندما كان الرئيس أحمدي نجاد في السلطة أن حكومته ستكون في قفص الاتهام لتهم تتعلق بالفساد والرشوة وهو الذي كان محسوبًا على أقرب المقربين من قائد الثورة “علي خامنئي”.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فمساعد نجاد الأبرز “حميد بقائي” يحتمي بالمزار الديني “شاه عبدالعظيم” هروبًا من القضاء الذي يصفه أنصار نجاد بـ”غير العادل” و”غير النزيه”!

ربما يعجبك أيضا