بلد الاغتصاب.. حكايات مأساوية لمن تعرضن للعنف في الكونغو

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

“لو نظرت لوجهي يمكنك أن ترى الرعب، وهذه واحدة من أعراض الاغتصاب، والتي يمكن ملاحظتها في كافة أنحاء جسدي”.. هكذا قالت الراحلة ريبكا ماسيكا، إحدى ضحايا الاغتصاب في جمهورية الكونغو، والتي كانت تحكي عن معاناتها بسبب تلك الجريمة، حيث احتلت جمهورية الكونغو، صدارة التصنيف كعاصمة الاغتصاب في العالم، وأسوأ مكان يمكن للمرأة أن تعيش فيه على كوكب الأرض.

“الاغتصاب ما هو إلا موت شخص ما زال على قيد الحياة”.. هكذا عبرت السيدة الكونغولية “جيانا موكونينوا” البالغة من العمر 28 عامًا، حيث ترى أن الاغتصاب سلاح أقوى من الرصاص والقنابل، فعلى الأقل الرصاص والقنابل تقتل وانتهى الأمر، إلا أن المغتصبة تعيش وسط مجتمعها منبوذة، وتعرضت موكونينوا إلى جريمة اغتصاب بشعة عام 2004، حين هاجمت مجموعة من الجنود قريتها، وراحو يقتلون ويعذبون الرجال، ثم اختطفوا النساء والفتيات، وكانت موكونينوا بينهن، تقول كان الجنود يربطون أرجل والنساء أيديهن في الأرض، ثم تناوبوا اغتصابهن، وعندما كانت إحدى الضحايا تفقد وعيها، كان الجنود يسكبون دلو مياه فوق رأسها لتظل مستيقظة طيلة فترة الاغتصاب.

“جوديث نيرانيزا”.. سيدة متزوجة تعرضت للاغتصاب إثر هجوم على قريتها في الكونغو عام 2007، وحدث حمل نتيجة هذا الحادث، فقرر زوجها فابين مويرا هجرها، وبعد ضغوط من عائلته عاد إليها، لكنه لم يستطع أن يخفي كرهه للرضيعة التي جاءت إلى الدنيا نتيجة تلك الجريمة، وعندما كانت تطلب منه نقودًا لإطعام الطفلة أو كسوتها، كان يقول لها: اطلبي من والدها الحقيقي.

وكذلك الحال مع أنوريت البالغة من العمر 16 سنة، في مدينة مينوفا الكونغولية والتي ودعت للتو فترة الطفولة، بعدما اغتصبها المتمردون عدة مرات خلال أربعة أشهر وقعت خلالها في الأسر لديهم، كما أنها تعاني من إصابات داخلية، وقالت: “لقد أخذونا إلى أحد الملاجئ، واللائي رفضن معاشرتهن كانوا يجبرونها على ذلك بالطعن بالسكاكين، كما أنهم قتلوا العديد من الفتيات”.

وطبقاً للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن الكونغو تشهد نحو 14 عملية اغتصاب يوميا، ومنذ العام 1996 تم رسميا إحصاء 200 ألف حالة اغتصاب جنسي، وسجلت أكثر من ثلث عمليات الاغتصاب في إقليمي شمال وجنوب كيفو في شرق الكونغو، حيث أدت إعمال العنف إلى نزوح 1.4 مليون شخص بينهم 100 ألف يقيمون في مخيمات تديرها مفوضية اللاجئين، كما سجلت أكثر من 4000 عملية اغتصاب في شرق الكونغو خلال عام 2009، بينما لم تتم إدانة إلا عدد قليل من المعتدين وهم غالبا من الجنود الحكوميين أو عناصر الميليشيات، وسجلت حكومة الكونغو انخفاض حالات الاغتصابات من 15 ألفًا في عام 2013 إلى 10 آلاف حالة بحلول 2014.

يصادف اليوم 25 نوفمبر اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، والذي يعد أحد الانتهاكات الأكثر انتشارًا واستمرارًا وتخريبًا لحقوق الإنسان، وحتى أيامنا هذه بحسب آخر تقارير الأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة، ويشير التقرير إلى أن عدم المساواة بين الجنسين لا يزال قائما في جميع أنحاء العالم.

وتعد جرائم الاغتصاب الجماعي خلال فترات الحروب من الظواهر المعروفة منذ قديم الأزل، لكن السكوت عنها حال دون توثيقها في سجلات التاريخ، حيث قدرت الأمم المتحدة عدد حالات الاغتصاب للنساء والأطفال خلال الصراعات الأخيرة في الكونغو بنحو مئتي ألف، وآلاف الحالات أيضًا في جنوب السودان، فتلك التقديرات لا تزال غير معبرة عن الواقع، ومعظم ضحايا الاغتصاب لا يتحدثون عن الواقعة، وكثير من المجتمعات يعتبر الاغتصاب وصمة عار تلتصق بالضحية.

أظهر مسح عالمي أجري عام 2011، أن الكونغو الديمقراطية ضمن أسوأ خمس دول في العالم للنساء بسبب عمليات الاغتصاب الوحشية التي تقع فيها، بينما كانت الدول الأخرى هي أفغانستان وباكستان والهند والصومال، ويعد اغتصاب النساء سلاحا فتاكا في أيدي المتمردين والقوات الحكومية على حد سواء فى جولات القتال، حيث يستغل كل طرف هذا السلاح أبشع استغلال كلما رجحت كفة الحرب لمصلحته.
https://www.youtube.com/watch?v=mgAt4Ja39lI
https://www.youtube.com/watch?v=hoCmq602NBs

ربما يعجبك أيضا