بعد دعوة روسيا للأكراد.. تركيا تنتفض ضد سوتشي

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بينما تؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أنها ستحمي قوات سورية الديموقراطية التي غالبيتها من المسلحين الأكراد من أي هجمات تشنها قوات النظام السوري، صرح أحد قادة وحدات الحماية الكردية التي تشكل جزءاً أساسياً من قوات سوريا الديموقراطية بأنه حصل من قادة عسكريين في موسكو على تطمينات بإشراك الإدارات الذاتية الكردية المعلنة من جانب واحد شمالي سوريا في محادثات سوتشي المقبلة التي ترعاها روسيا بشأن الملف السوري.

واقع تفرضه واشنطن وموسكو على كل من النظام السوري وتركيا، رغم معارضة شديدة من أنقرة لتلك المشاركة، حيث ما برح كبار المسؤولين الأتراك يرددون أنهم لن يسمحوا أبداً بأي تهديد من المسلحين الأكراد على حدودهم الجنوبية مهما كان الثمن.

شرط أنقرة الذي لم يتحقق !

يبدو أن ما يروج من أخبار بشأن دعوة روسيا لأكراد سوريا أثار غضب أنقرة فجاء ردها بحشد قواتها وأسلحتها الثقيلة على طول المنطقة الحدودية مع سوريا، إذ نشر الجيش التركي منظومة صواريخ دفاع جوي وأجهزة رادار بالقرب من عفرين شمالي سوريا الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردي.

القصة بدأت حينما أبلغ قادة أكراد من مسؤولين عسكريين روس أن الإدارات الذاتية الكردية ستدعى إلى مؤتمر الحوار الوطني السوري المرتقب في سوتشي.

موضوع ترفضه تركيا جملة وتفصيلاً، فأنقرة إحدى الأطراف الضامنة لوقف الأعمال القتالية في سوريا اشترطت إقصاء الوحدات وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من حضور المؤتمر.

شرط على ما يبدو لم تلتزم به روسيا، فارتأت نهجاً جديداً عدم توجيه دعوة رسمية إلى الفصائل العسكرية الكردية مقابل دعوة الإدارات الذاتية باعتبارها جزءاً من الجسم السياسي السوري.

خطوة لم ترق أنقرة وأغضبتها بالفعل فعززت قواتها العسكرية في منطقة عفرين.

توتر تركي – أمريكي

لم يمض على قرار البلدين – واشنطن وأنقرة – سوى 24 ساعة حتى أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وابلاً من الانتقادات اللاذعة لواشنطن وصلت حد اتهامها بـ”النفاق السياسي” وأنها دائماً تفعل غير ما تقول.

الراصدون لأسباب التوتر بين أنقرة وواشنطن يرجعون أسباب الخلاف إلى أمرين، حيث تزعم أنقرة أن الولايات المتحدة والغرب يدعمون ما يسمى بـ”وحدات حماية الشعب الكردي” المقاتلة في سوريا.

قوات تعتبرها أنقرة تهديداً حقيقياً لسلامة أراضيها بدعوى أنها تسعى إلى إنشاء كيان مستقل للأكراد، وهو ما يحفزّ أبناء جلدتهم في تركيا بأمر مماثل.

الأمر الثاني يتمثل في احتضان واشنطن للداعية فتح الله غولن المطلوب الأول في محاولة الانقلاب الفاشلة صيف 2016 والذي ترفض تسليمه لأنقرة حتى الآن.

إصرار واشنطن على إرسال المزيد من شحنات السلاح إلى وحدات الحماية الكردية حتى بعد القضاء تقريباً على داعش في سوريا يؤكد أن المشروع الأمريكي بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية أوسع وأبعد بكثير من مجرد محاربة داعش، فواشنطن تريد الوقوف إلى جانب شريكها المحلي وأن تحمي حصتها في المحادثات مع روسيا.

إذا كانت الولايات المتحدة تدعم الوحدات الكردية عسكرياً، فإن موسكو تقدم لها الدعم سياسياً، وبالنهاية فإن قوات سوريا الديمقراطية هي المستفيد الأول من هذا الدعم.

مفاجآت عسكرية

الرد التركي بتعزيزات عسكرية على طول المنطقة الحدودية مع سوريا يضع العديد من علامات الاستفهام والتساؤلات حول مدى إمكانية قيام أنقرة بمفاجأة عسكرية وفرض الأمر الواقع.

وبحسب مراقبين فإن العملية العسكرية في إدلب وعفرين تحتاج لمراجعة دقيقة ودراسة متأنية نظراً لأنها قد تطيح بالعلاقات التركية الروسية التي تم بناؤها بمشقة على مدار أشهر ماضية وربما تغضب الحليف الأمريكي.

لذا لا يستبعد المراقبون خيار أقرب إلى التنسيق السياسي في المواقف بين أطراف الأزمة.

بين الحماية الأمريكية والاعتراف الروسي لأكراد روسيا تبقى تركيا المتوجسة من إقامة كيان كردي على حدودها الجنوبي مع سوريا على استعداد تام لكل السيناريوهات وهو ما تأكد في تصعيد لهجة أنقرة تجاه مؤتمر سوتشي ومناوراته العسكرية في عفرين شمال حلب.

ربما يعجبك أيضا