بعد “العملية سيناء”.. تهديدات “داعش” الجوفاء تطال الانتخابات الرئاسية

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

بتهديد جديد، وعبارات جوفاء، حاول تنظيم “داعش” الإرهابي إعادة الطمأنينة إلى نفوس أنصاره الذين باتت مصائرهم محتومة على يد الجيش المصري في سيناء، بعد الإعلان عن العملية العسكرية الشاملة “سيناء 2018”.

جاءت هذه التهديدات خلال الإصدار المرئي الجديد الذي قامت بنشره ولاية التنظيم في سيناء، والذي تناول التحذير من المشاركة في الانتخابات الرئاسية المصرية -المزمع عقدها في نهاية شهر مارس القادم- مع إفراد مساحة لرثاء عمر إبراهيم الديب، أحد أعضاء التنظيم في سيناء، ونجل القيادي الإخواني الهارب في ماليزيا “إبراهيم الديب”، والذي قُتل في مواجهة مع قوات الأمن المصرية سبتمبرَ الماضي، إضافةً إلى تأكيد التنظيم على قتل كل من يتعاون مع أجهزة الدولة المصرية، متوعدًا بدحر القوات المشاركة في “العملية العسكرية الشاملة”.

“العملية سيناء” تربك مخططات التنظيم

في أقل من نصف دقيقة من هذا الإصدار، حاول التنظيم الإرهابي محو فكرة الارتباك التي انتابت عناصره بعد الإعلان عن العملية العسكرية “سيناء”، وذلك من خلال إقحام الحديث عنها في هذا الوقت الضئيل جدًّا، وكأنه لم يكن مخططًا لتناول تلك العملية، أو أن إعداده كان قبيل العملية الشاملة في سيناء، وأن الإصدار كان منصبًّا فقط على العملية الانتخابية والتحذير من الذهاب إلى صناديق الاقتراع.

وفي تحليل موضوعي لهذا الإصدار، فإن كل هذا يشير إلى أن التنظيم يحاول أن يظهر تماسكه، وقدرته على التنبؤ بالعمليات العسكرية التي يشنها عليه الجيش المصري بسيناء، ولكن الإصدار أظهر عكس ذلك، وأوضح أن هذه العمليات العسكرية شكلت مفاجأة للتنظيم لم يستطع عناصره التنبؤ بها، إضافة إلى أنه لا يملك مقاطع فيديو متعلقة -بتلك العملية- يمكن عرضها للرد على ما أعلنه الجيش من تصفية البؤر الإرهابية، الأمر الذي يؤكد أن عملية سيناء 2018 تؤتي ثمارها وتحقق خسائر فادحة للتنظيم؛ مما استدعاه إلى محاولة الرد عليها عبر إصدار جديد يتحدث عن الانتخابات الرئاسية.

الدواعش والإخوان.. اختلفت الطرق والإرهاب واحد

“اختلفت الطرق والإرهاب واحد”، جملة قصيرة أكدها هذا الإصدار المرئي، بعد أن أثبت أن داعش والإخوان وجهان لعملة واحدة، وأن كلًا منهما يصب في مصلحة الآخر يدعمه ويقويه، ولكن كل منهما بطريقته الخاصة واعتقاداته المختلفة.

وقد ظهر انتقاد تنظيم داعش الإرهابي للإخوان، في هذا الإصدار من باب ذر الرماد في العيون، فعلى الرغم من التأكيد الدائم والمتواصل لجماعة الإخوان المسلمين في مختلف المحافل المحلية والدولية بالتزامهم السلمية وبعدهم عن العنف والتكفير، إلا أن الإصدار أظهر عكس ذلك من خلال الحديث عن الإخواني الداعشي “عمر إبراهيم الديب” ابن القيادي الإخواني إبراهيم الديب، والذي أثبت الدواعش انضمامه بالفعل للتنظيم ومبايعته لخليفتهم “أبي بكر البغدادي”، وتكليفه بمهام تخريبية وإرهابية في سيناء والقاهرة، وهو ما تصدَّت له قوات الأمن والجيش واستطاعت قتله بعد تبادل لإطلاق النار مع الخلية التي كان يتبعها، ولكن الإخوان حينذاك قاموا بالمتاجرة بهذه القضية، باعتبار أن عمر شاب مصري تمت تصفيته ظلمًا من قبل الدولة المصرية، مما فجر سيلًا من الادعاءات الإخوانية بأنه مختطف من قبل قوات الأمن وتمت تصفيته بدم بارد.

“سيادة الشريعة”.. وتهديد أجهزة الدولة المصرية

تناول الإصدار أيضًا الحديث عن انتخابات الرئاسية المصرية، والتأكيد على أن هذه الانتخابات احتكام لغير الله وشرك به -على حد قولهم- وأن سيادة الشريعة وحكم الله لن يأتيا إلا من خلال “القتال”، قاصدًا أجهزة الدولة المصرية، وأن “طريق الشرك لا يأتي بالتوحيد أبدًا”، وأن “التمكين لا يأتي إلا بالجهاد والاستشهاد”، مؤكدًا على أن الانتخابات “هي الشرك الأكبر”، ومتوعدًا كل من يدلي بصوته أو يشارك في العملية الانتخابية.

هذا الإبراز لحديث القيادات المنتمية إلى التيار السلفي ليؤكد التنظيم أنه الوحيد الذي يثبت على آرائه ولا يحيد عن الحق – حسب وصفه.

وفي محاولة لإثبات الذات شن التنظيم الإرهابي حملة شعواء على بعض قيادات التيارات الدينية المصرية، ليثبت أنه الوحيد القادر على ثبات موقفه وآرائه وأنه لا يحيد عن الحق -حسب وصفه- لذلك استشهد في هذا الإصدار بأن الانتخابات “احتكام لغير الله وشرك به” من خلال آراء قديمة لقيادات سلفية أمثال ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، ومحمد عبد المقصود عضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، من حيث تقاطع أفكارهما السابقة عن الانتخابات، قبل أن يرجع كل منهما عن رأيه ويؤكد جواز الانتخابات الرئاسية وأنها لا حرمة فيها.

فشل التنظيم.. وتوقعات بمضاعفة الخسائر

وفي هذا السياق لفت مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة -التابع لدار الافتاء المصرية- إلى أن هذا الإصدار لفيديو “حماة الشريعة” يظهر انحسارًا كبيرًا في أعداد المقاتلين الذين تبنوا عمليات القتل الفردية في صفوف المجندين ومن يسمونهم “المتعاونين من أهالي سيناء” مع أجهزة الدولة المصرية.

كما أشار المرصد إلى أن هذا الإصدار أظهر اعتماد التنظيم بشكل رئيسي على المتفجرات الأرضية، والعمليات الانتحارية، بعد انحسار قوة التنظيم على المواجهة المباشرة مع القوات المسلحة المصرية والأجهزة الأمنية.

ومن ناحيته، وصف الخبير العسكري اللواء حمدي بخيت -في أحد التصريحات الصحافية- تهديدات التنظيم الإرهابي بالهراء، مؤكدًا على أنهم “لم يستطيعوا فعل أي شيء، وإلا كانوا فعلوا ذلك من قبل”، ومشيرًا إلى أن تأثير العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات المسلحة تظهر نتائجها على الأرض وستنتهي بانتهاء آخر فرد في تلك الجماعات.

كما أكد بخيت على أن “خسائر التنظيمات الإرهابية في الفترة المقبلة ستزيد، خاصة وأنه حتى الآن لم يعلن نتائج العملية العسكرية إلا في منطقة شمال سيناء فقط، ولم تظهر نتائج مناطق غرب النيل والدلتا حتى الآن”، لافتًا إلى أن البيانات التي تنشرها التنظيمات هي بمثابة محاولة لبث الرعب في نفوس المواطنين.

ومن جانبه قال العقيد محمود محي الدين: إن قيام العناصر التكفيرية بتهديد العملية الانتخابية أو تعطيل الحياة السياسية يأتي بهدف فرض مناخ سياسي اجتماعي محدد على الدولة المصرية من خلال استخدام العنف، مشيرًا إلى أن التهديد بغرض تحقيق هدف سياسي من شأنه إثبات وجودهم في ظل الفشل الكبير الذي تتعرض له هذه الجماعات وسط مواجهات الجيش والشرطة.

ربما يعجبك أيضا