ماذا وراء تلويح الدول الكبرى بملف “كيماوي الأسد” مجددا ؟

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

تصعيد كبير في تصريحات قادة الدول الكبرى والساسة الغربيين والإعلام العالمي، والتي تستهدف نظام الأسد وأركانه وسط تهديدات بشن حملة عسكرية ضده.

الإعلام الغربي يشارك في هذه الحملة وبثت فضائيات غربية مقاطع مرئية من قصف الأسد للغوطة بالكيماوي قبل سنوات، وكأن هذا الإعلام يقوم اليوم بتهيئة الرأي العام الغربي لـ”تحرك وشيك” ضد النظام.

فيما بدأت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في التحقيق باستخدام الغازات السامة في الغوطة الشرقية، بعدما تحدثت تقارير إعلامية وإغاثية ومن شهود عيان باستخدام قوات الأسد لقنابل الكلور هذا الشهر في غوطة ددمشق الشرقية.

وقال “زعماء سياسيون” -في فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، هذا الشهر- إنهم سيدعمون تحركا عسكريا ضد نظام الأسد إذا ظهر دليل على استخدام قواته لأسلحة كيماوية.

من جهته، أكد هيربيرت ماكماستر، مستشار الأمن القومي الأمريكي، إن الصور التي تأتي من سوريا تبيّن بوضوح “أن استخدام الأسد للأسلحة الكيمياوية مستمر”، مضيفاً أن الوقت قد حان “لأن تحمّل جميع الدول نظام الأسد ورعاته المسؤولية عن أعمالهم”.

كوريا الشمالية والأسد

ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريراً يقدم أدلة تثبت تورط كوريا الشمالية بمساعدة النظام من خلال تزويده بإمدادات يمكن استخدامها في إنتاج الأسلحة الكيماوية، وتشير الصحيفة، إلى أن هذه الإمدادات تشمل قرميد (بلاط) مقاوم للأسيد، بالإضافة إلى صمامات وموازين الحرارة، وفقا لمعدي التقرير.

وتأتي هذه الأدلة التي تربط كوريا الشمالية بالنظام، بعد اتهامات وجهتها الولايات المتحدة ودول أخرى للنظام باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، بما في ذلك الهجمات الأخيرة في الغوطة الشرقية والتي يبدو أن النظام استخدم فيها غاز الكلور.

وتعد مكونات الأسلحة الكيماوية المحتملة، جزءا مما لا يقل عن 40 شحنة لم يبلغ عنها من قبل كوريا الشمالية إلى سوريا بين عامي 2012 و2017، تشمل أجزاء لصواريخ بالستية ومواد أخرى محظورة، يمكن استخدامها لأغراض عسكرية ومدنية على حد سواء، وفقا للتقرير الذي لم يصدر بشكل رسمي بعد ولكن أطلعت عليه صحيفة “نيويورك تايمز”.

وبحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن هذا التعاون استمر خلال الحرب السورية، على الرغم من العقوبات الدولية، وأضاف التقرير أنه تم العثور على أدلة حاسمة على ذلك في يناير من عام 2017، عندما تم اعتراض سفينتين، تحملان بلاطا مقاوما للحامض يستخدم عادة في بناء مصانع الأسلحة الكيماوية، كانتا في البحر في طريقهما إلى النظام في سوريا.

الشحنات التي تم اعتراضها، كانت من بين خمس شحنات تم الاتفاق عليها في عقد بين شركة مملوكة للحكومة في سوريا وشركة كورية شمالية تعمل في تصدير الأسلحة، واستندت هذه النتائج جزئيا على الأقل، لنسخ من العقود التي قدمتها شركة الشحن، والتي تعرف باسم شركة “تشنغ تونغ للتجارة المحدودة”، ومقرها في الصين.

سنرد بقوة على “كيماوي سوريا”

وتعهد الرئيسان الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والأمريكي دونالد ترامب، بأنهما لن “يتسامحا مع الإفلات من العقاب” في أي استخدام آخر لأسلحة كيمياوية في سوريا، وذلك إثر اتصال هاتفي بينهما، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية.

وقال مكتب ماكرون -في بيان- إن الرئيس الفرنسي “شدد على أنه في حال إثبات استخدام أسلحة كيمياوية أدت إلى مقتل مدنيين فسيكون هناك رد حازم بالتنسيق مع حلفائنا الأمريكيين”.

كما اتفق الجانبان على العمل معاً لتطبيق وقف إطلاق النار في سوريا، وشددا على إتاحة المجال لدخول المساعدات الإنسانية للغوطة وإجلاء الجرحى.

التحرك الدولي

وكانت الولايات المتحدة قد طلبت، من مجلس الأمن الدولي، تشكيل لجنة جديدة للتحقيق في استخدام أسلحة كيمياوية في سوريا، بعد تقارير عن تعرض منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق لهجمات بغاز الكلور.

واجتمع دبلوماسيون في الأمم المتحدة، الخميس، للتباحث في مشروع القرار الأمريكي الذي قدمته البعثة الأميركية، الأربعاء بعيد أيام على إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان وطبيب أن طفلاً توفي، وأن 13 شخصاً على الأقل واجهوا صعوبات في التنفس في بلدة في الغوطة الشرقية بعدما تعرضت إلى قصف من قوات النظام.

ويدعو مشروع القرار الأميركي إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية تحت اسم “آلية التحقيق الأممية المستقلة” (يونيمي) تكون مدة تفويضها سنة واحدة ومهمتها “تحديد المسؤولين عن شن هجمات بالسلاح الكيمياوي في سوريا.

ولا يعتزم الفريق السفر إلى الغوطة لدواع أمنية لكنه سيجمع شهادات وصورا وتسجيلات فيديو وسيجري مقابلات مع خبراء طبيين. وكان مفتشو المنظمة تعرضوا لكمائن خلال زيارتين سابقتين لهم عامي 2013 و2014.

حددنا هويات مجرمي حرب سوريا

فيما قال الأمير زيد بن رعد، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إنه يجب إحالة ملف الانتهاكات في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى أن محاولات تعطيل العدالة وحماية المجرمين أمر مشين.

وأضاف المنسق الأممي أن الأمم المتحدة حددت هويات مرتكبي الجرائم في سوريا، ونعمل على إحالتهم إلى المحاكم.

وأضاف أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، والذي يجري مناقشة عاجلة بشأن الغوطة الشرقية بطلب من بريطانيا “ينبغي أن يحال نظام الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية”.

وتوصلت آلية تحقيق مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، شكلتها المنظمة الدولية لتحديد الجهة المسؤولة عن الهجمات بأسلحة كيماوية، في عام 2016 إلى أن قوات الحكومة السورية استخدمت غاز الكلور كسلاح كيماوي ثلاث مرات.
روسيا

من جهتها حذرت السفارة الروسية في واشنطن الولايات المتحدة من “وسواس” الاتهامات لنظام الأسد والتي لا تستند إلى أي دليل باستخدام الأسلحة الكيميائية كذريعة لتوجيه ضربات صاروخية إلى منشآت فيها.

الأيام القادمة ستبين لنا إن كانت تصريحات القادة الغربيين للاستهلاك المحلي والدولي، أم أن هذه التهديدات ستنفذ بالفعل على أرض الواقع، خصوصا أن التواطؤ الغربي مع نظام الأسد أصبح واضحا إلى الحد الذي أوصل صحيفة الغارديان البريطانية للقول: “لقد قمنا بتطعيم انفسنا ضد الخجل .. سوريا تشكل هزيمتنا الأخلاقية!”.

https://twitter.com/Damaskiagency/status/967852683523747842

ربما يعجبك أيضا