“من أجل الحياة”.. مسيرات وقودها الشباب

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

من طلاب باركلاند إلى الربيع العربي، نجد أن لدى المراهقين والشباب تاريخ في دفع التغيير الاجتماعي إلى الأمام، فعندما ننظر إلى الشباب المتحمسين من أي عصر سنجد محفزات رائعة للتغيير.

قادة مسيرة حياتنا هذا الأسبوع لا يختلفون، حيث نظم طلاب من باركلاند بولاية فلوريدا الأمريكية – الذين واجهوا إطلاق نار مأساوي في مدرستهم الثانوية في فبراير الماضي – مسيرات للمطالبة بتشريع السيطرة على السلاح ووضع حد لعمليات إطلاق النار في المدارس.

على الرغم من أن المراهقين قد أثاروا انتقادات من البعض، فقد أثنى عليهم آخرون لروحهم وتركيزهم وذكائهم، وحافظوا على رسالة واضحة وحشدوا أمة وحشدوا الدعم من المشاهير والسياسيين – حتى الرئيس السابق باراك أوباما والسيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما.

“في مسيرة من أجل حياتنا، شهدت بداية ثورة.. استفاقت صباح السبت 24 مارس لتغطية المسيرة المطالبة بتشديد قوانين حيازة السلاح في واشنطن مع 12 من زملائي، لم يمر وقت كثير لأعرف كيف عانى المجتمع الأمريكي جراء قوانين السلاح”، حسبما قالت الكاتبة ريبكا شنيد في مقال لها بصحيفة “الجارديان”.

ولفتت إلى أن المعاناة شملت كل المدن في أرجاء البلاد والمجتمعات على اختلاف أعمارهم وألوانهم ووضعهم الاقتصادي، وأردفت: “لمست بأن التغيير قادم”.

وأشارت ريبكا إلى أن إحدى الأمهات المشاركات في المسيرة أخبرتها بأنها نجت من حادثة إطلاق نار، إلا أن ابنتها لم تنجو للأسف”، وأضافت: “تحدثت مع طلاب عايشوا حوادث إطلاق نار مؤكدين لها أنهم يعيشون في حالة من الرعب الدائم جراء تجربتهم المريرة التي مروا بها”.

وختمت بالقول رأيت الملايين من الأشخاص يشاركون في هذه المسيرات، رأيت من ذكر أسماء 17 شخصًا قتلوا في بلدته و26 في نيوتاون و32 في فرجينيا و13 في كولومبيا، كما رأيت لافتة كتب عليها “من التالي؟”.

لكن هذه المسيرات ليست الوحيدة، فهؤلاء الطلاب هم أحدث حلقة في سلسلة طويلة من النشطاء الشباب في طليعة التغيير الاجتماعي في جميع أنحاء العالم.

فيما يلي خمس حركات أخرى نظمت من قبل المتظاهرين الشباب.

حرب فيتنام

تم إعداد أكثر من مليوني شاب في الجيش الأمريكي خلال حرب فيتنام، وكان الشباب في مقدمة الاحتجاجات ضد الصراع، وبدأت الحركة الطلابية التي ساعدت في تحويل الرأي العام الأمريكي ضد الحرب في أوائل الستينيات مع نشطاء شبان من حركة الحقوق المدنية ومقاومة الجناح اليساري للحرب الباردة.

في جميع أنحاء الولايات المتحدة، قام الطلاب بمسيرات ونظموا اعتصامات وتحركوا ضد الحرب، وأدت الاحتجاجات إلى إثارة وتقسيم الرأي العام الأمريكي، الذي ناقش ما إذا كان ينبغي السماح للطلاب بالاحتجاج أو التوقف، وفي مظاهرات وقعت في جامعة كنت في 4 مايو 1970، قتل طلاب غير مسلحين، واختناق آخرين بالغاز المسيل للدموع الذي أطلقته الشرطة، واستهدف مكتب التحقيقات الفيدرالي أفراد من مجموعات مثل “الطلاب من أجل مجتمع ديمقراطي” وهي أحد أهم الحركات المناهضة للحرب.

قال مايكل س. أنسارا، الذي كان أحد قادة حركة ” SDS” في جامعة هارفارد: “كنا محقين في الحرب”، وقالت أنسارا لـ”لازلو بي. هيرويتز” في كريمزون: “لقد فهمنا أننا سنثير رد فعل، وأن ذلك سيتيح لنا فرصة للمناقشة والحوار، فلن تحصل على نقاش من خلال كونك مهذبًا”.

مظاهرات “تيانانمن” بالصين

“أنا أحسد الحرية التي يستمتع بها طلابي هنا”، تقول روينا هي، أستاذة مساعدة التاريخ في كلية سانت مايكل في فيرمونت ومؤلفة كتاب “منفذي تيانانمن.. أصوات الكفاح من أجل الديمقراطية في الصين”.

وقعت مظاهرات ساحة تيانانمن، بين 15 أبريل 1989 و4 يونيو 1989، وتمركزت في ساحة تيانانمن في بكين التي كانت محتلة من قبل طلاب جامعيين طالبوا بالديمقراطية والإصلاح.

يقول مواطن صيني في عام 1989: “عندما كنت في سن المراهقة، خرج الملايين منا إلى الشوارع في المدن في جميع أنحاء بلدي مطالبين بالحقوق الأساسية التي يتلقاها الطلاب الأمريكيون، وغالباً ما يعتبرونها أمراً مفروغاً منه”، وفقًا لـ”ناشيونال جيوجرافيك”.

الحركة التي اشتهرت عالميا بسبب العنف في ميدان تيانانمين، اجتاحت الصين حيث طالب الشباب بإصلاحات ديمقراطية وتحرير اقتصادي في مواجهة المحسوبية والتراجع الاقتصادي، خرج مئات الآلاف من النشطاء وكان العديد منهم من طلاب الجامعات إلى الشوارع حاملين لافتات وخطب وأغاني.

وفي 4 يونيو 1989، اتخذت الاحتجاجات منعطفا مروعا عندما نزل الآلاف من الجنود في ميدان تيانانمين، وفتحوا النار على الطلاب غير المسلحين وسحقت الحركة بالدبابات والبنادق، ولا يزال عدد الضحايا غير معروف.

لم تعترف الصين رسميًا بالمجزرة ولا تزال تمارس الرقابة على المعلومات والمحادثات حول الحركة بعد مرور ثلاثة عقود على حملة القمع، ويقول المواطن الصيني: “مازلنا غير قادرين على تحقيق العدالة لمئات من أرواح الشباب التي دمرتها المدافع والدبابات، وما زلت أنا وزملاء آخرون نخشى الانتقام من الحزب الشيوعي الصيني”.

الربيع العربي

بالنسبة للبعض، يجسد تويتر وفيس بوك الصورة النمطية لشاب مهووس بالهواتف الذكية، لكن خلال ربيع عام 2010، ساعدت وسائل التواصل الاجتماعية الشباب على تنظيم ثورة غير مسبوقة بدأت في تونس وانتشرت في مصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين وغيرها من دول الشرق الأوسط.

بعد إحباطهم من الفساد، والمخاوف الاقتصادية، وشارك الشباب في موجة من الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي حولت الساحات العامة مثل ميدان التحرير في القاهرة إلى مواقع النضال، واندلعت المظاهرات بوفاة بائع متجول شاب تونسي أضرم النار في نفسه بعد أن صادر ضابط شرطة سيارته.

لم يكن الناشطون الشباب هم الأشخاص الوحيدون الذين شاركوا في المظاهرات، التي دمرت العالم العربي منذ أكثر من عام، تغذت في صراعات مستمرة مثل الحرب الأهلية السورية، وأسفرت عن الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك، ورؤساء آخرين.

ومع ذلك، يعتقد المحللون مثل M. Chloe Mulderig من جامعة بوسطن، أن الربيع العربي “لم يكن ليحدث بدون الدفع الأيديولوجي والعددي لكتلة ضخمة من الشباب الغاضبين”.

ربما يعجبك أيضا