الانتخابات اللبنانية.. سجالات لا تنتهي

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد 

يعقد لبنان أول انتخابات برلمانية منذ تسع سنوات، بعد أن أرجأ البرلمان الانتخابات عدة مرات.

وكان مقررًا أن تنتهي فترة مجلس النواب في 2013، لكن المشرعين وافقوا على تمديدات عدة منذ ذلك الحين، آخرها في يونيو الماضي لمدة 11 شهرًا، خصوصًا مع العواصف السياسية التي تعرضت لها البلاد ، خصوصا مع هيمنة مليشيات حزب الله اللبنانية على المشهد والقرار في لبنان، وتدخلها السافر في الأراضي السورية، ومشاركتها في عمليات قتل الشعب السوري، بل والافتخار بذلك.

وقد ارتفعت حدة السجالات الانتخابية وتبادل الاتهامات، بل والاشتباكات بين القوى السياسية المتصارعة من أجل الفوز بمقاعد أكثر في البرلمان المقبل.

وهذه هي  المرة الأولى بتاريخ لبنان التي سمح فيها للمقيمين خارج البلاد بالتصويت، كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها احتساب الأصوات على مبدأ “النسبية” وليس “الأكثرية”.

تصويت اللبنانيين المقيمين داخل البلاد سيتم في 6 أيار/مايو المقبل لاختيار 128 نائباً يمثلونهم في البرلمان الجديد.

ويقول الكاتب السياسي أمين قمورية إن الانتخابات المقبلة تكتسب أهمية خاصة لكونها ستحدد أحجام القوى السياسية، ورأى أن من أهم نتائجها أنها ستلغي الانقسام السياسي القائم بين فريقي 8 و14 آذار، كما استبعد حصول أي مفاجآت لأن النتائج شبه محسومة منذ إقرار قانون الانتخابات الحالي.

التوريث السياسي

وتدار السياسة في لبنان من عائلات كبيرة كآل الحريري وآل جنبلاط وآل فرنجية وآل كرامي وآل الأسعد وآل إرسلان، الذين كان لهم تمثيل سياسي شبه دائم في المجالس النيابية السابقة.

ويشارك في انتخابات هذا العام العشرات من أبناء الشخصيات السياسية المعروفة في لبنان، أبرزهم سعد الحريري (ابن رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري)، وبهية الحريري (شقيقة رفيق الحريري)، وطلال أرسلان (ابن الوزير السابق مجيد أرسلان)، وطوني فرنجية (ابن النائب سليمان فرنجيه).

وتضم الوجوه كلا من تيمور جنبلاط (ابن رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط)، وفيصل كرامي (ابن رئيس الوزراء الأسبق عمر كرامي)، وعلي صبري حمادة (ابن رئيس مجلس النواب الأسبق صبري حمادة)، وأحمد الأسعد (ابن رئيس مجلس النواب الأسبق كامل الأسعد).

وتضم الانتخابات الحالية أيضا جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية)، وشامل روكز (صهر رئيس الجمهورية كذلك)، وأسامة سعد (ابن النائب السابق معروف سعد)، وميشال تويني (ابنة النائب السابق جبران تويني) واللائحة تطول.

“بلطجة” ميليشيات “حزب الله”

في إطار سياسة تكميم الأفواه التي تنتهجها ميليشيات حزب الله في لبنان، اعتدى أربعون شاباً ينتمون إلى الحزب على المرشح عن لائحة “شبعنا حكي” الصحفي علي الأمين في بلدته “شقرا”اعتداء سافرًا ومهينًا على مرشح انتخابات مفترض أن تكون “ديمقراطية”، وذلك أثناء نزوله لمشاركة شباب حملته الانتخابية في تعليق اللافتات والصور.

الأمين قال بصوت خافت: “هؤلاء مجموعة من الشبيحة الذين اعتدنا عليهم. هم عناصر من حزب الله يستقوون بالسلاح لمصادرة كل من يقول رأيا مختلفا”.

واعتبر الأمين أن حزب الله “يفوز بسلاحه وبضغطه على الناس” قائلًا: “لا أحد يقوم بحمايتنا”.

فالميليشيات لا تطبق سوى قانونها الخاص وأجندتها التي تخدم مصالح من يحركها داخل لبنان، يظهر ذلك جلياً مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في البلاد.

“دغدغة عظام من يعارض” هكذا تواجه ميليشيات حزب الله معارضيها في الانتخابات النيابية فيتحول السلاح بيدها إلى لغة للتعامل مع المعارضين لها.

هذه الوقائع  ليست الأولى من نوعها، وربما لن تكون الأخيرة طالما بقيت هذه الميليشيات دون رادع.

 في وقت سابق اندلعت ميليشيات بين مقاتلين من “حزب الله” وأنصار المرشح يحيى شمص على لائحة ” الإنماء والكرامة ” في مدينة بعلبك، كما لفقت الميليشيات تهماً وحاولت اغتيال عباس الجوهري رجل الدين المعروف والمنافس المناوئ لها في الدائرة ذاتها.

تدخلات الحزب في دول الجوار لا سيما في سوريا ساهمت بشكل كبير في سقوط قناع المقاومة الذي طالما ارتداه الحزب لحشد قاعدة شعبية في لبنان وخارجها.

كذلك يقول معارضون للحزب إن المساعدات الاجتماعية التي كان يقدمها انخفضت بشكل كبير في السنوات الأخيرة بسبب توجيه الأموال إلى الحرب في سوريا واليمن وغيرها ما أدى إلى انحسار شعبيته.

هيئة علماء المسلمين

فيما طالبت هيئة علماء المسلمين في لبنان بيانا توضح فيه ما يعانيه لبنان والطائفة الاسلامية واختيار من يحملون لواء الدفاع عن حقوق هذه الطائفة وقيمها في لبنان.

وقالت في بيانها: “أمانة الاختيار تلزم الاقتراع الواعي دفاعًا عن الحق ودفعاً للباطل، فإما تجلب به مصلحة شرعية أو تدفع به مفسدة أو مفاسد؛ ودفع المفاسد مقدمٌ  حتى لا يصل الفاسد والحاقد وحامل لواء الإفساد والافتراء والحرب على الإسلام والمسلمين”.

وتابعت: “إن بلدنا لبنان يعاني، وطائفتنا الإسلامية تعاني -ومعنا كثير من المتضررين من شركائنا في الوطن- من سطوة الفاسدين؛ والمتغربين؛ وعملاء السفارات؛ والحاقدين على التلاحم والأمن والإيمان والأسرة والقيم، لذا فلا بد من اختيارٍ يرضي الله ويريح الضمير، اختيار من يدافع عن العدل والأسرة والمرأة المسلمة والقضاء الشرعي والمحاكم الشرعية وعطلة الجمعة واللغة والهوية والحقوق والثوابت والمكتسبات، ويقف في وجه مزيد من التنازلات ويسعى في سعادة أهلنا ومستقبل أبنائنا.
   

ربما يعجبك أيضا