الجامع الأزهر.. 1078 عامًا من “الثورة” والعلم والعمل

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – في وسط العاصمة المصرية القاهرة، شيدت تحفة معمارية قبل 1078 عامًا، لتكون شاهدة على التاريخ، وحصن الدفاع الأول عن الأمة الإسلامية، والمدافعة الحقيقية عن قضايا أبنائها، وحجرًا صامدًا لمواجهة ما يحاك بها من متغيرات حاولت العبث بمقدراتها، ومنارة للعلم يستسقى منها القاصي والداني ما شاء من شتى العلوم، إنه الجامع الأزهر الشاهد على التاريخ والمعلم وحارس الدين الإسلامي الأول.

الجامع الأزهر وجامعته، اكتسبا مكانة كبيرة على مر تاريخهما، وتعد جامعة الأزهر الأقدم في المنطقة بعد جامعة القرويين، والأولى في العالم الإسلامي لدراسة المذهب السني والشريعة، أو القانون الإسلامي، ويحتفل اليوم بمرور 1078 عاما على تأسيس الجامع والجامعة.

“بناء الأزهر”

بني الجامع الأزهرعام 972 ميلاديًا على يد جوهر الصقلي عندما تم فتح القاهرة 970 م، بأمر من أول الخلفاء الفاطميين في مصر المعز لدين الله، على مساحة تصل إلى 6 آلاف متر مربع، تضم عشرة محاريب بقي منها ستة، و5 مآذن و8 أبواب ومنبر واحد، لنشر مذهب الشيعة الإسماعيلية، وليكون مركزا لها، ومقرا لنشر الدين والعلم في حلقات الدروس، إضافة إلى إنشاء مكتبة الأزهر الخاصة، وسمي وقتها جامع القاهرة، حيث كان يعتبر الجامع الرسمي للدولة الجديدة.

سرعان ما أصبح الأزهر مركزا للتعليم في العالم الإسلامي، وصدرت التصريحات الرسمية وجلسات المحكمة التي عقدت هناك، وخلال الحكم الفاطمي، أصبحت التعاليم السرية سابقا من المذهب الإسماعيلي (كلية القانون) متاحة لعامة الناس، وقد عين المعز القاضي النعمان بن محمد القاضي، مسؤولًا عن تدريس المذهب الإسماعيلي.

وخلال عيد الفطر عام 973، رُسِّمَ المسجد مسجدًا رسميًّا لصلاة الجماعة في القاهرة بأمر من الخليفة المعز وابنه عندما أصبح بدوره الخليفة، وجعلوا خطبة الجمعة خلال شهر رمضان في الأزهر.

ووُسِّع المسجد أثناء حكم الخليفة العزيز، حيث أمر بترميم أجزاء منه، واستكمل الترميم الخليفة التالي الحاكم بأمر الله من بعده، والذي واصل بناء مسجده ليفقد الأزهر مكانته ويصبح المسجد الجديد الذي شيد عام 1009 ميلاديا المسجد الرسمي للدولة، ليستعيد الأزهر مكانته بعد وفاة الحاكم، وقد نُفِّذَت إضافات وتجديدات على المسجد، و الكثير من التجديدات في عهد الخلفاء الفاطميين الذين أتوا من بعده.

“إهمال الأزهر”

وبعد سقوط الدولة الفاطمية، وبزوغ الدولة الأيوبية، أهمل المسجد حيث كان صلاح الدين الأيوبي الذي أطاح بالفاطميبن عام 1171 معادياً لمبادئ التعاليم الشيعية التي طرحت في الأزهر أثناء الخلافة الفاطمية.

وعانى المسجد ومركز التدريس، كما تعرضت مكتبة الأزهر التي كانت مجهزة بشكل جيد للإهمال، ودمرت مخطوطات تعاليم الفاطمية التي عقدت في الأزهر، كما شجع الأيوبيون تدريس الفقه السني في المدارس المعانة، التي بنيت في جميع أنحاء القاهرة، وسُحِبَ تمويل الطلاب، ولم تعد تعقد في المسجد، واضطر الأساتذة الذين قد ازدهروا في ظل الفاطميين إلى البحث عن وسائل أخرى لكسب عيشهم.

ورغم ذلك، بقي لأزهر مركز فقه اللغة العربية، ليعتمد في نهاية المطاف الإصلاحات التعليمية التي فرضها صلاح الدين على غرار نظام الهيئة التدريسية، قبل أن يسترد مكانته في عهد المماليك وتواصل الدولة العثمانية والجمهور التي أعلنت في عام 1952 اهتمامهما بالجامع الأزهر.

“لمحات تاريخية”

لعب الجامع الأزهر دورا كبيرا على مدار تاريخه في الحياة السياسية المصرية، فخلال الحملة الفرنسية على مصر حاول القائد نابليون بونابرت في كسب ود الشعب المصري من خلال الجامع الأزهر، حيث أنشأ نابليون ديوان يتكون من تسعة من شيوخ الأزهر المكلفين بإدارة القاهرة، كما سعى للحصول على فتوى من أئمة الأزهر، تنص بجواز الولاء لنابليون بموجب الشريعة الإسلامية، لكن بدون جدوى.

وباءت جهود نابليون للفوز على المصريين والعثمانيين بالفشل؛ وقد دنست القوات الفرنسية المسجد عمدا، ومشوا فيه بأحذيتهم والبنادق المعروضة،وقامت القوات بربط خيولها في المحراب ونهب الطلاب والمكتبات، ورموا نسخًا من القرآن على الأرض، ليفقد نابليون وقد فقد نابليون احترام وإعجاب المصريين، بعد أن كان يحظى باحترام كبير في مصر.

وساهم الأزهر في الفترات التي تلتها من فترة حكم محمد علي باشا وأسرته، وعقب ثورة يوليو عام 1952، كما ساهم الأزهر في تخريج الآلاف من العلماء والكتاب الذين كان شأن كبير في شتى العلوم، حيث خلال هذه الفترة تمت مراحل فصل الجامعة عن المسجد، وقد تم ضم الكثير من الممتلكات التي تحيط بالمسجد وهدمها لتوفير مساحة للحرم الحديث.

ربما يعجبك أيضا