السودان خارج قائمة الإرهاب.. هل تنتهي العزلة الدولية قريبًا؟

حسام السبكي

حسام السبكي

قرارٌ عربي، ينصف السودان، بعد سنوات من العقوبات الدولية، والأمريكية أيضًا، بعد وضعها على لائحة الإرهاب، بسبب مواقفها من الجماعات والفصائل العرقية المتناحرة في دارفور والنيل الأرزق وجنوب كردفان، إضافة لجنوب السودان، فضلًا عن جرائم الاتجار بالبشر، وغيرها من الاتهامات، التي دفعت السودان دفعًا نحو العزلة الدولية.

اليوم، قرر البرلمان العربي اتخاذ خطوات تنفيذية نحو رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ويسعى البرلمان للتواصل مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الشأن، بعد نجاح الجهود الدبلوماسية العربية في تخفيف العقوبات الاقتصادية.

 البرلمان العربي ينصف السودان

قررت الجامعة العربية، اليوم، من خلال “البرلمان العربي”، اتخاذ خطوات تنفيذية لرفع اسم جمهورية السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وذلك ضمن اجتماعها، الذي شهد حضور وفد سوداني رفيع المستوى برئاسة، أسامة فيصل، وزير الدولة في وزارة الخارجية جمهورية السودان.

وأعلن رئيس البرلمان العربي “مشعل بن فهم السلمي”، أن البرلمان لديه حاليًا خطة تنفيذية لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، ورفع القرار “الظالم كثيرًا” الواقع على السودان، بعد نجاح العلاقات الدبلوماسية العربية مع الولايات المتحدة، في رفع العقوبات التجارية.

وأكد “السلمي” أن السودان بلد محوري عربي وأفريقي، ومن أهم أدواره المميزة مؤخرًا، ما جرى من مفاوضات سلام ناجحة في جنوب السودان.

وأضاف رئيس البرلمان العربي، أن “الخطة التنفيذية هي خطة فاعلة لمخاطبة المؤسسات الأمريكية، وسيكون هناك جلسة نقاشية في الجامعة العربية، والخطة سوف يتم عرضها على البرلمان العربي للمصادقة عليها، لأن السودان لا يتحمل الكثير، ومن واجبنا أن نقف مع السودان لأن قضيته عادلة”.

وأوضح “السلمي”، إن الخطة تتضمن مخاطبة الكونجرس الأمريكي بما في ذلك رئيسا مجلس النواب والشيوخ وأعضاء ولجان الكونجرس، مشيرًا إلى أن وفدًا من البرلمان العربي سيقوم بزيارة للولايات المتحدة.

وقال السلمي إن هذه الخطة ليست “سرية” وستتم بالتنسيق مع الجامعة العربية، وبالشراكة مع البرلمان الأفريقي، وسوف يزور وفد من البرلمان العربي البرلمان الأفريقي لتصبح خطة مشتركة بين الجانبين.

الخرطوم ترحب

قوبل قرار البرلمان العربي باتخاذ خطوات إيجابية لرفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، بترحيب سوداني رفيع المستوى، حيث أكد السفير “أسامة فيصل”، وزير الدولة في الخارجية السودانية، أن اللجنة المختصة في البرلمان العربي لرفع السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب، بمثابة “دعوة صادقة من الأشقاء”.

وأشار “فيصل” إلى أنه تم الاتفاق على خطة يقوم بها البرلمان العربي من خلال علاقاته مع البرلمانات الدولية لحل الأزمة.

وعن تأثيرات التحركات الدبلوماسية على الوضع الاقتصادي المتأزم للسودان، أوضح “الفيصل”، أن هناك تدفقات استثمارية كبرى غير مسبوقة على السودان، وهناك خطة اقتصادية تواكب تلك التطورات، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بكل تأكيد سيساهم في تحسين البيئة لجذب المزيد.

مساومات أمريكية

على قدر سعي السودان للخروج من اللائحة الأمريكية للدول الراعية والداعمة للإرهاب، يرى عددٌ من الخبراء والمحللين في الخطوات الأمريكية نوعًا من المماطلة، ومطالبات بتنازلات لا نهائية تعرضها واشنطن من أجل “إذلال السودان” وإخضاعه للرغبة الأمريكية.

البداية من المحادثات السياسية، بين مسؤولي واشنطن والخرطوم، حيث أعلنت وزارة الخارجية السودانية، نهاية الأسبوع الماضي، أن وزيرها “الدرديري محمد أحمد”، يستعد للتوجه للولايات المتحدة خلال أيام، لاستئناف المرحلة الثانية من المباحثات بين البلدين، لتسوية بعض القضايا العالقة بين البلدين.

ويعول السودان على الجولة الجديدة من المحادثات، أن تحدث جديدًا، على صعيد الرفع الكامل للعقوبات الأمريكية، بما فيها الرفع من “لائحة الإرهاب”، بعدما انتهت الجولة السابقة بتخفيف الحظر الاقتصادي في شهر أكتوبر الماضي.

وتتمثل مرتكزات المتطلبات الأمريكية من السودان في مكافحة الإرهاب، ووقف دعم جيش الرب، وزعيمه “جوزيف كوني”، علاوة على دعم السلام في جنوب السودان، وتحقيق السلام في السودان، وفي الشأن الإنساني بالسماح بإيصال المساعدات الإنسانية لمناطق الحرب في جنوب كردفان، والنيل الأزرق، كما أضيف إليها ملفا العلاقة مع وكوريا الشمالية وحقوق الإنسان.

من جانبها، خطت السودان خطوات إيجابية، استجابة للمتطلبات الأمريكية، تمثلت في الإعلان عن قطع العلاقات العسكرية مع كوريا الشمالية بشكل نهائي، واستضافتها لمحادثات سلام دولة جنوب السودان وما أفضت إليه من اتفاق إعلان مبادئ يمهد لسلام دائم، فضلًا عن تحسن الوضع الأمني في إقليم دارفور غربي البلاد.

ورغم ذلك، يرى خبراء ومحللون أن فرصة رفع اسم “السودان” من “قائمة العقاب الأمريكية” بشكل كامل قريبًا، تبدو ضعيفة.

الإستجابة السودانية للمتطلبات الأمريكية، جاءت برد يعد إيجابيًا نوعًا ما، حيث حظى السودان مؤخرًا، بثلاث قرارات هامة، حيث أجرى مكتب مراقبة الأصول “أوفاك” التابع للخارجية الأمريكية تعديل العقوبات المفروضة على السودان بما يتيح التبادل التجاري ويسمح باستيراد منتجات من ضمنها مواد زراعية وأجهزة طبية.

وأزالت الأمم المتحدة السودان من قائمة الدول المجندة للأطفال والمنتهكة لحقوقهم في مناطق النزاع.

فيما رفعت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي عن مكافحة الاتجار بالبشر للعام 2018 تصنيف السودان من الفئة المنتهكة لمعايير المكافحة إلى الفئة الثانية “دول المراقبة”.

ووفقًا لـ “العين الإماراتية”، يرى “آدم محمد أحمد” أستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري السودانية، إنه على الرغم من الخطوات الإيجابية التي سلكتها الخرطوم، إلا أن مسألة رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب بحاجة إلى وقت.

ومثَّل “محمد أحمد” على ذلك بالقول، أن “قرار تخفيف العقوبات الصادر أكتوبر الماضي، جاء بعد 10 سنوات من التفاوض”.

وشدد “محمد أحمد”، أن مؤشرات كثيرة تدعم مساعي إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب، بينها رعاية سلام جنوب السودان، وقطع العلاقات مع كوريا الشمالية وقيادة صلاح قوش “رجل واشنطن” للمخابرات السودانية، وتطبيع الخرطوم مع حلف إقليمي مساند للولايات المتحدة الأمريكية.

بينما لا تزال هناك مطلوبات أمريكية عالقة برأيه، تتمثل في اضطراب الأوضاع الأمنية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وأجزاء من إقليم دارفور، بالاضافة إلى تراجع ملف حقوق الإنسان وعدم حدوث التحول الديمقراطي، فهي جميعها اشتراطات أمريكية ستأخر صدور قرار برفع السودان من قائمة الإرهاب.

أما ” أسامة بابكر”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم، فيرى أن المتطلبات الأمريكية لا سقف لها، وبالتالي ربما تطلب المزيد من الخرطوم للقيام به من أجل رفع كلي للعقوبات، وقال :”هذا الشيء سيأخر قرار إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب”.

فيما طالب “حاج حمد” المحلل السياسي السوداني، سلطات بلاده، من تغيير نهجها في التعامل في هذا الملف مع الإدارة الأمريكية، والانتقال من موقعها كتابع إلى شريك يمتلك أوراقا وكروت ضغط.

وأضاف “حاج حمد”، “ينبغي على الحكومة السودانية ممارسة السيادة وإقرار مبدأ التعامل بالمثل مع أمريكا إن أرادت الخروج من لائحة الإرهاب، أما الاستمرار على هذا النهج سيجعلها تنتظر طويلاً ما تتمناه”.

ونصح بضرورة العمل مع اللوبيات الصهيونية والتكتلات المتعاطفة مع إقليم دارفور من أجل إكمال رفع العقوبات كلياً.

ربما يعجبك أيضا