اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب .. خطوة تسعى وراءها الحكومة ويقلق منها المتشددون في إيران

يوسف بنده

رؤية

أعلن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، علي نجفي خوشرودي، أن البرلمان سيقرر -اليوم الأحد- بشان لائحة انضمام إيران لاتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (CFT)، مع وضع شروط أكثر اتساقاً ووفقاً للقانون الدولي.

وأضاف علي نجفي خوشرودي، أمس السبت، أن القرار النهائي بشأن مشروع القانون سيتخذه النواب في جلسة علنية تعقد اليوم الأحد.

وأكد، أن اجتماع لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، عقد يوم الثلاثاء الماضي حول مراجعة مشروع القانون، وذلك إثر جلسة رئيس البرلمان ووزيري الأمن والشؤون الخارجية، وأن اللجنة وصلت بعد البحث والدراسة إلى حصيلة نهائية لوجهات النظر حول لائحة انضمام الجمهورية الإسلامية لاتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب، بحضور مندوبي مختلف المؤسسات.

ووصف نجفي خوشرودي، أجواء البرلمان لتمرير مشروع القانون، بالإيجابي، مضيفا أن المجلس سيصوت وبالأغلبية على لائحة انضمام إيران لاتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (CFT).

وهاجمت الصحف الإيرانية الموالية للمحافظين اليوم مساعي الحكومة لإقرار هذه الاتفاقية، وقد اعتبرت كل من صحيفة “إيرانيان” و”كيهان” أن تلك الاتفاقية ستساعد أمريكا على تطبيق عقوباتها وتشديدها على إيران. وحذرتا من أن الانضمام لهذه الاتفاقية يهدد الاقتصاد الإيراني. الذي يعتبره المحافظون قد تضرر كثيرًا من الاتفاق النووي.

وتعد لائحة انضمام إيران لاتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب (CFT)، إحدى اللوائح الأربعة ذات الصلة بمجموعة العمل المالي حيث صوت البرلمان الإيراني في يونيو/ حزيران الماضي على تجميد هذه اللائحة لإجراء المزيد من الفحص والدراسة من قبل السلطات الثلاث وغيرها من الأجهزة المعنية.

ومجموعة العملة الدولية (FATF) هي هيئة حكومية دولية، تتولى مهمة دراسة التقنيات واتجاهات الدول في غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتطوير السياسات المتعلقة بمكافحة هذه الأنشطة محليًا ودوليًا.

عودة بعد رفض

وقد فاجأ رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، الثلاثاء الماضي، النواب بإعادة النقاش حول قانون منع تمويل الإرهاب إلى الواجهة قبل أن يقر تعديلاً على مشروع قانون يفتح الباب لانضمام طهران إلى اتفاقية “مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف)”، إلا أنه منع الحكومة من التعاون مع الدول الأخرى في مجال مكافحة غسل الأموال.

وفاجأ رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني جميع النواب بإدراج نقاش مشروع انضمام إيران للاتفاقية على جدول أعمال البرلمان من دون إعلان مسبق.

وخضع البرلمان لمطالب ولضغوط مجلس صيانة الدستور بشأن تعديل بعض من فقرات المشروع السابق.

وأفادت وكالة “تسنيم”، نقلا عن لاريجاني بأن البرلمان سيرسل التعديل إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام.

ويشمل التعديل فقرات من قانون مكافحة غسل الأموال، وقانون الانضمام إلى اتفاقية مكافحة الجرائم المنظمة.

يأتي ذلك، بعد أقل من شهر على إعلان المجلس معارضة انضمام إيران.

ومنحت “مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف)” في يونيو (حزيران) الماضي مهلة 3 أشهر لإيران لتطبيق قوانين داخلية تتفق مع معايير المجموعة.

ويأتي تحرك البرلمان المفاجئ بعد مضي 3 أشهر على تصويت النواب بالموافقة على تعطيل النقاش لفترة شهرين نتيجة الخلافات الواسعة. وحظيت خطوة البرلمانيين بتأييد المرشد الإيراني علي خامنئي عندما طالب النواب بإقرار مشروعات داخلية تتفق مع المعايير الإيرانية لتعريف الإرهاب.

ولم تنجح مشاورات وزير الخارجية محمد جواد ظريف وفريق مساعديه في ثني البرلمان عن قراره.

وفسرت الخطوة حينذاك على أنها ضمن تنازلات قدمها لاريجاني للمحافظين بعدما صوتوا لبقائه في رئاسة البرلمان ضد منافسه الإصلاحي محمد رضا عارف المدعوم من كتلة روحاني.

وقال لاريجاني، الثلاثاء الماضي، عقب تصويت البرلمان إن مجلس تشخيص مصلحة النظام سيقرر ماذا كان سيعتمد القانون بعد تعديله أو بنسخته الأولى.

قلق المتشددين

وتعارض جهات مقربة من “الحرس الثوري” و”مؤسسة المرشد الإيراني” انضمام إيران. ويقول المحافظون: إن انضمام إيران من شأنه أن يؤثر على جهات متحالفة مع طهران في المنطقة.

ولا تكشف “مؤسسة المرشد” و”الحرس” عن مواردهما المالية ولا تخضع للمساءلة. وطالب روحاني في انتخابات 2017 مؤسسات عسكرية وأخرى خاضعة لصلاحيات المرشد بدفع الضرائب. وتتبادل أطراف كثيرة في إيران الاتهامات بشأن غياب الشفافية المالية. وتقول الحكومة إن غياب الشفافية من بين أسباب تدهور الوضع الاقتصادي.

وتقول أطراف من “مجموعة مراقبة العمل المالي (فاتف)”: إن “طهران تماطل في الانضمام إلى الاتفاقية” وتطالب تلك الدول بتشديد الإجراءات على الحركة المالية الإيرانية.

وانتقد عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، حسين نقوي حسيني التحرك “المفاجئ” لرئيس البرلمان، وقال: “مساعي لاريجاني لإثارة النقاش وإقرار انضمام إيران لاتفاقية (فاتف) مثير للاستغراب”، مشيرا إلى أن رؤساء اللجان البرلمانية يعقدون اجتماعا لبحث النقاش حول انضمام إيران.

وقال نقوي حسيني إن نواب كتلة “الولاية” التي تعد خيمة النواب المحافظين، “تعارض بشدة انضمام إيران في ظل الظروف الحالية ولا تراه في مصلحة البلد”.

وكان ظريف قد دعا الأسبوع الماضي لانضمام إيران إلى الاتفاقية، مشيرا إلى أنه “لن ينهي مشكلات الاقتصاد الإيراني، لكنه يسحب ذريعة الأعداء”.

ونقلت وكالة “إيسنا” الحكومية عن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية حشمت الله فلاحت بيشه، أن البرلمان سيعقد اجتماعا الأسبوع المقبل لبحث مشروع القانون.

رسائل تهديد

وقبل أيام، كشف عضو البرلمان الإيراني عن التيار الإصلاحي “محمود صادقي”، الإثنين الماضي، عن تلقي مجموعة من النواب رسائل تهديد نصية عبر هواتفهم تحذرهم من التصويت على انضمام إيران إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب المعروفة بـ”FATF”.

وقال النائب صادقي -في تغريدة عبر حسابه الرسمي على “تويتر”- “مرة أخرى وخلال بضعة أيام تلقت مجموعة من النواب سيلًا من الرسائل النصية القصيرة تحمل تهديدًا من التصويت على اتفاقية غسيل الأموال”.

وأضاف، إن “مضمون العديد من الرسائل النصية، هو أنهم لا يهتمون بإعادة العقوبات مرة أخرى”.

وبدأت تتعالى أصوات العديد من النواب الإيرانيين بضرورة عدم تمرير هذه الاتفاقية على الرغم من سماح المرشد علي خامنئي الأسبوع الماضي للبرلمان بحرية التصويت، بعدما دعا في الـ20 من يونيو/ حزيران الماضي برلمان بلاده، إلى عدم تمرير انضمام إيران إلى المعاهدة الدولية، الأمر الذي دفع البرلمان إلى تأجيل مناقشتها لمدة شهرين.

بدوره، قال عضو لجنة الأمن القومي البرلمانية النائب “ولي الله بانواكذاري” -لوكالة أنباء “فارس نيوز”، الإثنين- إنه “لا يوجد ضمان لتحسين العلاقات المصرفية في حالة الموافقة على الاتفاقية الدولية المتعلقة بالعمل المالي”.

وأشار النائب الإيراني إلى أنه في حال تم تمرير هذه الاتفاقية في البرلمان فإن مجموعة العمل المالي الدولي سترضخ بالتالي إلى العقوبات الأمريكية الأحادية، وبالتالي لا نستفيد من هذه الاتفاقية في تحسين العلاقات المصرفية والتبادل المالي.

ويضغط نواب التيار المتشدد لعدم تمرير هذه الإتفاقية وتأجيل مناقشتها، رغم وجود رغبة لدى حكومة الرئيس حسن روحاني بالتصويت لصالحها.

من أجل الاستثمارات الأجنبية

وتسعى الحكومة الإيرانية بقيادة الرئيس روحاني للانضمام إلى هذه الاتفاقية من أجل كسب ثقة القوى الغربية، التي وعدت بتقديم آليات اقتصادية تساعد إيران وأوروبا على تخطي العقوبات الأمريكية بشكل قانوني.

وقد حذّر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني “حشمت الله فلاحت بيشه”، من عزوف البنوك الروسية من التعامل مع إيران، في حال عدم التصديق على معاهدة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال (FATF).

وأوضح -خلال حديثه مع وكالة أنباء الطلبة الإيرانية “ايسنا”، اليوم الأحد- أن “البرلمان عقد أمس السبت جلسة خاصة بلجنة الأمن القومي، لمناقشة اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب بحضور رئيس البرلمان ووزراء الخارجية والأمن”.

واعتبر البرلماني الإيراني، استمرار إيران في عدم تصديقها على معاهدة (FATF)، بأنه “سيتسبب في انسحاب مشروعات واستثمارات من البلاد”.

ويرى القائمون على المؤسسات الاقتصادية للحرس الثوري، أنّ انصياع الحكومة الإيرانية لمجموعة (FATF) وتصديقها عليها، سيؤدي إلى بروز شفافية التحركات المالية للحكومة.

وحذّر اقتصاديو الحرس الثوري، من أنّ “أنشطة الحرس الاقتصادية وشركاته التجارية ستتعرض لخسائر وأضرار مادية في حال قبول هذه اللائحة، لا سيَّما مع العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على شركات وبنوك الحرس الثوري”.

ربما يعجبك أيضا