ميركل.. اتفاقات ثنائية لمواجهة الأزمات التي تعصف بمستقبلها السياسي

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد
 
خسرت المستشارة الألمانية ميركل ذلك “الوهج” بعد الانتخابات العامة في سبتمبر 2017، وتدنت شعبيتها، مما دفعها إلى أن تقدم الكثير من التنازلات إلى خصومها السياسيين من أجل تشكيل الائتلاف الحاكم، والذي ولد أصلا ميتا، وفق رأي الكثير من الخبراء، فلم تعد ميركل قادرة إلى لعب دور المنقذ إلى الاتحاد الأوروبي، الذي تعصف به جملة مشاكل من الداخل.
 
اعترفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن الخلاف الذي شهده الائتلاف الحاكم بشأن تشديد سياسة اللجوء أدى إلى تزايد السأم السياسي، وأنها ترى أن الاتفاق على سياسة لجوء أوروبية مشتركة ضرورى للحفاظ على تماسك الاتحاد الأوروبي، وأعربت عن قلقها إزاء تنامي صعود اليمين المتطرف الذي حقق نتيجة تاريخية في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
 

أبرز اجتماعات ميركل مع دول الاتحاد الأوروبي

استقبل رئيس الوزراء الإسباني “بيدرو سانشيز” المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” في أغسطس 2018، وأكدت أن بلادها تدعم جهود إسبانيا الرامية إلى تقليص التدفق المتزايد للمهاجرين من المغرب عبر البحر المتوسط إلى أوروبا، مضيفة أن إسبانيا تضطلع بالمسؤولية الرئيسية في المحادثات مع المغرب في هذا الشأن، والتي تتعلق بتعاون “أمين” مع إفريقيا في إعادة طالبي اللجوء المرفوضين.
 
أعلنت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” -في يونيو 2018عقب اختتام مشاركتها بقمة بروكسل- أن نتائج القمة الأوروبية في بروكسل تفي بمطالب الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، التي أثارت النزاع حول ملف اللجوء، وأنه “خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح”، وأضافت “يجب أن أقول إن هناك تقدما ملموسا، لكننا لم نصل بعد إلى نهاية السبيل”.
 
وأكدت المستشارة الألمانية على أهمية العمل مع مشغلي شبكة الإنترنت لمكافحة انتشار الأفكار المتطرفة والمواقع التي تروج لها، كون الإرهاب الدولي تهديدا للجميع، وضرورة العمل على التنسيق وتبادل المعلومات وتجفيف منابع تمويل الإرهاب.
 
وأوضحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الدنماركي “لارس لوك راسموسن” في أبريل 2018 بالعاصمة برلين، أن ألمانيا لن تنضم إلى أي ضربات عسكرية ضد الحكومة السورية، وتابعت “لكننا ندعم كل ما يتم القيام به لإظهار أن استخدام الأسلحة الكيميائية غير مقبول.
 
أجرت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” مع نظيرها النمساوي “زباستيان كورتس” في فبراير 2018 محادثات حول سياسة اللجوء، ووإيجاد حلول لإصلاح الاتحاد الأوروبي، وضع نظام تضامني مرن وتأسيس شرطة حرس حدود أوروبية فعالة ووضع نظام لجوء مشترك في أوروبا.
 
التقت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” في يناير 2018 بالرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” ودعا الزعيمان إلى تسريع وتيرة الإصلاحات، و إلى تقديم أفكار لتعزيز الاتحاد الأوروبي، وأعربت أن “ألمانيا وفرنسا يمكنهما ويجب عليهما سوية إيجاد حلول للكثير من الأسئلة”، و أنه يجب أن تكون منطقة اليورو طليعية فيما يتعلق بالمنافسة الدولية”.
 
 
ميركل: اتفاقيات ثنائية حول الهجرة وإعادة اللاجئين
 
زادت المستشارة الألمانية من جهودها لإعادة “لاجئي دبلن” إلى أول دولة أوروبية مسجلين فيها، ويعمل أكثر من (300) موظف في المكتب الاتحادي للهجرة على “حالات دبلن”، وكشف تقرير في سبتمبر 2018 أن عدد الأشخاص الذين تم إرجاعهم من ألمانيا إلى دول أوروبية أخرى أكثر من اللاجئين الذين تم استقبالهم، بفارق (450) شخصًا، وأن غالبية الأشخاص الذين تمّ إرجاعهم من ألمانيا إلى دول أوروبية أخرى كانوا من نيجيريا بنسبة (14.2%)، رحلت ألمانيا العام 2017 (23.966 ) شخصًا، وأُعيد معظمهم إلى ألبانيا وكوسوفو وصربيا وأرسل نحو (2300) إلى إيطاليا.
 
أبرمت ألمانيا اتفاقا مع إسبانيا في أغسطس 2018 حول إعادة المهاجرين الوافدين إلى الحدود الألمانية، وتكون إسبانيا مسؤولة عن النظر في طلب لجوئهم. وبهذا الاتفاق، تكون إسبانيا أول دولة في الاتحاد الأوروبي توقع اتفاقية لاستعادة اللاجئين، ويتعلق الاتفاق بإعادة المهاجرين الذين يتم توقيفهم عند الحدود الألمانية، ويتبين أن إسبانيا هي المختصة بالبت في طلبات لجوئهم. وبموجب هذا الاتفاق، سيجرى إعادة هؤلاء المهاجرين إلى إسبانيا في غضون (48) ساعة
 
توصلت ألمانيا لاتفاق مع اليونان لإعادة المهاجرين في أغسطس 2018، ويتيح هذا الاتفاق لألمانيا إعادة اللاجئين الموجودين على الحدود النمساوية الألمانية إلى اليونان، لتصبح اليونان ثاني دولة أوروبية توصلت ألمانيا معها إلى اتفاق خاص بإعادة اللاجئين إليها بعد إسبانيا.
 
وأحرزت المفاوضات بين حكومة المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” وإيطاليا تقدّمًا حول مسألة إعادة طالبي اللجوء، وأكد وزير الداخلية الإيطالي “ماتيو سالفيني” على أنّ بلاده تحرص خلال الاتفاقية مع ألمانيا على ألا تأوي مهاجرين أكثر مما لديها بالفعل. لكن ما زالت الشكوك تدور حول فاعلية هذه الأتفاقية امام نفي ايطاليا لتوقيع الاتفاقية.
 
أبرمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في يوليو 2018 اتفاقات مع 14 دولة في الاتحاد الأوروبي، لإعادة مهاجرين إليها من الأراضي الألمانية، وذكرت وكالة “رويترز”، استنادا إلى وثيقة أرسلتها المستشارة الألمانية”أنجيلا ميركل” إلى شركائها في الحكومة الألمانية، أن زعماء (14) دولة، أعلن بعضهم سابقا معارضتهم لسياسة زعيمة ألمانيا المنفتحة على اللاجئين، وافقوا على إعادة المهاجرين إلى أراضي تلك البلدان.
 
وأتفقت حكومة المستشارة الألمانية” أنجيلا ميركل” والحكومة النمساوية على تعزيز الإجراءات لمكافحة الجريمة والهجرة غير الشرعية في يناير 2018، عن طريق تكثيف نقاط التفتيش المشتركة على الحدود بينهما، مراقبة معبر برينر الحدودي، وتكثيف المراقبة على قطارات البضائع، لمنع الدخول غير الشرعي إلى البلاد عبر قطارات الشحن والحيلولة دون وقوع حوادث.
 

الخلاصة

إن الأزمة الأخيرة لميركل والائتلاف الحاكم جاءت على خلفية توترات قائمة في الحكومة الألمانية حول مسألة المهاجرين، التي يتخذ كل جزء من الائتلاف الحكومي موقفا منها، وبدأ الخلاف بين “ميركل” ووزير الداخلية، حين أراد زيهوفر أن يشدد سياسة اللجوء إلى ألمانيا، بحيث يتم منع اللاجئين من الدخول إلى ألمانيا وهو الأمر الذى تصدت له ميركل، ما جعل الخلاف يتصاعد، ونقطة الخلاف الرئيسية بين ميركل وزيهوفر ليست حول اللاجئين جميعا، بل “معاملة المهاجرين” الذين يصلون إلى ألمانيا لكنهم مسجلون في الأصل في دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.
 
الخلافات والتصدعات داخل الائتلاف الحكومي بزعامة ميركل، يشهد الكثير من التهديدات من الداخل، وما شهدته ألمانيا، حول موقف وزير الداخلية زيهوفر الداعم إلى مدير وكالة حماية الدستور، الاستخبارات الداخلية، و”إقالته” وترقيته بدرجة سكرتير دولة في وزارة الداخلية، ثم مستشار في الوزارة، يظهر حجم الخلافات ما بين ميركل وحليفها البافاري زيهوفر. هذ الخلافات الداخلية ممكن أن تضعف دور ميركل ودور ألمانيا دوليا وخاصة عندما يكون الحديث عن الاتحاد الأوروبي. فلم يعد الرهان كثيرا على ألمانيا في إنقاذ هذا الاتحاد وبدون شك هذا التراجع الألماني يرفع كفة باريس في قيادتها إلى الاتحاد الأوروبي.

ربما يعجبك أيضا