نقل السفارة الأسترالية إلى القدس.. قرار على طاولة موريسون “اليائس”

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

قال رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، اليوم الثلاثاء، إن بلاده منفتحة تجاه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها من تل أبيب إلى المدينة، في خطوة تخالف الإجماع الدولي عدا أمريكا – ترامب التي أعلنت منذ نحو عشرة أشهر اعترافها رسميا بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها إليها من تل أبيب، في خطوة أغضبت الحلفاء العرب والغربيين على حد سواء، بما فيهم أستراليا نفسها فماذا حدث؟.

أكد موريسون للبرلمان، أن على أستراليا التمسك بحل الدولتين مع تحدي الفكر الذي يقول إن قضايا مثل دراسة مسألة العاصمة تعد من المحرمات، مضيفا لم نتخذ قرارا فيما يتعلق بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة، لكن ما نقوله هو ببساطة إننا منفتحين على هذا المقترح، لا سيما وأن الأمور لا تسير على ما يرام، ولم يتحقق الكثير من التقدّم.

ردود أفعال
هذا الانفتاح شكل صدمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، إذ يخالف تماما موقف الحكومة الأسترالية السابقة منذ 10 أشهر، عندما رفضت بشكل قاطع قرار حليفها الأمريكي الخاص بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في الداخل اتهمت المتحدثة باسم حزب العمال المعارض بيني وونغ، موريسون بالقيام بهذا الإعلان بشأن القدس من أجل استمالة مزيد من الناخبين في انتخابات محلية وشيكة، مضيفة سكوت موريسون يائس حاليا من البقاء في منصبه إلى درجة أنه مستعد ليقول أي شيء إذا كان يعتقد أنه سيجلب له مزيدا من الأصوات ، حتى لو كان ذلك على حساب المصلحة القومية لأستراليا.

كما اتهم جورج براوننج، رئيس شبكة التعاون الفلسطينية الأسترالية، الحكومة بالتواؤم مع السياسة الخارجية الأمريكية الأكثر غموضاً ورجعية على الإطلاق، وقال هذه سياسة غير مسؤولة تقوض مستقبل ملايين الناس في الشرق الأوسط من أجل عدد قليل من الأصوات الانتخابية.

فيما وصفت رئيسة البعثة الدبلوماسية الفلسطينية لدى أستراليا عزة صلاح عبد الهادي تصريحات موريسون بأنها “مزعجة للغاية”، وتقوض جهود السلام بالمنطقة.
 
وصرح محمد خيرت، السفير المصري لدى أستراليا، بأن  سفراء 13 دولة عربية اجتمعوا في العاصمة كانبرا اليوم بدافع القلق من أن تضر الخطوة التي تدرسها أستراليا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بفرص السلام، مضيفا  اتفقنا على إرسال خطاب لوزارة الخارجية نبدي فيه قلقنا ومخاوفنا إزاء مثل هذا التصريح، إذ يشكل أي قرار في هذا الصدد خطرا على فرص السلام، كما سيكون له بالطبع عواقب سلبية على العلاقات؛ ليس فقط بين أستراليا والدول العربية وإنما الكثير من الدول الإسلامية أيضا.

من جانبها اعتبرت الخارجية الفلسطينية تصريحات موريسون خروجا على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وتحديدا قرار مجلس الأمن رقم 478 لعام 1980، مستنكرة من المنطق المتناقض لخطاب رئيس الوزراء الأسترالي الذي يؤكد على التمسك بحل الدولتين وعلى الاستمرار في تشجيع الطرفين لاستمرار المفاوضات نحو اتفاق سلام، بينما يفكر بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل.

إندونيسيا – وهي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان وواحدة من أهم جيران أستراليا- أفادت تقارير إعلامية بأنها  تفكر في تعليق صفقة تجارية مع أستراليا ردا على تصريحات موريسون، وقالت وزيرة خارجيتها ريتنو مارسودي في مؤتمر صحفي اليوم مع وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي: نجدد دعمنا لحل الدولتين في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ونحذر من المجازفة بزعزعة الأمن في الشرق الأوسط، ونطالب أستراليا ودولا أخرى بدعم محادثات السلام وعدم اتخاذ خطوات تهدد عملية السلام.

لماذا الآن؟

سُئل موريسون عن هذه التقارير الخاصة بالعلاقات مع إندونيسيا في البرلمان الأسترالي اليوم، فقال إنه ناقش الموضوع مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو وأنه مسرور جدا من الرد الذي تلقاه من الرئيس جوكو، كما نفى أن تكون تصريحاته مرتبطة بانتخابات فرعية ستجري بدائرة وونتوورث السبت المقبل، كما أكد أن قراره لم يكن بتدخل أمريكي بأي حال من الأحوال.

ربما لم تمارس أمريكا ضغوطا على موريسون، لكنه بالطبع يحتاج إلى استمالة الناخبين في دائرة وونتوورث بسيدني، للحفاظ على المقعد الذي يضمن لحزبه “الأحرار” الأغلبية البرلمانية، وتشير الأرقام إلى أن نحو 13% من السكان في ونتوورث يهود وهي نسبة كبيرة مقارنة بأي مدينة أخرى، ونسبة يجب أخذها في الاعتبار، إذ علمنا أن مرشح حزب موريسون  هو السفير السابق لدى إسرائيل ديف شارما والذي أثار فكرة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة استراليا إليها من قبل، في أكثر من مناسبة سياسية.

أما الحكومة الأسترالية – وبحسب تقرير لصحيفة الجارديان- فقالت إن تصريحات رئيس الوزراء جاءت بمناسبة اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم للتصويت على منح السلطة الفلسطينية صلاحيات قانونية إضافية لتولي رئاسة مجموعة الـ77 – وهو تحالف من الدول النامية القادرة على التفاوض ككتلة في الأمم المتحدة- موضحة أنها قررت عدم التصويت لصالح فلسطين، وهذا ما أعلنه موريسون أمام البرلمان اليوم أيضا.

إسرائيل بالطبع سعيدة بقرار أستراليا المخالف للإجماع الدولي ولمبدأ حل الدولتين من الناحية السياسية، ولتوصيات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، اللذان يؤكدان قانونيا أن مدينة القدس أرضا محتلة، وأن كل التدابير الإسرائيلية المتخذة في المدينة حتى لو تم تخطيها من قبل بعض الحكومات وخصوصا بعد ضمها عام 1967، مخالفة لاتفاقية لاهاي لعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة لعام .

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم أنه “ممتن جدا” لتصريحات سكوت موريسون، وأنه سيواصل تعزيز العلاقات بين إسرائيل وأستراليا.

بالطبع ترامب أيضا ممتن حتى وإن لم يصدر عنه تصريحا حتى اللحظة، فالأمر يسير كما دبر له، وإن كانت أستراليا لا تمثل ثقلا دوليا كواشنطن، لكن خطوتها بنقل السفارة – إن أتخذت- ستكون ضربة جديدة للإجماع الدولي بشأن قضية القدس.

ربما يعجبك أيضا