الشاهد يحاول إنقاذ حكومته.. والخلاف مع السبسي مستمر

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

لا تزال الأوضاع السياسية في تونس تشهد تأزمًا على خلفية الصراع بين رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد وبين نجل الرئيس السبسي المدير التنفيذي لحزب نداء تونس، رغم التعديلات الوزارية التي أقرها الشاهد مؤخرًا والتي عارضتها الرئاسة التونسية في مؤشر واضح على الانقسام بين الطبقة السياسية في تونس مع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 2019، فهل تنجح حكومة الشاهد في الاستمرار وضمان ما حققته من استقرار، أم تستمر التجاذبات السياسية لإقالته في وقت لن تتحمل فيه البلاد اضطرابات أخرى؟

تعديلات وزارية

في محاولة للخروج من الأزمة السياسية المتفاقمة بعد مطالبة القوى السياسية باستقالة الحكومة، أعلن رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد تعديلات وزارية في حكومته شملت 13 حقيبة وزارية، تمثلت في تعيين كريم الجموسي وزيرًا للعدل، وكمال مرجان وزيرًا للوظيفة العمومية، ومختار الهمامي وزيرًا للشئون المحلية والبيئية، والهادي الماكني وزيرًا لأملاك الدولة والشؤون العقارية، وسنية بالشيخ وزيرة لشؤون الرياضة، وسيدة لونيسي وزيرًا للتكوين المهني.

كما شمل التغيير الوزاري تعيين روني الطرابلسي وزيرًا للسياحة والصناعات التقليدية، وهشام بن أحمد وزيرًا للنقل، ونور الديم السالمي وزيرًا للتجهيز والإسكان، ورضوان عيارة وزيرًا للهجرة والتونسيين بالخارج، ومحمد فاضل محفوظ وزيرًا للاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

وشمل التعديل الحكومي في تونس عددًا من وكلاء الوزارات، ولم يشمل التعديل وزارات الداخلية والدفاع والشؤون الخارجية والمالية والاتصالات والتعاون الدولي.

ويأتي هذا التعديل في وقت يواجه الشاهد ضغوطًا متزايدة تتهم حكومته بالفشل في إحياء الاقتصاد التونسي، من أطراف متعددة من بينها حزبه “نداء تونس”، دعته لتقديم استقالته وتشكيل حكومة جديدة محدودة العدد تكون مهمتها التهيئة للانتخابات المقررة في 2019.

وكان من أبزر الوجوه الجديدة روني الطرابلسي الذي عين وزيرًا للسياحة والصناعات التقليدية، وهو أول تونسي – يهودي يكلف بمنصب بهذا المستوى؛ منذ أن عيّن الحبيب بورقيبة بعد الاستقلال أندريه باروش في منصب وزير ونائب رئيس غرفة التجارة آنذاك.

وشهدت التركيبة الوزارية تعيين أصغر وزيرة وهي سيدة الونيسي من مواليد 1987، القيادية بحركة النهضة، كما يعتبر كمال مرجان مفاجأة في هذه القائمة، حيث يعتبر أحد رجال زين العابدين بن علي، بعد أن شغل منصب وزير الخارجية في عهده.

كان الشاهد قد أوضح -خلال شريط فيديو نشرته صفحة رئاسة الحكومة التونسية على الفيس بوك- أن التعديلات اعتمدت على أسس الكفاءة والقدرة على قديم الخدمات العامة والحوار مع الفاعلين السياسيين، وذلك من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد وتسوية الملفات الاقتصادية والاجتماعية ووضع حد للأزمة السياسية.

السبسي يعارض

التعديلات الوزارية، لاقت رفضًا من قبل الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي وهو ما نقلته المتحدثة باسمها سعيدة قراش التي قالت في حديث إلى إذاعة “موزاييك إف إم” الخاصة إن “رئيس الجمهورية غير موافق” على هذا التعديل “لما اتسم به من تسرع وسياسة الأمر الواقع”.

الرفض الرئاسي للتعديلات الحكومية كان مؤشرًا على الانقسام العميق في الطبقة السياسية في تونس بفعل الصراع على السلطة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية المرتقبة في العام 2019.

يأتي الرفض انعكاسًا للصراع السياسي الذي نشب بين حافظ السبسي نجل الرئيس والمدير التنفيذي لحركة نداء تونس وبين حكومة يوسف الشاهد، بعد أن حمل الأخير نجل السبسي مسؤولية الهزائم المتتالية داخل الحركة في انتخابات 2014.

وعلى إثر الخلاف دعا الرئيس التونسي في يناير 2018 إلى اجتماع للموقعين على وثيقة قرطاج 1، لتدارس الأوضاع في البلاد، وتم الاتفاق على تشكيل وثيقة جديدة للتوافق تضم الخطوط العريضة للنهوض بالوضعين الاقتصادي والسياسي للبلاد، تحت اسم وثيقة قرطاج 2، إلا أن المفاوضات وصلت بين الأطراف السياسية لطريق مسدود، وزادت تعقيدًا بتعليق السبسي العمل بوثيقة قرطاج2 في مايو الماضي، ليضع حكومة الشاهد في مهب الريح.

مستقبل الحكومة

اليوم يعيش حزب نداء تونس نفسه انقسامًا حادًا، مع شق متمسك بإقالة الشاهد وهو الذي يقوده نجل الرئيس حافظ قايد السبسي، وشق آخر يرفض استبعاد الشاهد حاليًا، ويتفق مع الأحزاب المعارضة ومن بينها حزب النهضة في أن تغيير الحكومة الأن سينعكس سلبًا على الوضع الاقتصادي لتونس.

هنا يصبح الوضع الحالي مثيرًا للقلق فالتجاذب الشديد وتعليق المفاوضات بين الأطراف المتداخلة يهدد بعاصفة سياسية قد تطيح بالاستقرار الهش الذي حققته تونس في الفترة الأخيرة، ويهدد أيضًا بإعادتها إلى تقلبات اقتصادية عنيفة لا تتماشى والمرحلة الحالية التي أفرزت انتخابات محلية ومجالس بلدية وكان من المفروض أن تمضي نحو مزيد من الاستقرار حتى الوصول إلى برلمانيات 2019.

عدم الاستقرار السياسي في وقت يعاني فيه الاقتصاد التونسي رغم استعادة النمو مع استمرار البطالة بنسبة تتجاوز الـ 15%  ومعدل تضخم يفوق الـ7.5%، سيؤدي لتفاقم التوترات الاجتماعية الشديدة بعد ثماني سنوات على الثورة، بحسب المراقبين.

ومع رفض السبسي للتعديلات الوزارية الجديدة التي قد تزيد المشهد السياسي تأزمًا، تصبح حكومة الشاهد بين خيارين، إما أن يتمكن نجل السبسي من إقالة خصمه (الشاهد) من خلال ضمان أغلبية برلمانية، أو أن يضطر للقبول بضرورة الحفاظ عليه على رأس الحكومة وتجنيب البلاد أزمة سياسية أخرى هي في غنى عنها.

ربما يعجبك أيضا