قمة بروكسل تعلن طلاق بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي وتصادق على “بريكست”

جاسم محمد

رؤية – جاسم محمد

صادقت دول الاتحاد الأوروبي رسميا على اتفاق البريكست صباح هذا اليوم 25 نوفمير 2018 والذي يؤسس بشكل رسمي لخروج لندن من الاتحاد الأوروبي، وهذا يثبت حالة الطلاق مابين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي. وهذا مايرجح سيناريوهات عدة محتملة وفق رأي بعض قادة دول الاتحاد، منها، إعادة التصويت من قبل بريطانيا على الخروج، وهو مستبعد، ليبقى القرار بيد بريطانيا، رغم إن الحقائق، تقول إن غالبية البريطانيين يرغبون بالتخلص من “وصاية بروكسل”.

القمة اقرت هذا اليوم اتفاق شامل، يتعين أن يصادق البرلمانان الأوروبي، وخصوصاً البريطاني على اتفاق الانفصال قبل يوم 29  مارس 2019، الموعد المقرر لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

قمة قادة دول الاعضاء الـ27  تأتي لإعطاء الموافقة على نص الاتفاق وبحضور”تيريزا ماي”. لكن الرهان لا يزال غير مضمون بالنسبة لماي. فهي تواجه تهديدا بتصويت على حجب الثقة من قبل نواب حزبها المحافظين، ويمكن أن يطلق هذا الإجراء إذا طلبه 15% من كتلة أعضاء الحزب في البرلمان أي 48 نائبا. وقد عبر نحو عشرين نائبا عن نيتهم القيام بذلك. وتأمل المفوضية الأوروبية في نشر مشروع “الإعلان السياسي” بعد هذا الأتفاق، المؤلف من عشرين صفحة.

مشروع اتفاق بريكست أهم النقاط

فترة انتقالية : في الفترة الانتقالية تبقى بريطانيا أولا في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي والوحدة الجمركية لتفادي حصول انفصال حاد بالنسبة إلى الاقتصاد، وهذه الفترة ستستمر نحو سنتين حتى الـ 31 ديسمبر 2020.

مواطنو الاتحاد الأوروبي : في بريطانيا يعيش ثلاثة ملايين شخص من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، وفي الاتحاد الأوروبي يعيش حوالي مليون بريطاني. ولهم الحق في البقاء والعمل أو الدراسة أينما رغبوا في ذلك. وسيتم ضمان المستحقات المرتبطة بالتأمين الصحي والتقاعد والخدمات الاجتماعية الأخرى. وهذا ينطبق أيضا على المواطنين الذين يصلون خلال الفترة الانتقالية.

التزامات مالية : يجب على بريطانيا تلبية جميع الالتزامات المالية التي تحملتها خلال عضويتها حتى ولو أنها تتجاوز تاريخ الانسحاب ونهاية الفترة الانتقالية.

إيرلندا الشمالية : الحدود بين المحافظة البريطانية إيرلندا الشمالية ودولة إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي هي المسألة الأكثر تعقيدا في مشروع البريكسيت.

إقامة” منطقة جمركية واحدة

قال دبلوماسيون أوروبيون إن هناك ترجمات مختلفة لمعنى كلمة “إقامة” منطقة جمركية واحدة، حيث يرى الاتحاد الأوروبي أنها تعني أن الترتيبات الجمركية المؤقتة التي تم الاتفاق عليها هي مجرد خطوة نحو الوصول إلى ترتيبات دائمة. الكثيرين في الاتحاد الأوروبي يعتبرون ذلك إشارة واضحة إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتقد أن بريطانيا ستظل داخل اتحاد جمركي يضم الاتحاد الأوروبي بما يتجاوز الإجراءات المؤقتة التي تم الاتفاق عليها لتسوية الخلاف بشأن الحدود الايرلندية.

عقدة جبل طارق

وخلال قمة، هذا اليوم  25 نوفمبر 2018 في بروكسل، وافق زعماء الاتحاد الأوروبي، البالغ عددهم 27، الموافقة على إعلان يستثني بشكل خاص جبل طارق من المعاهدات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وأعلنت الحكومة البريطانية أنها تؤيد إجراء مفاوضات مع إسبانيا بشأن جبل طارق بعد بريكست، تلبية لطلب مدريد، التي هددت قبل يومين من القمة بعرقلة اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

أعلن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز رسميا  يوم 24  نوفمبر 2018 في مدريد أن مدريد حصلت على “اتفاق حول جبل طارق” وستصوت “لمصلحة بريكست”. وبذلك جائت بنتائج ايجابية لزعماء الاتحاد الأوروبي لتوقيع اتفاق بريكست في القمة الاستثنائية  اليوم 25 نوفمبر 2018 ، بعد أن قالت مدريد إنها لا تعترض على الاتفاق وستصوت لصالحه. وتمكنت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي من التوصل إلى اتفاق قبل ايام من القمة حول “الإعلان السياسي” الذي تم الاتفاق عليه هذا اليوم، والذي يحدّد إطار علاقاتهما في مرحلة ما بعد بريكست، خصوصاً على المستوى التجاري. وكانا قد توصلا إلى اتفاق حول “معاهدة انسحاب” المملكة المتحدة وهي وثيقة مؤلفة من 600 صفحة تفصل الروابط التي أقيمت خلال أكثر من أربعين عاماً.

القمة الاستثنائية هذا اليوم حددت الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بموجبه إطار علاقتهما المستقبلية. والمفاوضات بحد ذاتها لا يمكن أن تبدأ إلا بعد خروج بريطانيا رسميا من الاتحاد في 28 مارس 2019. والنقطة الأكثر إثارة للجدل في الاتفاق هي “شبكة الأمان”. وهو حلّ تم اللجوء إليه أخيراً ويقضي ببقاء المملكة المتحدة كلها في الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي.

وكتبت الحكومة البريطانية لتوسك لتقول إنها لن تفسر اتفاق انسحابها، الذي من  إقرا هذا اليوم 25 نوفمبر 2017  ، بأنه يعني أن معاهدة مستقبلية للتجارة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة ستنطبق تلقائيا على جبل طارق. بيد أن مبعوث لندن إلى الاتحاد الأوروبي قال إن بلاده ستسعى للحصول على أفضل اتفاق للمنطقة .

الخلاصة

قمة اليوم الاستثنائية والاتفاق على “البريكست” يعني إن الاتحاد الاوروبي دخل مرحلة جديدة مع بريطانيا في اعقاب توقيع اتفاق خروجها صباح هذا اليوم.

لكن هذا لايعني  تجاوز العقبات السياسية لبريطانيا، خاصة ان تيريزا ماي، رئيسة الحكومة البريطانية تواجه معارضة، شديدة داخل حزبها وكذلك داخل البرلمان البريطاني، يجعل مستقبل بريطانيا الاقتصادي وربما السياسي وحتى الوضع الداخلي يعيش حالة عدم الاستقرار والازمات الداخلية. وكان المشهد الان ان الاتحاد الأوروبي ينفض يده من بريطانيا ويعطيها ظهره، لتبقى المشكلة بريطانية داخلية، ربما تأخذ سنوات لتستعيد عافيتها بعد دفع مستحقات ديونها في الاتحاد الأوروبي،مع احتمال ان تخسر بريطانيا مكانتها الاقتصادية كمركز للاستثمارات ورؤوس الاموال. خروج بريطانيا، لايعني انها ستكون في وضع امني جيد، كونها سوف تخسر، الكثير من قنوات التعاون الامني، فبعد ان كانت عضوا ستكون طرف شريك مع الاتحاد الأوروبي في قضايا الامن والدفاع، وسياسات مكافحة الإرهاب.

ربما يعجبك أيضا