عبد الرؤوف الروابدة وحواف الدولة الأردنية: العاشرة أعقدها وأخطرها

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق

عمّان – رغم خروجه من المشهد السياسي العام في الأردن، أعاد رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، الأضواء لنفسه، بكلمة تحدث فيها عن “الحواف” التي واكبت الدولة منذ نشأتها وصولًا إلى الحافة الحالية التي اعتبرها الأخطر على الإطلاق لارتباطها بصفقة القرن.

جاءت كلمة الروابدة الذي شغل منصب رئيس وزراء الحكومة الأردنية لدورتين، بسقف جرأة غير معهود، حينما حذر من الأخطار الداهمة على المملكة، معتبرًا أن وقفة الأشقاء معها لا “تتجاوز بلة ريق”.

قبل أن يبدأ الروابدة كلمته استشهد بكتاب عنوانه “الأردن على الحافة” ألفه تشارلز جونستون سفير بريطانيا الأسبق في الأردن قبل نصف قرن ونيف.

بعد ذلك، ثارت قريحة الروابدة، بإسهاب مختصر ومحبوك في ذكر الحواف التي واجهتها الدولة، مشددًا على أنها حواف وليست محطات انتقال من مرحلة لأخرى.

“كانت الحافة الأولى أن يكون الأردن التوأم الوحيد الذي حمل اتهام السايكس بيكو بينما نجا أشقاؤه الثلاث من ذلك الاتهام .. سوريا ولبنان وبات لكل منهما كيانه الخاص، أما فلسطين فخضعت للحكم البريطاني المباشر الذي صنع كيانها على مقاسه خدمة لأهدافه.

في هذه الحافة تشكلت الدولة الأردنية من أربعة أجزاء لم يكن لأي منها مكونات الدولة.

أما الحافة الثانية ففيها “غيبت أو وئدت الهوية الوطنية الأردنية، بينما قامت هوية وطنية خاصة في كل قطر عربي” وفق وجهة نظر الروابدة.

والحافة الثالثة تمثلت في الموقع الجغرافي للأردن بين ثلاث دول عربية، لم تكن على وفاق مع الأردن في الأعم الأغلب من الأوقات، وكان على الأردن أن يفتش دوما عن نقطة التوازن والاتزان بينها أو معها دفعته لصياغة علاقات استرضائية كانت دوما على حساب مصالحه.

وفي الحافة الرابعة فمرتبطة بما آلت إليه الأوضاع في فلسطين غداة احتلالها، وما رافقها من محاولات طمس دوره وإنكار جهوده. رغم تحمله آثار النكبة الأولى، ومنها وجد الأردن نفسه يقف على الحافة الخامسة عندما حاول توحيد الضفتين فتلقى “فوق الغمز واللمز والتشويه والاتهام مؤامرات تبدأ ولا تنتهي.

يستعرض الروابدة الذي كان أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الأردن سابقاً، الحافة السادسة بعد النكسة الفلسطينية التي كان أثرها على الأردن صاعقا، ثم السابعة وما رافقها من عمل فدائي اخترقته دول وتنظيمات أيدولوجية، فحرفت مساره حتى أصبح الأردن عند البعض الهدف البديل المباشر.

الحافة الثامنة .. كيف فرضت نفسها؟

في الحافة الثامنة، كانت أول انتخابات تجري في الأردن فازت بها خمسة أحزاب، أربعة منها مؤدلجة والخامس حزب وجاهات وطنية عروبية، يبدأ معها صراع محموم واستقواء يدعمه قوى طامعة، يتم اللجوء الى حليف خارجي للنجاة بعد ضربات عدة تحت الحزام .

يقول الروابدة إن الانهيارات توالت على الساحة العربية في هذه الحافة، “تتغير الثوابت والأهداف وتراجع هدف التحرير ليصبح السلام هدفا استراتيجيا يكثر الوسطاء فيه، وينفرد كل طرف عربي بهمومه فيهتم بقلع أشواكه بيديه وحده.

بعد ذلك تمهيد للحافة التاسعة حيث تتوالى الاتفاقيات وتكون وادي عربة بين عمّان وتل أبيب حلقة من سلسلة ينسى الكثيرون بداياتها ومآلاتها وآثارها على الأردن فيتجدد الاتهام له وحده.

أما المرحلة العاشرة فهي الأكثر حرجًا وخطورة، إذ يصبح الطوق على الأردن ” حروب وفتن على جميع حدوده. يفقد العديد من الأشقاء والأصدقاء، يعود اقتصاده الى غرفة العمليات بعد أن كان في غرفة الإنعاش”.

وفي أعراض الحافة العاشرة ما يشهده الأردن من تراجع للدعم وبيع للثروات العامة وانهيار الإدارة العامة واستشراء الفساد داخل مفاصل الدولة.

هل هي الحافة العاشرة؟ يتساءل الروابدة ويجيب ” انها أكثر من ذلك .. شعب يشكل بالمستقبل .. ثقة تتراجع بالمؤسسات حتى ركب موجة الشكوى المحقة بعض من كانوا سببا في الهم الوطني.

في الوقت الذي كان فيه الروابدة يتلو كلمته في جمعية الشؤون الدولية في العاصمة عمّان وجل من حضره من رجال الدولة وحرسها القديم، كان رئيس الوزراء عمر الرزاز يلقي مواعظه أمام الشباب في حوار معهم ويسعى لانتشال قوى الإحباط من حولهم.

إنهما خطابان مهمان، رئيس حكومة يسعى لتحقيق مشروعه النهضوي مهما بلغت التكلفة وسياسي خارج المشهد يلتمس تساؤلات القلق حول مآلات المرحلة المقبلة.

وبعد أن فرغ الروابدة من كلمته، سأله أحد الحاضرين عن رجالات الدولة ودورهم في المرحلة المقبلة، فكانت إجابة الرجل الحاصل على تسعة أوسمة رفيعة صادمة حينما قال” لقد أكلنا قياداتنا أكل عزيز مقتدر، لم يبق في القرية ولا في العشيرة ولا في المكان قيادات، وأخرجنا قيادات ولادة أنابيب تم الحبل بهم خارج الرحم”.

ربما يعجبك أيضا