الميثاق العالمي للهجرة.. هل يضع حدًّا لمعاناة المهاجرين؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

الهجرة سمة مميزة لعالم اليوم تربط بين المجتمعات، والدول بحاجة لبذل الجهود لتعزيز فهم الهجرة، إذ أن الفهم المشترك يحسن سياسات وإمكانات التنمية المستدامة .

وافقت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، وربما حكومة هنجاريا، على مشروع معاهدة عالمية للهجرة.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 يوليو 2018 في نيويورك نص “الميثاق العالمي للهجرة”،  وسبق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قد وافقت في سبتمبر 2016 على اعتماد ميثاق دولي للهجرة، غير ملزم قانونًا، ولكنه يتمتع بأهمية رمزية قوية .
وتحدثت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) عن “بداية جهد تاريخي جديد لصياغة الأجندة العالمية للهجرة في العقود القادمة”.
ويدعو إعلان نيويورك المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى اقتراح “ميثاق عالمي بشأن اللاجئين” في تقريره السنوي المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2018، للاستفادة من الإطار الشامل للاستجابة للاجئين.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش أن “المهاجرين هم محرك خارق للعادة للنمو”، مشيدًا بهذا “الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ونظامية”، مضيفا أن الميثاق “غير ملزم لكنه خطوة غير مسبوقة لزيادة التعاون الدولي”.

 

مفهوم الهجرة غير الشرعية

وفقًا لتعريفات الموسوعة الحرة، فإن الهجرة غير الشرعية هي قيام شخص لا يحمل جنسية الدولة أو غير المرخص له بالإقامة فيها بالتسلل إلى الدولة عبر حدوها البحرية والبرية أو الجوية أو دخول الدولة عبر منافذها الشرعية بوثائق وتأشيرات مزورة، وتعرف المفوضة الأوروبية للهجرة غير الشرعية بأنها ظاهرة متنوعة تشمل أفراد من جنسيات مختلفة يدخلون إقليم الدولة بطريقة غير مشروعة عن طريق البر والبحر والجو بما في ذلك مناطق العبور والمطارات ويتم ذلك عادة بوثائق مزورة أو بمساعدة شبكات الجريمة المنظمة من المهربين والتجار.

ميثاق عالمي من أجل الهجرة
 ينص إعلان نيويورك أيضًا على التفاوض بشأن ميثاق عالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة ليتم اعتماده في عام 2018. وينبغي أن يساعد ميثاق الهجرة المؤلف من 34 صفحة على تنظيم تدفقات اللاجئين بشكل أفضل وتعزيز حقوق المتضررين. كما يَرِد الحديث في الميثاق عن “المسؤولية المشتركة”، وكذلك “الثقة المتبادلة والتصميم والتضامن”.

الوثيقة التي تقع في نحو 25 صفحة ترمي إلى “زيادة التعاون بشأن الهجرات الدولية في كافة أبعادها” ومحاربة تهريب البشر. وينص الميثاق كذلك على الحفاظ على “سيادة الدول” مع الاعتراف “بأنه لا يمكن لأي أمة أن تواجه منفردة ظاهرة الهجرة”. وبحسب راعيي النص فإن 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، التي عادة ما تتصارع بشأن ملف الهجرة، “تحدثت بصوت واحد” أثناء المفاوضات، لكن ربما دولة هنغاريا هي الدولة الأوروبية التي رفضت الاتفاق، وفق إعلان وزارة خارجيتها يوم 14 نوفمبر 2018.

ويؤكد إعلان نيويورك مجددًا أهمية النظام الدولي للاجئين ويمثل التزامًا من الدول الأعضاء بتقوية وتعزيز آليات حماية الأشخاص أثناء تنقلهم كما يمهد الطريق لاعتماد ميثاقين عالميين جديدين في عام 2018: الميثاق العالمي بشأن اللاجئين والميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة.

ويحدد الميثاق مبادئ التعامل مع اللاجئين والمهاجرين وسيتم التوقيع عليه رسميًا في مؤتمر المغرب يوم 10 ديسمبر 2018. وجاء في الميثاق: “لا يمكن لأي دولة معالجة التحديات والفرص التي تنتج عن هذه الظاهرة العالمية بمفردها”. يدعو إعلان نيويورك المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى اقتراح “ميثاق عالمي بشأن اللاجئين” في تقريره السنوي المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2018، للاستفادة من الإطار الشامل للاستجابة للاجئين. ويعزز ميثاق الهجرة التنسيق بشأن الهجرة الدولية ويقدم إطارًا للتعاون الدولي الشامل بشأن المهاجرين والتنقل البشري .

وفي هذا الإطار يقول مايكل كليمنز -زميل في مركز التنمية العالمية- إن هذا الاتفاق بمثابة “صندوق كنز يحوي أفضل الأفكار والتي تتمحور حول كيفية التعامل مع تحديات الهجرة العديدة بالعمل الجاد والنهج التعاوني البراجماتي”. ونحن نؤيده بشدة.

الخلاصة

جاء الاتفاق العالمي للهجرة بحدّ ذاته استجابة للأزمة الأوروبية لعام 2015  والتي نجمت عن أكبر تدفق للاجئين والمهاجرين في التاريخ الحديث. وفقًا لتقرير الهجرة الدولية، فهناك 258 مليون مهاجر دولي في جميع أنحاء العالم. كما يجدر الإشارة إلى أن حوالي 600,000 مهاجر قد لقَوْا حتفهم منذ عام 2000، وأن 2331 مهاجرًا (بمن فيهم اللاجئين وطالبي اللجوء) ماتوا هذا العام وحده.

وإن أحد أهداف هذا الاتفاق هو خلق قنوات تتيح هجرة الناس بطريقة قانونية وآمنة، مع ضمان حماية حقوقهم. وينطوي الميثاق على إمكانات قوية لتعبئة المجتمعات المحلية وبناء الحركة للمساعدة في تغيير المواقف السلبية تجاه المهاجرين والهجرة. الميثاق يشدد على الحاجة إلى الاستثمار في المهاجرين باعتبارهم كائنات اجتماعية وليسوا أعباء أو مجرمين.

يهدف الميثاق الدولي  للهجرة، إلى الحد من المخاطر التي يواجهها المهاجرون، في مراحل مختلفة من رحلتهم، من خلال احترام وحماية حقوقهم وتوفير الرعاية والمساعدة اللازمة لهم. ويؤكد الاتفاق أهمية معالجة المخاوف المشروعة للمجتمعات، مع الإقرر بالتغيرات السكانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تشهدها تلك المجتمعات والتي قد تكون لها عواقب على الهجرة أو ناجمة عنها.

ربما يعجبك أيضا