دير الزور.. المدنيون يدفعون الثمن مرتين

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد 

تشهد المعاقل الأخيرة لداعش في ريف دير الزور الشرقي، ويضم عدة بلدات هي (هجين، الباغوز، الشعفة والسوسة)، معارك دامية، حيث يحارب التنظيم على جبهتين أولاهما من جهة (هجين والباغوز) ضد قوات “قسد” المدعومة من التحالف الدولي، والجبهة الثانية من جهة (الشعفة والسوسة) القريبتان من الحدود العراقية ويحارب التنظيم ضد قوات الأسد وميليشيات إيرانية و”الحشد الشعبي” الشيعي العراقي.

وأوضحت شبكة “فرات بوست” أن ميليشيا “قسد” أطلقت بالاشتراك مع “جيش الثوار” (فصيل عربي) معركة جديدة في ريف دير الزور، وذلك بعد أيام من تكبد الميليشيا خسائر كبيرة على يد داعش الذي استغل ظروفاً جوية سادت أجواء المحافظة، حيث شن المزيد من الهجمات على مواقع قسد”، قبل أن يُجبر التنظيم على الانسحاب من المناطق التي سيطر عليها لساعات.

الجدير بالذكر أن هناك تعاونًا بين ميليشيات “الحشد الشعبي العراقية” و”قسد” لم يكن الأول من نوعه، فقبل عدة أشهر قامت ميليشيات الحشد بمساندة “قسد” ضد تنظيم “داعش” في ريف الحسكة الجنوبي أثناء المعارك التي دارت قرب منطقة الدشيشة وتل الصفوك جنوبي المدينة حسب مصادر محلية.

تدخل الحشد

وقد شهدت مناطق سيطرة ميليشيا “قسد” عمليات متواصلة لتشييع قتلى الميليشيا الذين يسقطون في المعارك ضد تنظيم “داعش”، فمنذ أكثر من أسبوع تقوم “قسد” بدفن دفعات من قتلاها -لا تقل الدفعة الواحدة عن 30 عنصراً- بشكل شبه يومي في الرقة وبلدات من ديرالزور.

ولعل أكبر عدد فقدته “قسد” خلال المعارك الأخيرة هو حين حُصرت مجموعة لها قرب منطقة الباغوز بريف دير الزور من قبل تنظيم “داعش” حيث كانت ستفنى المجموعة كاملة لولا تدخل ميليشيا “الحشد الشعبي” المدعومة من إيران.

قسد تزج بالعرب

ينحدر القتلى من بلدات عربية في ريفي دير الزور والرقة، بحسب مصادر محلية. وقد شهدت معظم عمليات التشييع الأخيرة مشادات كلامية وحالة من الغضب الشعبي احتجاجاً على سقوط كل هذه الأعداد.

ففي مدينة الحسكة رفض أهالي القتلى حمل صور الزعيم الكردي (عبدالله أوجلان) أثناء تشييع أبنائهم محملين قيادات “قسد” المسؤولية عن مقتلهم واتهامهم لها بزج الشباب العرب في المقدمة على حد تعبيرهم.

وبحسب “أورينت” تعمد “قسد” على اعتقال الشباب العرب في الأسواق وعلى الحواجز عند مداخل المدن التي تسيطر عليها أو تلجأ إلى إغرائهم بالمال مستغلة الظروف المعيشية الصعبة التي يمرون بها، حيث تقوم بتقديم مبلغ 115 ألف ليرة سورية كراتب شهري للشخص الواحد ولكن بشرط مشاركته في المعارك.

مجزرة  الباغوز

يروي مقاتل عربي من قسد ما جرى في الباغوز ويقول: “كنا 135 شخصاً حيث قاموا بوضعنا في إحدى النقاط قرب بلدة الباغوز التي يسيطر عليها تنظيم داعش، ووضعوا معنا أحد عناصرهم كمسؤول علينا، وقاموا بتوزيع السلاح علينا وطلبوا منا البقاء هناك، ومن ثم أخبرنا العنصر أن هذا مجرد رباط وأننا لن نشارك في أي معركة”.

وتابع، “عند قدوم الليل تعرضنا لإطلاق نار كثيف لم نعلم مصدره وقتل منا عدد كبير ولم نستطع فعل شيء لأننا لم نخضع لأي تدريب وليس لدينا خبرة في القتال”.

وأضاف “بقينا حوالي 7 ساعات محاصرين في إحدى النقاط بعد أن استطاع تنظيم داعش اخذ النقطة التي كنا فيها”.

وأردف قائلاً “حاولنا التواصل مع قيادات قسد لكن دون جدوى، وطلبنا من التحالف التدخل لفك الحصار عنا لكن لم يأت أحد، وعلمنا وقتها أنهم تركونا نقتل هناك دون أي مساعدة. وبعد فترة فوجئنا بقوات من الحشد العراقي قادمة لمؤازرتنا من جهة الباغوز، ولم نعلم من طلب منهم التدخل ولكنهم ساعدونا على فك الحصار عنا بعد أن قتل وفقد منا حوالي 90 شخصاً”.

الأذان الشيعي

من جهة أخرى فرض النظام السوري ومجموعات إرهابية موالية لإيران، رفع الآذان على المذهب الشيعي، بمناطق سيطرتها بريف دير الزور الجنوبي الشرقي، ذي الأغلبية السنية.

ويسيطر نظام الأسد والمجموعات الإرهابية التابعة لإيران على أرياف دير الزور الواقعة غربي نهر الفرات، إلى جانب مركز المدينة.

كما اعتقلت قوات النظام الأئمة والمِؤذنين ممّن رفضوا تنفيذ ذلك، وفق مصادر محلية.

يأتي ذلك في إطار محاولات تشييع تستهدف السكان وعلماء الدين وموظفي الدولة بالمنطقة، من قبل المجموعات التابعة لإيران، بدعم من نظام الأسد.

وأفادت المصادر بأن فرض الأذان الشيعي، شمل مدينتي “الميادين” و”البوكمال”، وبلدة “صبيخان” وعددا من القرى والبلدات في المنطقة، كما أشارت إلى أنّ قوات الأسد اعتقلت 20 إماما ومؤذناً رفضوا النداء للصلاة وفق المذهب الشيعي.

و أكدت المصادر أن النظام رفع من أجور الأئمة والمؤذنين ممن وافقوا على إقامة الآذان وفق المذهب الشيعي، كما منحهم بطاقات أمنية خاصة تسهل حركتهم وتيسر أمورهم في مؤسسات النظام، ويختلف “أذان الشيعة” عن المعهود لدى السنة، بإضافة عبارتي “أشهد أن عليا ولي الله”، و “حي على خير العمل”.

حصيلة الشهر

وقد أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يوم الجمعة الماضي، مقتل 241 مدنيًا، بينهم 28 طفلًا و23 سيدة بدير الزور، في هجمات نفذتها روسيا وقوات النظام السوري خلال الفترة الماضية على المعابر المائية على نهر الفرات شرقي سوريا.

وأعلنت الأمم المتحدة، عن مقتل مدنيين، بينهم نساء وأطفال، على منطقتين بمحافظة دير الزور شرقي سوريا.

وقال استيفان دوغريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ان المنظمة الدولية “لا تزال تتلقى تقارير مزعجة عن أعمال عدائية متواصلة جنوب شرقي دير الزور، بما يؤثر على المدنيين”.

من جهتها وثقت شبكة “فرات بوست” مقتل 86 مدنياً في محافظة دير الزور، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم. وكان للتحالف الدولي النصيب الأكبر ، حيث تسببت طائراته بقتل 19 طفلاً و7 رجال و6 نساء و37 من مجهولي الهوية.

كما قُتل على يد تنظيم “داعش” 3 رجال وامرأتان، فيما قتل على يد قوات الاسد  مدني واحد، خلال الشهر الماضي. بينما قتل على يد “قسد” 4 مدنيين، فيما قتل 6 آخرين برصاص أشخاص مجهولي الهوية.

ونوّهت الإحصائية إلى أن الألغام المزروعة في عدة مناطق بريف دير الزور، تسببت بمقتل مدني واحد.


ربما يعجبك أيضا