مصر والسودان 2018.. توتر وعودة وأزمة سد النهضة بلا حل

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:
القاهرة – شهدت العلاقات المصرية السودانية خلال عام 2018 توترًا كبيرًا منذ بدايته، إلى أن تمكنت “الحلول الدبلوماسية” ومساعي قيادات البلدين من تطويق الخلافات، والعمل على إزالة التوتر الموجود بين البلدين، خصوصا في ظل الأزمة المشتركة بينهما والمتعلقة بسد النهضة الأثيوبي.

“بداية 2018”

2018، بدأ بإعلان السودان عن استدعاء سفيرها السابق بالقاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، لـ”التشاور”، على خلفية الملاسنات الأخيرة والمتبادلة في وسائل إعلام البلدين بسبب جزيرة سواكن وحلايب وشلاتين وملف سد النهضة وقضايا أخرى.. لتعلن القاهرة رفضها التعليق، مشيرة إلى أنه تقييم الموقف.

الأمور بدت أكثر تعقيدا خلال الربع الأول من العام الجاري، خصوصًا في ظل التقارب “التركي السوداني”، والاتفاق  على منح أنقرة جزيرة سواكن السودانية في البحر الأحمر، في شهر ديسمبر الماضي، لتتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية، واستمرار الهجومي الإعلامي بين البلدين.

ومع اقتراب انتهاء الربع الأول من العام بدأت المحاولات المصرية لتدارك الأزمة، وأعلنت الخرطوم عن عودة السفير السوداني للقاهرة، من جديد بعد شهرين من استدعائه، وطالب الرئيس المصري في أكثر من مناسبة وسائل الإعلام المصرية بعد الهجوم على السودان، مشددا على قوة العلاقات بين البلدين.

وتواصل السعي المصري من خلال زيارة لمدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل للسودان، لتقابل المحاولات المصرية بترحيب سوداني، حيث زار الرئيس السوداني مصر في 19 مارس الماضي، والتي شهدت حفاوة بالغة حيث حرص الرئيس المصري على استقباله في مطار القاهرة، كما تم دعوة “البشير” للمشاركة في احتفالية يوم الأسرة المصرية.

التحركات الاقتصادية بين البلدين ساهمت كثيرا في خفض التوتر بين البلدين، في مجالات الربط الكهربائي، والسكك الحديدية، والربط النهري، والبحري، إلى جانب تفعيل آليات التعاون في مجالات الثقافة والشباب والرياضة بين البلدين.

ورغم التعثر في مفاوضات سد النهضة بين “مصر والسودان وإثيوبيا” إلا أن القيادة السياسية في البلدين عملت على تجنيب الخلاف قدر الإمكان، وأعلن وزير الخارجية السوداني عن دعوة الرئيس المصري لزيارة السودان، وهو ما استجاب له السيسي حيث زار السودان في أول زيارة خارجية له بعد توليه فترة رئاسية جديدة في يوليو الماضي.

التقارب المصري السوداني استمر، حيث تواصلت اللقاءات بين مسؤولي البلدين سواء على مستوى الرئيسين أو الوزراء، ففي أكتوبر الماضي توجه السيسي إلى السودان للمشاركة في أعمال اللجنة الرئاسية المصرية السودانية المشتركة والتي كللت بتوقيع 12 اتفاقية تعاون مشترك بين القاهرة والخرطوم، أعقبها زيارة البشير لمصر للمشاركة في الحفل الختامي لمنتدى شباب العالم.

“أزمة سد النهضة”

وعلى نفس المنوال، شهد مفاوضات أزمة “سد النهضة” والتي تشترك فيها مصر والسودان وأثيوبيا، توترا مماثلا، فقبل بداية العام الجاري أعلنت القاهرة فشل مفاوضات سد النهضة، لتبدأ تحركات دبلوماسية منذ الشهر الأول، حيث التقى الرئيس المصري ونظيره السوداني، رئيس الوزراء الأثيوبي السابق هيلي ميريام ديسالين على هامش قمة الاتحاد الأفريقي الـ30 في أديس أبابا، لبحث الأزمة، ومحاولة تحريك المفاوضات.

ودعا السيسي خلال مؤتمر صحفي مع ديسالين في يناير الماضي، إثيوبيا والسودان إلى العمل في أسرع وقت ممكن على تجاوز حالة الجمود التي تعتري مسار إتمام الدراسات الفنية لتأثيرات سد النهضة الإثيوبي، لضمان استكمال الدراسات وفق اتفاق إعلان المبادئ، للبدء في ملء الخزان وتحديد أسلوب تشغيله.

التصريحات الدبلوماسية الأثيوبية استمرت على نفس المنوال طوال أكثر من 6 سنوات، مؤكدة أن “النيل لن يصبح أبداً موضعاً للنزاع أو التنافس، وإن أديس أبابا ستنفذ جميع التزاماته”، لتمكن الاحتجاجات في أثيوبيا في فبراير الماضي من استمرار “الجمود” ليعلن تأجيل الاجتماعات التي كان مقررا لها في الشهر ذاته.

واستمرت محاولات مصر في تدارك الأزمة، وعقدت مفاوضات بين الدول الثلاث في السودان في أبريل الماضي، لتنتهي  “دون جديد يذكر”، سوى الإعلان عن اجتماع جديد ف الشهر التالي.

وكالعادة أعلنت مصر عن فشل المفاوضات بين وزراء المياه في البلدان الثلاث، لتبدأ انفراجة جديدة خلال الاجتماع التساعي والذي استمر حوالي 15 ساعة، عقب الوصول لاتفاق والتوقيع على وثيقة “مخرجات الاتفاق” ضمنت 4 بنود، استهدفت التأكيد على استمرار التعاون، والالتزام باتفاق المبادئ الموقع في الخرطوم في مارس 2015، وأوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري أنه تم وضع مسار لكسر الجمود.

وفي يونيو الماضي، التقى الرئيس المصري رئيس الوزراء الأثيوبي الجديد آبي أحمد في القاهرة، وجددا اتفاقهما على التوصل لاتفاق نهائي بشأن أزمة السد، وشهد المؤتمر الصحفي مداعبة السيسي لأحمد بمطالبته القسم على عدم الإضرار بمصالح مصر بسبب سد النهضة.

وعلى مدار الأشهر الثلاثة التالية فشلت المفاوضات في الوصول إلى تقدم يذكر، حتى هددت الشركتين الاستشاريتين الفرنسيتين “بى آر أل ودلتارس” في نوفمبر الماضي بالانسحاب الأمر الذي دفع الدول الثلاث إلى إنهاء الخلاف بشأن التقرير الاستهلالي والذي استمر أكثر من عام، والتوصل إلى حلول مؤقتة لتسهيل عمل الاستشاريين وتمكينهم من اتمام عملهم بعيدا عن الخلاف، ليبدأ أعماله فعليا في 11 من الشهر ذاته.

وأعلن رئيس الوزراء المصري في أواخر الشهر الماضي أن محادثات ستجرى مع إثيوبيا في غضون أسبوعين لتسوية الخلافات المتبقية بشأن سد النهضة الإثيوبي، والتي لم يعلن عنها حتى الآن، مشيرا إلى أنه اتفق مع آبي آحمد على الإسراع في المحادثات.

الانفراجة الجديدة، تلتها إعلان مدير مشروع سد النهضة الإثيوبي كفلي هورو خلال اجتماع عقد في أديس أبابا حول التقدم  المحرز في مشروع السد، إن المشروع سيحتاج إلى 4 سنوات أخرى لإكمال البناء، موضحا أن البناء قد تأخر بسبب التغيير في التصميم، مما أدى إلى زيادة سعة توليده وتأخير الأعمال الكهروميكانيكية، لكن أعمال البناء جارية دون انقطاع.

ربما يعجبك أيضا