هل تنتظر “إيران ولاية الفقيه” مصير الاتحاد السوفيتي؟

يوسف بنده

رؤية

لم يعد الجيل الجديد في إيران ينظر إلى الثورة بانه أداة الخلاص من الحكم الشاهنشاهي في إيران؛ بل هي وسيلة صعود الإسلاميين ليسيطروا على مقدرات ومستقبل الإيرانيين.

يراهن المحافظون في إيران على توجيهات المرشد الأعلى والحكومة الإلهية، والإصلاحيون الوجه المعتدل للنظام يراهنون على الاتفاق النووي والاتفاقيات الدولية لإعادة إنفتاح إيران على العالم الخارجي.

بينما الجيل الجديد غير الخاضع لخطاب وأدبيات النظام الحاكم، يراهن أن حل كل مشاكل إيران يكمن في الخلاص من المرشد الأعلى أولا، ثم من حكم رجال الدين بعد ذلك.

وفي صحيفة شرق الإصلاحية، قال الأستاذ الجامعي، إبراهيم متقي، حول احتجاجات يناير الماضي إن الشعارت كانت راديكالية وخارجة عن التوقع، والسبب أن المحتجين وهم من الطبقة المسحوقة لم يبق لهم شيء ليخافوا عليه.

وأضاف: “يجب الأخذ في الاعتبار أن الطبقة المسحوقة باتت في وضع أسوأ، وهناك فئة من الطبقة الوسطى التحقت بالفقراء والمسحوقين”. وتوقع الأستاذ الجامعي أن تلتحق الطبقة الوسطى، وهي الشريحة الأكبر، بالاحتجاجات القادمة.

والمسؤولون في النظام الإيراني لا يرون أیة علاقة بين التخلف والمشاكل الاقتصادية بالبلاد من جهة، وخططهم التوسعية ومغامراتهم في السياسة الخارجية من جهة ثانية. بل يرون أن المخاطر المحدقة بإيران مثل خطر الانهيار، سببها هو الغرب ومؤامراته وتخطيطه ومساعیه.

الحجاب رمز السلطة

رفع إيرانيون أمس شعارات تندد بالحجاب الإجباري في بلادهم، وذلك خلال ذكرى أوامر كشف الحجاب في عهد مؤسس الأسرة البهلوية رضاه شاه عام 1936م، حيث يمكن في إيران ولاية الفقيه أن تعاقب النساء اللائي يظهرن شعرهن في أماكن عامة بالسجن لمدة تصل إلى شهرين أو يتم تغريمهن 25 دولارا.

ومسألة رفض الحجاب في إيران، تعبر بشكل عام عن رفض للسلطة القائمة وليس رفض للإيمان أو الدين، فالسلطة الدينية باتت مرفوضة بكل أشكالها داخل المجتمع الإيراني في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية بتعصف بهذا البلد.

فقد طالب نائب رئيس البرلمان الإيراني، علي مطهري، أمس الاثنين، إجراء استفتاء عام في بلاده حول الحجاب، مؤكدًا أن النتيجة ستكون لصالح ارتداء الحجاب.

وتأتي دعوة مطهري للحجاب، في حين يصادف هذا الأسبوع الذكرى السنوية لتأسيس حملة نزع الحجاب في إيران (لا للحجاب الإجباري)، التي بدأتها نساء في الميادين بخلعهن الحجاب، واجهها الأمن بالعنف والاعتقال.

ومنذ العام الماضي بدأت نساء إيرانيات حملة ضد الحجاب الإجباري ونشرن صورًا ومقاطع فيديو تظهر خلعهن للحجاب وسط الميادين العامة واجهها النظام بالقوة والقمع.

وقد رفع جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإيراني دعوى قضائية ضد رئيسة لجنة الصحة بمجلس طهران، ناهيد خداكرمي، لأنها انتقدت مواقف البعض تجاه غير المحجبات.

وكانت خداكرمي قد قالت في تغريدت “إن الإنسان لديه الإرادة والتقدير والذكاء، هناك أشخاص يعتبرون حرية ارتداء الحجاب مثل العري، مستخدمين هذا الحجم من الكلمات غير اللائقة، من أين يأتي هذا الرعب؟ ومن أين يأتي عدم الاكتراث بالفساد الاقتصادي والعنف؟ ومضايقة وإيذاء المراهقين والشباب؟”.

هلع رجال الدين

وسبق أن اشتكت مراجع تقليد مثل ناصر مكارم شيرازي، ونوري همداني، وجعفر سبحاني، مما وصفوه “الحجاب السيئ” في إيران.

وكان مركز بحوث البرلمان الإيراني قد أصدر تقريرًا مبنيًا على استطلاعات الرأي، أفاد بأن التمسك بالحجاب الشرعي تضاءل بين الشباب وخريجي الجامعات، الذين لديهم إمكانيات الوصول للإعلام.

وكان ممثل مرشد إيران في مشهد، أحمد علم الهدى، قد أشار في صلاة الجمعة الماضية إلى أن شيوع عدم الالتزام بالحجاب يؤدي إلى “تغيير الهوية الدينية للمجتمع”. وقال: “في الآونة الأخيرة، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي رموز يطالبون بالتسامح مع غير المحجبات كنوع من مسايرة الشباب”.

دعوة لانكماش التوسع

جزء كبير من أزمات إيران، هو حجم الإنفاق الذي يقوم به النظام الحاكم على المليشيات والجماعات الموالية لإيران في الخارج، وهو ما أعاد العقوبات الأمريكية مرة أخرى، بدعوى أن إيران أنفقت أموالها التي كانت مجمدة في الخارج على مليشياتها وليس على الشعب الإيراني.

فقد حذر البرلماني الإيراني جليل رحيمي جهان آبادي، في الجلسة البرلمانية، الأحد الماضي 6 يناير: “إذا لم نقلل التكاليف الزائدة في سياساتنا الداخلية والخارجية، فستأتينا الهزيمة من داخل طهران”، مستشهدًا بانهيار الاتحاد السوفياتي.

وأشار جهان آبادي بشكل ضمني إلى تطوير إيران للبرنامج الصاروخي والنووي وإلى الدبلوماسية الإقليمية، حيث قال: “عندما انهار الاتحاد السوفياتي، كانت لديه 13 ألف رأس نووي وکان متوغلا فی أكثر من 20 دولة أجنبية، وكانت لديه محطة فضائية، لكنه ذاق الهزيمة في شوارع موسكو، وانعدم أمنه وسلامة أراضيه”.

وانتقد البرلماني الإيراني السياسة الخارجية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط، ودعا إلى التراجع عن الإنفاق الزائد في ميزانية 2019.

وفي أبریل 2018، أیضًا، كتب النائب عن مدينة طهران بالبرلمان الإيراني، محمد جواد فتحي، في مقال له نشرته صحيفة “اعتماد” (الإصلاحية)، قائلا إن مساهمة العناصر المحلية في عدم جدوى الصفقة النووية، كانت أكبر من مساهمة العناصر الأجنبية، و”للأسف، فقدنا هذه الفرصة”.

وفي یولیو الماضي، أيضًا، قال نائب رئيس البرلمان الإيراني، علي مطهري: “إن سبب الأوضاع الحالیة التي نعاني منها أولئك المتشددون، الذين حاولوا منع تطبيق الاتفاق النووي”. وذكر على وجه التحديد “إطلاق الصواريخ، كواحدة من هذه الأفعال”، وقال: “أولئك الذين سعوا إلى عرقلة الاتفاق النووي حققوا أهدافهم”.

وفي السنوات الأخيرة، قدم المرشد، علي خامنئي وكبار المسؤولين في الحرس الثوري، البرامج العسكرية، وخاصة الصواريخ، بوصفها رمزًا لتطور الجمهورية الإسلامية، وأشادوا بها.

وکان الممثل السابق للمرشد الأعلى في الحرس الثوري، علي سعيدي، قد أشار، في أغسطس 2017، إلى الانهيار السوفياتي. وقال: “إن التهديد المتكرر لإيران بانهيار الاتحاد السوفياتي”، يشير إلى أحد أهداف نظام الهيمنة، وسوف يدفع بهذا المشروع عبر اختراق النظام.

وقال سعیدي إن الغرب يسعى لإسقاط الجمهورية الإسلامية، عبر التغيير في الأسس الفقهية والحسابات السياسية لمسؤولي النظام، وتغيير نمط حياة الشعب، وزرع النزاع داخل المجتمع. 

ربما يعجبك أيضا