الحوار الوطني الفرنسي.. بين وعود ماكرون وتشكيك المعارضة

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبد الله

تحد جديد يخوضه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استهله برسالة إلى الفرنسيين يحدد فيها الخطوط العريضة للنقاش الوطني.. 6 صفحات بهدف إخماد غضب أصحاب السترات الصفراء في فرنسا، الرسالة التي وجهها ماكرون رسمياً لمواطنيه يوضح فيه نظرته للحوار الوطني بحيث تتلائم الحياة السياسية بشكل أفضل مع حياة الفرنسيين.

ماكرون وضع خطوطاً حمراء للنقاش كي لا يفهم أنه سيفضي إلى انتخابات أو استفتاء، ويعدّ بأن يأخذ مقترحات مواطنيه بعين الاعتبار ويدعوهم إلى تحويل الغضب إلى حلول.

تطمينات حكومية

الحوار سيكون علنياً وسينظم داخل مقار البلديات ويستمر لأكثر من شهرين حيث يسمح للمواطنين بتقديم مقترحاتهم حول الضرائب والبيئة والعدالة الاجتماعية والممارسة الديمقراطية والمواطنة والهجرة.

دعوة ماكرون تفسر على أنها محاولة لاسترجاع زمام المبادرة، ويخشى البعض من تأتي مبادرته بنتائج عكسية وتخرج فرنسا منها منقسمة على نفسها أكثر.

حيث أظهرت أغلبية ردود فعل القوى السياسية والشعبية الفرنسية – حيال الرسالة التي بعثها الرئيس ماكرون لمواطنيه – تشكيكهم في مضمون الرسالة. فبعض الأحزاب استقبلت المبادرة ببرودة، وأخرى شككت فيها، لأنها برأيها جاءت فارغة من القضايا الجوهرية للمواطنين. 

ورفض عدد من القياديين بحركة السترات الصفراء المشاركة فيها متهمين الرئيس بالسعي إلى محاولة شق صفوفهم متوعدين بمواصلة حركتهم ما لم يستجب ماكرون لمطالبهم ويكف عن ازدرائهم على حد قولهم.

المعارضة تشكك

في صفوف المعارضة تتراوح المواقف بين الشك وخيبة الأمل، بينما رفضه أصحاب السترات الصفراء حتى قبل أن ينطلق. لكن بامكان ماكرون أن يعوّل على الجمهوريين والاشتراكيين، الحزبين الأكثر تمثيلاً على المستوى المحلى بعدما أبدى عدد كبير من مسؤوليه المشاركة في النقاش.

الانطباع السائد هو التشكيك في نجاح الحوار، وبحسب خبراء فإن هذا الحوار لم يتعود عليه الفرنسيون خاصة وأنه سيجرى في مناخ من التوتر والغضب والتمرد الاجتماعي، إضافة إلى تشكيكهم في صدقية ماكرون وهو ما تعكسه المؤشرات التي تظهر تراجع شعبيته في الفترة الأخيرة.

قضية الهجرة

على طاولة النقاش الوطني ارتأى الرئيس الفرنسي طرح مشكلة الهجرة مقترحاً سياسة تعتمد على نظام سنوي للحصص وهي نقطة لم تكن مدرجة ضمن برنامج ماكرون الانتخابي، وإنما برنامج منافسه السابق فرانسوا فيون المرشح السابق لحزب الجمهوريون.

المعارضة اليسارية اعتبرت أن ملف الهجرة ليس هو مطلب أصحاب السترات الصفراء، بينما يخشى البعض أن  يصبح النقاش أشبه بالحوار حول الهوية الوطنية الذي أطلقه الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولاس ساركوزي عام 2009، رغم تطمينات الأغلبية الحاكمة.

جل الأحزاب السياسية إذن استقبلت دعوة ماكرون بـ”فتور وريبة” فالمهم ليس الرسالة، وإنما محتوى النقاش، وليس فقط ما تطرحه الحكومة، بل يجب عليها آلان أن تستمتع لأصوات الفرنسيين، ولا يخفي البعض تحذيراته للحكومة من أن يكون الهدف من الحوار الوطني تهدئة الشارع لا أكثر.
 

ربما يعجبك أيضا