السلام مع طالبان.. كابوس يزعج المرأة الأفغانية

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

في محاولة لدفع محادثات السلام إلى الأمام وإخراجها من عثراتها السابقة، عقد الأمريكان وحركة طالبان الأفغانية محادثات عدة لتبادل وجهات النظر حول مستقبل عملية السلام، في خطوة وصفت بالإيجابية ومؤشر جيد على إمكانية إنجاح هذه الجولة الجديدة، مما يجعل الأطراف أقرب إلى اتفاق من أي وقت مضى في السنوات الـ 17 منذ الإطاحة بطالبان من السلطة.

مجرد إمكانية إحراز تقدم ملموس في مجال السلام، أشعلت موجة من الحماس والأمل بين العديد من الأفغان من جميع الأطراف بأن أربعة عقود من الحرب المستمرة يمكن أن تنتهي، لكنها أثارت الخوف بين العديد من النساء، وذلك بعد المعاناة والرعب التي واجهتهن على يد منفذي “لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” التابعة لطالبان، والآن أصبح لدى هؤلاء النساء قصة رعب جديدة، وهي احتمالية أن تغادر القوات الأمريكية البلاد.

وتتحدث “نيويورك تايمز” في تقرير لها حول الرعب الذي يسببه اتفاق السلام إلى النساء الأفغانيات، والخوف من أن الاتفاق من الممكن أن يمنح الحركة حصة من السلطة ما سيأتي على حساب حريتهن.

وبحسب الصحيفة، تقول “جامي” مشرعة في البرلمان الأفغاني، في عام 1996، عندما استولى متمردو طالبان على السلطة، كنت حينها ناظرة وأُجبرت على ترك وظيفتها، ومثل العديد من النساء، فإن “جامي” مقتنعة بأن أي اتفاق سلام يمنح الطالبان حصة من السلطة سيأتي على حساب حريتها، وتقول “سوف تكمل طالبان أحلامها حين تتولي السلطة وستكون أكثر قسوة من الماضي”.

ومما يضاعف هذا القلق هو الخوف بين النساء من تعرضهن للتهميش في عملية السلام، وأنه عندما يجلس الأفغانيون أخيرا على طاولة سلام معا، لن تكون هناك نساء حاضرات.

وقالت روبينا هامارد، رئيسة القسم القانوني لـ”شبكة النساء الأفغانيات”: “نحن لا نريد سلاما من شأنه أن يجعل الوضع أسوأ بالنسبة لحقوق المرأة مقارنة بالآن، لقد قتل الكثير من الأزواج والأبناء والأشقاء، لكن نخشى من أن السلام قد يبشر بحرب جديدة على النساء، ونريد من المفاوضين ألا ينسونا”.

وخلال الفترة من 1996 إلى 2001 في ظل حكومة طالبان التي كانت تسمي نفسها “إمارة أفغانستان الإسلامية” كانت النساء ممنوعات من العمل ويتعين عليهن ارتداء البرقع الذي يغطي الوجه ولا يسمح لهن بمغادرة البيت إلا بصحبة أحد الأقارب من الذكور.

وقالت ليلى حيدري، سيدة أعمال: “لا نريد أن نكون ضحايا عملية السلام مع طالبان، فلم يكن من الممكن السماح بعملي في ظل نظام الحركة، كما أن الحكومة الأفغانية تتجاهل المرأة بشكل كامل في هذه المحادثات”.

شوكريا بايكان، عضوة بالبرلمان الأفغاني، تشير إلى أنه خلال استيلاء طالبان على السلطة أُجبرنا على ارتداء “البرقع”، وأُجبرت على ترك الجامعة، وأُغلقت مدرسة ابنتي، مثل جميع مدارس البنات في ظل حكم طالبان، فتحنا مدرسة سرية في المنزل متظاهرين بتعليم الفتيات القرآن والخياطة، وهي من الموضوعات الوحيدة المسموح بها للنساء، لكن النساء اللواتي سمح لهن بالعمل فقط كانا أطباء، بشرط أن تكون بصحبة أحد الأقارب من الذكور.

وتضيف بايكان “مررنا بـ40 سنة من الحرب، وسئم الجميع من القتال، ولكن لا ينبغي أن يكون السلام على حساب فقدان حقوقنا وحرياتنا كنساء”.

ولا تزال الأيام الأولى في هذه المرحلة من عملية السلام، لكنها لم تشمل المحادثات أي مسؤولين أو رجال أو نساء حكوميين أفغان، ويأمل المسؤولون الأمريكيون في إقناع طالبان في مرحلة لاحقة بالجلوس مع المسؤولين الأفغان، وستكون هناك قضايا مثل الدستور الذي يضمن حقوق المرأة على طاولة المحادثات، بحسب الصحيفة.

وبالرغم من المخاوف، هناك بعض من النساء في الحكومة أعربن عن رضاهم عن بدء المحادثات، وتقول حبيبة سرابي ، نائبة في المجلس الأعلى للسلام في كابول، وواحدة من 15 امرأة في المجلس المؤلف من 75 عضوا، والذي عينته الحكومة: “تحتاج النساء إلى رفع أصواتهن حتى لا يتم نسيانهن وتجاهلهن، بدون المرأة سيتحطم السلام، لكننا متفائلون بشأن المحادثات”.

وقالت سايرا شريف، وهي شاعرة وسياسية أفغانية، إن الجهود السابقة في المحادثات بين الحكومة وطالبان استبعدت النساء، ونحن بحاجة إلى مكان في المستقبل، لقد قطعنا شوطا طويلا للوصول إلى الحقوق التي لدينا الآن.

أكدت الحكومة الأفغانية، أن حقوق المرأة لن تتأثر سلبًا بعد اتفاق السلام مع طالبان، وتقول الحركة إنها تغيرت وإنها ستسمح بتعليم النساء لكنها تصر على الفصل في المدارس بين الجنسين وعلى ارتداء النساء ملابس فضفاضة.

وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الحركة “نريد أن تتقدم أفغانستان بما لديها في الوقت الحالي من إنجازات وتطورات، لكن ثمة إصلاحات وتغييرات ستواجه الإمارة فيها صعوبات”.

يتفق جميع المشاركين في مفاوضات السلام على أن الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا باتفاق تقاسم السلطة، قد يعني ذلك مشاركة وزارات أو أراض حكومية في جميع أنحاء البلاد، أو مزيج من الاثنين، بل قد يعني ذلك أن مسؤولي طالبان يقفون في مناصب حكومية – وربما يربحون.

وقالت السيدة بايكان: “نريد أن تقبل طالبان حقوق المرأة وأن تنشر بياناً تضمن فيه حقوقنا”.

وقال رايان كروكر، وهو سفير أمريكي سابق في أفغانستان: “لقد وضعنا اهتمام كبيرًا على النساء منذ البداية، من بين الأشياء الأولى التي قمنا بها هي جعل مدارس البنات تعمل، لكننا قلقون من أن يكون لانسحاب القوات الأمريكية عواقب بشأن مستقبل النساء”.

ويضيف كروكر: “ما يضايقني حقا هو ما الذي سيحدث للنساء والفتيات الأفغانيات؟، فكراهية النساء الحادة في أفغانستان تذهب إلى ما هو أبعد من طالبان، بدون يد قوية كالولايات المتحدة، قد يحدث بعض التراجع إلا أننا نأمل أن لا تعود الأمور إلى نقطة البداية”.

وتقول السيدة  أزارنووش: “عندما سمعنا أن القوات الأمريكية ستغادر أفغانستان في غضون 18 شهرًا، كانت الفتيات تسأل بعضها بعضا، والآن ماذا سيحدث لنا؟، “تعتقد طالبان” أننا فتيات سيئون، ماذا سيحدث لنا إذا أصبحت الحركة جزءًا من الحكومة؟”.

ربما يعجبك أيضا