“تجاعيد”.. لا تخشوا من آثار الزمن

شيرين صبحي

رؤية – شيرين صبحي

قد تبدو التجاعيد أمرًا سيئًا بالنسبة للكثيرين، فهي دليل على تقدم العمر، واقترابنا من النهاية. لكن تلك التجاعيد تظهر كل ذكرى في عمر الإنسان. هذا ما دعا آية محمد عباس، وهي طالبة في الصف الثاني بكلية التربية الفنية بجامعة حلوان؛ للعكوف على لوحة تظهر قوة وجمال تلك الخطوط التي يحفرها الزمن فوق وجهنا، برقة أحيانا وقسوة أحايين أخرى.

“آية” أحد المشاركين الخمسة وخمسين في معرض “تجاعيد”، الذي يحتضنه متحف محمد علي بالمنيل، بالتعاون بين وزارة الآثار وكلية التربية الفنية جامعة حلون، ويستمر حتي 31 مارس المقبل.

تقول: “لا يصح محو التجاعيد أو الخجل منها، فهي تروي ذكرياتنا، وتحفرها فوق الوجوه، لذلك هناك ألوان داخل اللوحات لتبين أنه مهما كبر الإنسان هناك أمل”.

وتضيف آية: “كان الأمر صعبًا بالنسبة لي، لأني لم ادرس سوى تيرم واحد فنون قشرة الخشب، ظللت شهرا كاملا أعمل طوال اليوم من أجل إنهائها. كنت اذهب للعمل مع صديقتي ونحن نقص القشرة، وعندما كانت تنام إحدانا، كانت الأخرى توقظها. كما كنا كثيرا نوفر وقت الطعام من أجل الانتهاء من اللوحة”.

اختار كل طالب لوحة تعبر عن شخصيته، فهناك الكثير من الوجوه الضاحكة، فم عريض يبتسم حتى وإن فقد كل الأسنان، رجال ونساء من بيئات مختلفة، ريفية، صعيدية، فقيرة، وغنية. ورغم السعادة البادية على الكثير من البورتريهات؛ فهناك أيضا وجوه حزينة أنهكها الزمن.

بحثت “مريم طارق”، الطالبة في الصف الثاني بكلية التربية الفنية؛ عن صورة تبين آثار الزمن، أرادت لذلك الرجل الذي رسمته أن يكون له شعر وذقن، واختارت أن تكون العين زرقاء، وهو اللون الذي يعطي أمل وحياة. تقول: “مهما دار الزمن، نستطيع أن نستكمل حياتنا”.

بينما اختارت “آية رأفت حسن”، أن تركز على التجاعيد حول فم ضاحك تظهر أسنانه، لتقول أنه رغم مرور السنين لازال هناك شيء من السعادة، فالعيون أيضا تضحك، حتى أن من ينظر للوحة يشعر فيها بنظرة رضا.

يقدم المعرض رؤية فنية لمرحلة زمنية يمر بها الإنسان خلال حياته العمرية وتظهر بوجهه تفاصيل تنم عن كبر سنه، كما يوضح دكتور محمود سعيد الأستاذ بشعبة فنون أشغال الخشب بكلية التربية الفنية والمشرف على المعرض.

يقول: “جعل الله الفنان هو أكثر إنسان يدقق في هذه التفاصيل والتجاعيد التي يتركها الزمن على كبار السن ليخرج منها بقيمة فنية يظهرها لنا في صورة عمل فني رائع، عندما نراه نشعر فيه بعظمة الخالق، فهذه الابداعات بمثابة نهر من عطاء الطبيعة ينهل منها كيفما يشاء ليخرج لنا لونا متألقا من الجمال الفني”، موضحا أن جميع اللوحات تم تنفيذها باستخدام قشرة الخشب التي تظهر جماليات الظل والنور وتدريجات الأبيض والأسود لجعل العمل الفني نابضا بالحياة.

ربما يعجبك أيضا