في جنوب السودان.. لو كان الجوع رجلا لقتل بأيدي ضحاياه

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي 

بين مطرقة الجوع وسندان الحرب الأهلية يطحن ملايين الأشخاص في جنوب السودان، فبعد خمسة أشهر من إبرام اتفاق سلام في البلد الذي مزقته الحرب هناك 1.5 مليون شخص على شفا المجاعة.

وحذرت الأمم المتحدة في تقريرها الذي صدر الأسبوع الماضي، من أن ما يقرب من 7 ملايين شخص في جوبا قد يواجهون أزمة انعدام أمن غذائي حاد في ذروة هذا الموسم الذي تتناقص فيه الأمطار، وحثت على زيادة المساعدات الإنسانية وفتح سبل وصول الإغاثة الإنسانية إلى الناس.

وتتحدث صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، في تقرير للكاتبة بيل تيرو، حول حالة ريبيكا الأم البالغة كمن العمر (38 عامًا)، شاهدة على ظروف الجوع الشديد، والتي أكدت أنها لم تأكل أي شيء خلال الأيام السبعة الماضية، وتجلس في كومة مجمّعة على الأرض الترابية في ملجأ طيني محشو، تعيش فيه هي وعائلتها.

وحسب الصحيفة، أصيبت ريبيكا الأم لخمسة أبناء بجروح في الآونة الأخيرة أثناء محاولتها جمع فاكهة، والتي عاشت في موسم الجفاف في جنوب السودان، وبسبب إصابتها أصبحت غير قادرة على جمع حتى القوت الأساسي لأطفالها، وجميعهم يعانون من سوء التغذية ويعانون من الإسهال.

تشردت ريبيكا وعائلتها بسبب الحرب الأهلية التي استمرت 5 سنوات، وبعد عودتها إلى بيبور، وهي بلدة نائية في الشمال الشرقي، تقيم الآن في فناء مدرسة بنيت من قبل جماعات حقوق الإنسان، وتقول: “ليس لدي بيت أو منزل الآن بسبب النزاع، زوجي كبير في السن لدرجة أنه لا يستطيع العمل، وإذا لم يتدخل أحد أو يحضر لنا الطعام، فسوف نموت جميعنا جوعًا”.

بيبور واحدة من أكثر المناطق التي تعاني من الجوع، وحذرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي من أن ما يقرب من 45.000 شخص على الأقل في جميع أنحاء البلاد قد يواجهون المجاعة قريبا.

وتخشى ريبيكا من الموت جوعًا، وتقول: “أملنا الوحيد هو المجتمع الدولي، والمساعدت التي يقدمها لنا، بدونهم لن نبقى على قيد الحياة.

وبحسب تقرير تصنيف الأمن الغذائي، فإن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد قد ازداد بالفعل بنسبة 13% منذ يناير من العام الماضي، وما زالت مسبباته تنحصر في التأثيرات المتراكمة للصراع المسلح الدائر والتشريد الذي يعانيه السكان بالإضافة إلى عدم كفاية الإنتاج الغذائي.

ومن المتوقع أن يوفر إنتاج الحبوب المحلية هذا العام 52% فقط من احتياجات البلاد من الحبوب، مقارنة بنسبة 61% خلال العام الماضي.

وتشير الصحيفة إلى أنه إذا لم تكن هناك مساعدة من المجتمع الدولي، فإن الأمم المتحدة تتنبأ بأن عدد الأشخاص الذين يعانون من المجاعة قد يرتفع إلى 260.000.

وبحسب اليونيسيف، فأن ما يقرب من 900.000 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، ويقول أندريا سولي، ممثل يونيسيف في جنوب السودان: “إذا لم يتم تأمين التمويل في الوقت المناسب، فإننا لن نستطيع إنقاذ الأطفال”.

تم إعلان المجاعة رسميا في جنوب السودان قبل عامين في 20 فبراير 2017 في أجزاء من ولاية الوحدة الواقعة في أعالي نهر النيل، وحذرت المنظمة الأممية من إمكانية انتشار المجاعة بسرعة كبيرة إلى بقية الولايات إن لم تتخذ دولة جنوب السودان المزيد من الإجراءات لمعالجة الأزمة.

في ذلك الوقت، كان 3.9 مليون شخص أي 40% من السكان بحاجة إلى مساعدات غذائية، الآن أكثر من 6.4 مليون شخص، وحذر سيمون كاميلبيك مدير برنامج الأغذية العالمي، من أن هناك “خطر حقيقي” من اندلاع موجة مجاعة جديدة في المناطق التي كانت تعاني من الجوع بالفعل.

“إن انعدام الأمن الغذائي يتزايد في عام 2019، ما لم نزيد المساعدات الإنسانية قريبًا، سيتعرض المزيد من الناس إلى الخطر”، بحسب كاميلبيك.

ويقول برنامج الأغذية العالمي: إن “النزاع ما زال يعطل الإنتاج الغذائي ويستنزف الماشية ويقيّد وصول الناس إلى مصادر الغذاء البديلة” وإن فترات الجفاف المطولة والفيضانات وأمراض المحاصيل وانتشار الآفات أثرت بقوة على الإنتاج الزراعي الذي يعتمد إلى حد كبير على الأمطار.

“عودة اللاجئين تؤدي إلى زيادة الضغوط على الموارد المحدودة المتاحة، حيث عاد نحوا ما يقرب من 140 ألف شخص على الأقل إلى جنوب السودان منذ توقيع اتفاقية السلام، فنحن كحكومة لا يمكننا تلبية احتياجاتهم، نحن بحاجة إلى دعم من المجتمع الدولي”، وفقًا لـ”مايسا لومول”، رئيس هيئة الإغاثة وإعادة التأهيل في جنوب السودان.

ربما يعجبك أيضا