في إيران: “رئيسي” رجل الإعدامات في القضاء .. لمكافحة الفساد والتأهل لمنصب “الإرشاد”

يوسف بنده

رؤية

أصدر مرشد الثورة الإيرانية، آية الله علي خامنئي، أمس الخميس 7 مارس، حكمًا بتعيين إبراهيم رئيسي، رئيسًا للسلطة القضائية في إيران، لمدة خمس سنوات، خلفًا لصادق آملي لاريجاني، الذي ترأس السلطة منذ عام 2009.

وكان المرشد قد عيّن لاريجاني رئيسًا لمجلس تشخيص مصلحة النظام بعد وفاة آية الله محمود هاشمي شاهرودي.

الرئيس الجديد للسلطة القضائية يبلغ من العمر 59 عامًا، ومن مواليد مدينة مشهد، وعمل رئيسًا لمؤسسة “آستانة الرضوية”، في إيران، وهي مؤسسة ذات نفوذ وقوة اقتصادية واجتماعية في إيران.

كما أن رئيسي هو صهر ممثل المرشد في مشهد وخطيب جمعتها، أحمد علم الهدى. كما يمثل رئيسي مدينة مشهد في مجلس خبراء القيادة.

سادن الروضة

بدأ إبراهيم رئيسي دراسته الدينية في مشهد ثم أكملها في قم وبدأ حياته المهنية عام 1980 فی منصب مدعي عام كاراج، ثم مدعيا عاما لهمدان في آن واحد.

وبعد خمس سنوات، تدرج رئيسي في سلم التقدم بسرعة ومن عام 1985 حتی عام 1989 شغل منصب نائب مدعي عام طهران ثم مدعيا عامًا لطهران حتى عام 1994.

ومن عام 2004 حتی عام 2014 ترأس إبراهيم رئيسي منظمة التفتيش الوطنية لمدة 10 سنوات. وكان النائب الأول لجهاز القضاء في إیران، وثم حتى عام 2016 کان مدعیًا عامًا للبلاد.

کما ترأس أيضًا المحكمة الخاصة برجال الدين منذ عام 2012. ومنذ مارس 2016 كان مسؤولاً عن الآستانة الرضوية في مشهد بعد وفاة رئیسها السابق ناصر واعظ الطبسي، وهي واحدة من المؤسسات الدينية والاقتصادية الأکثر نفوذًا في إيران.

وعلى الرغم من سابقته الطويلة في توليه لأهم المناصب القضائية، إلا أن اسم إبراهيم رئيسي لم یتردد علی الألسن إلا في عام 2017 بعد نشر تقارير عن احتمالیة ترشحه في الانتخابات الرئاسية.

ويرى محللون أن إبراهيم رئيسي أحد المرشحين المحتملين لخلافة المرشد علي خامنئي، حيث دفع الأخير بترشيحه للانتخابات الرئاسية الماضية كممثل عن التيار الأصولي المتشدد، كما أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع بعض قادة الحرس الثوري وخاصة محمد علي جعفري.

ويُعدّ منصب رئيس السلطة القضائية من بين مناصب يجري اختيارها مباشرة من قبل المرشد الإيراني علي خامنئي، وهي المرة الثانية التي يصدر فيها المرشد الإيراني مرسوماً بتعيين رئيسي في منصب رفيع خلال ثلاث سنوات. ودخل إبراهيم رئيسي قائمة الأسماء المرشحة لخلافة خامنئي، بعدما أصدر خامنئي مرسوماً في بداية مارس 2016 بتعيينه في منصب رئاسة مؤسسة “آستان رضوي” أكبر مؤسسة وقفية في البلاد.

ولفت رئيسي الأنظار أكثر في الفترة ذاتها، بعدما توجّه قائد “الحرس الثوري” محمد علي جعفري وقائد “فيلق القدس” قاسم سليماني لتهنئته بمنصبه الجديد.

رجل الإعدامات

ورئيسي كان عضو اللجنة التي أصدرت أحكام الإعدام بحق حوالي 5000 من المعارضين في عام 1988، والتي عُرفت باسم “لجنة الموت”.

وفي أغسطس من العام نفسه تم تداول ملف صوتي کان یتضمن حدیثا لآية الله منتظري، کان یذکر فیه أسماء بعض أعضاء اللجنة الرباعية المقررة بشأن الإعدامات الجماعية للسجناء السياسيين في عام 1988، ویقول في الملف الصوتي إنهم ارتكبوا جريمة القرن.

وردًا على هذه التعليقات، قال إبراهيم رئيسي إنه على الرغم من اعترافه بصحة هذه الإعدامات، إلا أن اسمه لم يكن ضمن اللجنة الرباعية التي اختارها آية الله الخميني، وأن من يتهمونه لا یمیزون بین نائب المدعي العام والقاضي.

وفي نهاية المطاف ترشح إبراهیم رئيسي في الانتخابات الرئاسية عام 2017، من جبهة “جمنا”  التي تشكلت حديثا، وهي ائتلاف من بعض أعضاء جبهة الثبات، وبعض الأصولیین، لكنه لم یحصل إلا علی 38 في المائة فقط من الأصوات. وكان لقاؤه مع مطرب البوب، أمیر تتلو، خلال حملاته الانتخابية، سببًا في ضجة إخبارية في ذلك الوقت.

وأصبح إبراهيم رئيسي، الآن رئيسًا للسلطة القضائية، بینما اسمه مدرج في قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي بسبب انتهاکه لحقوق الإنسان.

مكافحة الفساد

طالب المرشد الأعلى، خامنئي رئيس القضاء الجديد بالقيام بتغييرات جذرية في السلطة القضائية تتناسب مع “الخطوة الثانية للثورة الإيرانية”، وذلك في إشارة إلى الخطة التي أعلنها خامنئي قبل أقل من شهر بمناسبة ذكرى مرور أربعين عاماً على الثورة الإيرانية.

كما طالب خامنئي الرئيس الجديد بالعمل على “اجتثاث جذور الفساد من القضاء الإيراني”.

وعزا خامنئي تسمية رئيسي إلى ميزات من “الفقه والعلم والخبرة والنزاهة والأمانة والكفاءة”، في مرسوم تعيين رئيسي، مشيراً إلى سِجلّه في الجهاز القضائي بحسب موقعه الرسمي.

ومسألة مكافحة الفساد، كانت التفسير الذي قدمه المحافظون على أسباب اختيار “رئيسي” لهذا المنصب، حيث كتب رئيس تحرير صحيفة “كيهان” المحافظة، حسين شريعتمداري، في مقال افتتاحي أن المجالات المصيرية والحساسة في البلاد، مثل الاقتصاد، ملوثة بالفساد، ويجب القضاء على هذا الفساد. وأشار إلى غلاء السكر، والاحتكار، والاختلاس في إيران، معربًا عن أمله في وضع حد لهذه الأوضاع بعد وصول إبراهيم رئيسي للسلطة القضائية، حيث سيتسلم رئاسة القضاء الإيراني خلال الأيام القليلة القادمة. وقد وصفت “كيهان” في المقال إبراهيم رئيسي بأنه ثوري سيواجه “المفسدين الاقتصاديين” بقوة شديدة.

فضيحة أخلاقية

وقد وصف نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، روبرت بالادينو، الثلاثاء الماضي، تعيين إبراهيم رئيسي على رأس السلطة القضائية في إيران بـ”الفضيحة”.

وقال بالادينو، في تغريدة على “تويتر”، إن اختيار إبراهيم رئيسي، وهو الشخص الضالع في عمليات الإعدام الجماعية للسجناء السياسيين في إيران، هو “فضيحة”.

كما ألقَى نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، روبرت بالادينو، باللوم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لعدم مراعاتها معايير المحاكمات العادلة، وأيضًا الوضع غير الإنساني للسجون في إيران.

وقد أعاد الحساب الفارسي لوزارة الخارجية الأميرکية أيضًا، نشر رسالة بالادينو، وأشار إلى هذا الجزء من رسالته بأن إيران تستخف بالعمليات القانونية عبر انتهاك معايير المحاكمات العادلة، فضلا عن الظروف السائدة في السجون.

وكانت “الحملة الدولية لحقوق الإنسان” في إيران أصدرت بياناً في 20 فبراير/شباط الماضي الأنباء التي ترددت حول تعيين إبراهيم رئيسي رئيساً للسلطة القضائية، واعتبرت أن ذلك “يعني أنه لا مكان لمفهوم سيادة القانون في البلاد”، نظراً لدور رئيسي كأحد القضاة الثلاثة في “لجنة الموت” المسؤولة عن إعدام آلاف السجناء السياسيين في صيف عام 1988.

وأضافت الحملة في بيانها أن “هذا التعيين يظهر مدى تجاهل سيادة القانون وهو مكافأة لمن يشاركون في جرائم حقوق الإنسان”.

ربما يعجبك أيضا