متحف النسيج.. خيوط منسية على الجدران

هدى اسماعيل

عاطف عبداللطيف وهدى إسماعيل

في حي بين القصرين بشارع المعز نجده هناك، يقبع شامخًا بجانب أقرانه وسط بقايا التاريخ، الكثير يمر بجانبه دون أن يلاحظ اللافتة المكتوب عليها “متحف النسيج المصري” والذي يعتبر المتحف الأول من نوعه في الشرق الأوسط، وترتبيه الرابع عالميًّا.

تتجول في أروقته من عصر إلى عصر ومن دولة إلى دولة وكأنه كتاب تاريخ يحكي تفاصيل صغيرة ولكنها تعني لنا الكثير، فالمنسوجات والملابس كانتا ضمن الهدايا المتبادلة بين فراعنة مصر وملوك العالم القديم، وبرع القدماء في غزل ونسج وصباغة ألياف الكتان منذ عصورهم المبكرة، فعرفوا التراكيب النسيجية المختلفة من النسيج السادة والقبطي والنسيج الوبري، لذا دعونا نلقي نظرة على تاريخ النسيج في مصر المحروسة.

سبيل ابن محمد علي

المتحف كان في بداية الأمر سبيلًا يضم مدرسة للأيتام أنشأه محمد علي باشا عام 1828م كوقف خيري على روح ابنه إسماعيل باشا الذي توفي في السودان عام 1822م. الدور العلوي من السبيل عبارة عن مدرسة سميت مدرسة النحاسين الأميرية، وكانت هذه المدرسة من أوائل المدارس الحديثة في العالم، والتي تحولت فيما بعد إلى وظيفة خدمية للجماهير.

في عام 2002 تم ترميم السبيل وتجميع القطع الخاصة بالنسيج المصري فيه وتحويله إلى متحف للنسيج يسرد تطوره عبر التاريخ، ويعد هذا السبيل أحد أجمل عناصر العمارة الإسلامية بالقاهرة التاريخية، وأحد أدق النماذج الفنية الجميلة التي تزخر بها مصر، ويتميز بواجهته المقوسة المكسوة بالرخام الأبيض التي تطل على شارع المعز بالقاهرة، ونجد في تصميم واجهته التأثير العثماني والبصمة الأوروبية، حيث يعبر عن حقبة تاريخية مهمة في تاريخها، كما يمثل أحد طرز المباني الإسلامية.

محتويات تاريخية

يضم المتحف حوالي 250 قطعة نسيج و15 سجادة وتتمثل في كل ما يتعلق بصناعة النسيج ابتداءً من العصر الفرعوني مرورًا بالعصر الروماني واليوناني والفن القبطي، بالإضافة إلى صناعة النسيج في العصور الإسلامية بداية من العصر الأموي، ثم العباسي مرورًا بالطولوني والفاطمي والأيوبي والمملوكي والعثماني، ثم عصر الدولة الحديثة متمثلة في دولة محمد علي.

ترتيب تاريخي

في المتحف يتم عرض المقتنيات بترتيب تاريخي موزعة على طابقين، فهناك 3 قاعات خاصة بالنسيج الفرعوني “قاعة الحياة اليومية، وقاعة التسبيل، والقاعة الجنائزية”، أيضًا هناك قاعة خاصة بأدوات صناعة النسيج، وقاعة للقطع القبطية والرومانية-اليونانية، وقاعة للعصر الإسلامي بمراحله المختلفة.

النسيج عبر العصور

يعرض المتحف عينات من النسيج المستخدم عبر العصور مثل الكتان: الذي كان يستخدم بداية من العصر الفرعوني، ويعتبر أكثر أنواع النسيج انتشارًا؛ حيث كان الفراعنة يمجدونه لأنهم كانوا يعتبرونه من نباتات الجنة، أما القطن كان يستخدم في العصر الفرعوني حيث وجد ضمن هدايا مقدمة للفرعون أحمس الثاني.

الحرير“: وأول من عرف الحرير هم الصينيون، ثم انتقل عن طريق بلاد فارس بعد زواج أميرة صينية من أمير فارسي.

“الصوف”: يرجع الى العصور الإسلامية.

الديباج“: يجمع بين الصناعة ونوع من أنواع النسيج، وكان منتشر بكثرة في بلاد الشام.

النسيج المستورد

يضم المتحف جزءا خاصا بالنسيج المستورد من دول العالم مثل إيران “الطراز الصفوي”، والعراق واليمن.

كسوة الكعبة

 درة تاج المتحف “كسوة الكعبة” وهي عبارة عن قطعة رائعة من “ستارة باب التوبة”، مستطيلة الشكل، عليها زخارف نباتية، وكتابات قرآنية مطرزة بخيوط فضية بأسلوب “السيرما”، ويضم المتحف جزءا من الكسوة، تم صنعها في عهد الملك فاروق الأول ملك مصر الراحل.

ربما يعجبك أيضا