بعد عزل البشير.. ما مصير اتفاقية السلام مع جوبا ؟

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

في 5 سبتمبر الماضي، وقّع فرقاء جنوب السودان، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اتفاقًا نهائيًا للسلام، بحضور رؤساء الهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) ، وعلى مدى عقود خاض البشير قتالًا مع جنوب السودان، الذي انفصل في النهاية عن الشمال عام 2011 وأصبح جنوب السودان أصغر دولة في العالم، منذ الانقسام، مضى البشير قُدمًا ليُصبح أحد صانعي السلام واضعًا نُصب عينه على المنطقة الغنية بالنفط التي أصبحت الآن جزءًا من جنوب السودان.

بعد لحظات من الإطاحة العسكرية للبشير، ساد الضحك والتصفيق شوارع عاصمة جنوب السودان، جوبا، لكن ارتفع القلق في الوقت نفسه بشأن مصير اتفاق السلام الذي ساعد البشير في التواصل إليه بجنوب السودان العام الماضي.

في غضون شهر، يُتوقع أن يعود زعيم المعارضة “رياك مشار” إلى جنوب السودان للعمل مُجددًا كنائب للرئيس سالفا كير، وهي خطوة باءت بالفشل أكثر من مرة بسبب القتال المميت، وفي خِضم ذلك لم تُنفذ بعد البنود الرئيسية في اتفاق السلام، بما في ذلك تعيين الحدود الداخلية وإنشاء جيش وطني موحد.

الاتفاق سيصمد

أوضحت السلطات الحكومية بدولة جنوب السوان، أن الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، الضامن الرئيسي لاتفاقية السلام الموقعة بين حكومة جوبا والمعارضة، لن يؤثر عليها.

جاء ذلك في تصريح لـ”رزق دومنيك”، المدير التنفيذي المكلف لدى مكتب رئيس جنوب السودان.

وقال دومنيك، “الاتفاق سيصمد لأنه ملك لشعب جنوب السودان، ولن يتأثر بالتحولات الجارية في السودان”.

وأضاف “لا توجد لدينا مخاوف مما يحدث في السودان من احتجاجات شعبية وعزل الرئيس البشير”.

وأشار دومنيك، إلى أن رئيس جنوب السودان سلفاكير ، “مهتم بما يجري في السودان ويتابع عن كثب تلك الأحداث”، دون الإفصاح عن موقف سلفاكير، الرسمي من عزل “البشير”.

وأكد مضي حكومة جوبا قُدما في تطبيق اتفاقية السلام، بحسب الخارطة المتفق عليها من قبل الأطراف الموقعة عليها، وأن الحكومة الانتقالية ستشكل في مواعيدها في مايو المقبل، في الوقت الذي أقرّ فيه بالتحديات التي تواجه السلام في بلاده.

ونفت حكومة جنوب السودان أن يكون لعزل البشير تأثيرًا على استقراراها.

ويضيف المتحدث باسم حكومة جنوب السودان “أتيني واك أتيني”، إن “اتفاقية السلام لا تتوقف على شخص، لكنها كانت قائمة على المؤسسات”، وأضاف: “من يحكم السودان بعد البشير شأن داخلي”.

تأثير سلبي

يقول المحلل السياسي والباحث بجامعة جوبا، “جاكوب تشول”: “من السابق لأوانه الاحتفال”، مُرجّحًا أن يؤثر عزل البشير سلبًا على جنوب السودان، لأنه دفع الأطراف المتحاربة لتنفيذ اتفاق السلام لكنه لم يعُد بعد الآن رئيسًا.

ويرى “آلان بوسويل”، كبير المحللين بمجموعة الأزمات الدولية، أنه “إذا لم تعُد الخرطوم قادرة على بسط قبضتها على جوبا، سيتعيّن على قادة جنوب السودان تقرير ما إذا كانوا يريدون المُضي قُدمًا في عملية السلام، ورُبما يُصبح لِزامًا عليهم حينها القيام بذلك بمفردهم”.

فيما حذّرت مجموعة الأزمة الدولية، وهي مؤسسة غير ربحية، في تقرير لها من “تهديد بالغ الخطورة بانهيار الاتفاق”.

من جهته، قال “أقوك ماكور”، عضو المكتب السياسي للمعارضة المسلحة الموالية لمشار، إن ما حدث في السودان من انقلاب على البشير، لن يؤثر علي سير تنفيذ الاتفاقية التي دخلت مرحلة متقدمة من التنفيذ.

وأشار “ماكور” إلى أن بيان الانقلاب العسكري الذي تلاه عوض بن عوف، تحدث عن التزامهم بجميع الاتفاقيات الدولية والإقليمية والمحلية، ومن ضمنها بكل تاكيد اتفاق سلام جنوب السودان.

أما “جيمس أوكوك”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جوبا، فيرى أن التغيير الذي وقع في السودان، جرى على مستوى الأفراد وليس المؤسسات، ولم يؤد إلى تغيير جذري يخيف الناس، ولن يكون له تأثير كبير على عملية السلام في جنوب السودان، التي تمت برعاية البشير.

وأضاف “أوكوك”: “ذهاب البشير، لن تكون له تأثيرات على اتفاق السلام في جنوب السودان، فالمجلس العسكري الجديد سيتمسك بعلاقاته مع جوبا، للتأكيد على أنه يحظى بتأييد من دول الجوار”.

وتوقع “استمرار نفس الدور السوداني في مجالات النفط والدبلوماسية، وقد يقوم المجلس العسكري، أيضا بفتح الحدود بين البلدين أمام حركة التجارة، وسيحرك العلاقات بطريقة أسرع من الأول”.

قال صاحب متجر سوداني عن القائد الذي جلس على رأس السلطة 30 عامًا: “لطالما عرفت أنه سيحين الوقت الذي يُصبح لِزمًا عليه الرحيل”.

ربما يعجبك أيضا