“توبة أم مناورة سياسية”.. اعتذار عائض القرني في الميزان

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – أثار اعتذار الداعية السعودي عائض القرني جدلا واسعا في الأوساط الإسلامية والعربية، عن الأفكار “المتشددة” التي كان يتبناها ويروج لها هو ودعاة آخرون من “دعاة الصحوة”، وتضمن اعتذاره معلومات مثيرة بشأن محاولات قطر تجنيد رجال دين ومعارضين لضرب استقرار المنطقة، ودعم الجماعات المتشددة في مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية.

“اعتذار القرني”
الداعية السعودي اعتذر خلال استضافته في برنامج “الليوان” على فضائية “روتانة خليجية، عن الأفكار المتشددة التي روجها لسنوات هو و”دعاة الصحوة”، مكملا: “أنا الآن مع الإسلام المعتدل الوسطي المنفتح على العالم والذي نادى به ولي العهد محمد بن سلمان، وانتقلت فكريا من مرحلة التعسير إلى التيسير ومن التقليد إلى التجديد”.

وأشار القرني إلى أن ما عرف بفترة “الصحوة”، وقعت في أخطاء كثيرة، من بينها “الاهتمام بالمظهر والوصاية على المجتمع وتقسيمه لملتزمين وغير ملتزمين، وتحريم كثير من الأمور”، مضيفا: “أعتذر باسم الصحوة للمجتمع السعودي عن الأخطاء أو التشديد الذي خالفت الكتاب والسنة وسماحة الإسلام وضيقت على الناس، وسأسخر قلمي في خدمة مشروع ولي العهد في الاعتدال”.

ولفت إلى أنه من الأخطاء التي وقعت فيها الاهتمام بالمظهر أكثر من المخبر والوصاية على المجتمع وتقسيمه لملتزمين وغير ملتزمين، وأن بعض الزواجات وقت الصحوة تحولت لحسينيات، منوها إلى أنه حرّم على الناس مظاهر الفرح، و”بعد ما كبرنا ونضجنا اكتشفنا هذه المآخذ، وأنه من أخطاء الصحوة انتزاع البسمة وروح الفرح من المجتمع، الفظاظة والغلظة في الخطاب وكأنه ما فيه غير نار بدون جنة، وعذاب بدون رحمة”، منتقدا تقسيم الناس لملتزم وغير ملتزم اعتمادًا على المظاهر مثل اللحية والثوب.

وأردف: “الصحوة بعد ما أصيبت بالتشدد صارت ترى سلبيات الدولة فقط ولا تنظر إلى إيجابياتها، وهذا سبب الصدام والسجون والإيقاف”.

“قطر والإخوان”

الداعية السعودي تحدث عن معلومات أخرى بشأن دور “قطر”، وجماعة الإخوان الإرهابية، لافتًا إلى أن الدوحة تحاول تجنيد رجال دين ومعارضين لضرب استقرار المنطقة، وأنه “كلما ابتعدت عن دولتك.. كلما كنت محبب لديهم (القطريين)”، منوها بأن الفترة التي قضاها في التعامل مع قطر قائلا إنها استغلته كما استغلت رجال دين آخرين في التغرير بالشباب العربي.

وقال القرني: “بعد أن اكتشفت التآمر.. وقفت.. وذهبت إلى دولتنا واعتذرت.. وقبل الاعتذار”، مشيرا إلى أن محاولات قطر لاستقطابه بدأت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، عندما تواصل معه وزير الداخلية القطري في ذلك الوقت عبد الله بن خالد بن حمد آل ثاني، مستغلا صدور قرار من المملكة العربية السعودية بإيقاف القرني عن الدعوة.

ووصف القرني قناة الجزيرة بـ “مسيلمة الكذاب”، قائلا إن القائمين عليها في الدوحة يعرفون أننا نعرف بأنها تكذب، وأنه لا مجال للمساحات الرمادية في التعامل مع الجهات التي تستهدف السعودية، مكملا: “القيادة مستهدفة والشعب مستهدف، هناك ثلاثة خطوط حمراء: الإسلام المعتدل والوطن والقيادة المبايعة شرعا.. مبيتين لنا النية ومستهدفين بلدنا مع الإخوان وأردوغان وإيران”.

وفيما يتعلق برأيه في علاقة قطر بتنظيم الإخوان، قال القرني: “اكتشفت أن النظام القطري وإعلام الجزيرة يخدم 5 (نونات).. نون طالبان، نون إيران، نون إردوغان، نون الإخوان، نون حزب الشيطان”، موضحا أن منهج تنظيم الإخوان “يتحمل مسؤولية الدماء والحروب الأهلية في الدول العربية”.

“الاعتذار في الميزان”

وأحدث الاعتذار ضجة كبيرة في الأوساط الدينية والسياسية والشعبية العربية والسعودية، فرأى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، في تغريدة على صفحته بتويتر، حيث قال: “الاعتذار الجرئي للشيخ عائض القرني في غاية الأهمية، وكما نغلق الباب على مرحلة التشدد وتوظيف الدين لأهداف سياسية، كذلك نغلق الباب على مرحلة تآمر قطر على جيرانها، حديث الشيخ عزّز ما نعرفه عن سياسات الشيخ حمد بن خليفة ودوره”.

وأوضح مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع للدار الإفتاء المصرية في بيان، اليوم الثلاثاء؛ أن شهادة القرني واعتذاره أثبت عددًا من المرتكزات الأساسية الداعمة للتطرف في المنطقة العربية، أبرزها الدعم الخارجي والتمويل المالي للمتطرفين الذي تقوم به دول في المنطقة وعلى رأسها قطر.

وأشار المرصد، بأن توبة القرني واعتذاره المباشر دليل على نجاح المساعي الفكرية الإقليمية والدولية في محاصرة الأفكار المتطرفة، وكشف الأذرع الداعمة للتطرف والإرهاب في المنطقة، وهي من نتائج المواجهة الفكرية التي تقوم بها بعض الدول وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر في مواجهة التطرف والإرهاب.

الإعلامي السعودي، عبد العزيز الخميس يرى أن اعتذار “القرني” على الرغم من تأخره إلا أنه مهم لأنه جاء باسم الصحوة، معربا عن مخاوفه بشأن هذا الاعتذار وماهيته، قائلًا: “هل يصدق اعتذار القرني ونأمله كذلك، أو أن المسألة ممارسة سياسية وقتية ولو تغيرت موازين الأمور لعاد أبو طبيع لطبعه”، مقترحا أن يقوم “القرني” بتقديم دروس معلنة عن أخطاء الصحوة وتفاصيل أهدافها ومسيرتها وكيف قادت الشباب إلى المهالك، لافتًا إلى ضرورة أن يتم استغلال السوشيال ميديا بشكل إيجابي في أيدي الدعاة بدلًا من أن كانت معاول للهدّم في أيديهم.

وقال الكاتب الإماراتي، علي الحمادي: “امدحوا عائض القرني كما شئتم، فهو وأمثاله قادرون على استغفالكم، ولكن لا تستغفلوا غيركم وتسموا اعترافاته واعتذاراته شجاعة، لأن ما ترونه يسمى خوف وتلون وليس شجاعة”، مشيرًا إلى عدم قدرته على تصديقه أو غيره بعد ما قاموا به من خيانة في حق أوطانهم. وقال: “عائض القرني اعتذر وفي المستقبل عن هذا الاعتذار سيعتذر”.

ربما يعجبك أيضا