هشام عشماوي.. رأس الأفعى في قبضة الأمن المصري

هدى اسماعيل

كتبت – هدى إسماعيل

حالة من التأهب الأمني والسرية انتابت صالة “4” بمطار القاهرة الدولي، تواجد أمني كثيف، قوات خاصة، وسيارات مصفحة، وكاميرا تليفزيونية واحدة، وطائرة عسكرية خاصة قادمة من ليبيا تهبط في هدوء لتعلن عن وصول “هشام عشماوي” الإرهابي المصري الملقب بـ”أبى عمر المهاجر”.

الجيش الليبي يسلم رأس الأفعى

تسلمت مصر من الجيش الوطني الليبي، الإرهابي “هشام عشماوي” المطلوب في قضايا إرهابية، خلال زيارة اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات المصرية، إلى ليبيا التقى خلالها بحفتر قائد الجيش الوطني الليبي.

وكانت قوات حفتر قد أعلنت القبض على عشماوي نهاية العام الماضي، خلال عملية عسكرية في مدينة درنة الليبية بعد إحباط محاولة لتفجير نفسه قبل أشهر.

وقالت قيادة قوات حفتر في بيان إن تسليم عشماوي جاء “في إطار عمليات مكافحة الإرهاب في شمال أفريقيا وفي ضمن التعاون المشترك مع جمهورية مصر العربية الشقيقة “.

وبالإضافة إلى عشماوي، تم أيضا تسليم حارسه صفوت زيدان وعناصر أخرى مطلوبة للسلطات المصرية.

أبو عمر المهاجر

ولد العشماوي وكنيته “أبو عمر المهاجر”، في عام 1978، بحي مدينة نصر، والتحق بالكلية الحربية عام 1996، وتخرج منها عام 2000 ثم انضم فى بداية حياته العسكرية لسلاح المشاة، ثم انضم لسلاح “الصاعقة”، وأثناء تواجده في الخدمة حدثت مشادة  بينه وبين خطيب المسجد في أحد معسكرات الجيش بعد أن أخطأ الخطيب دون قصد في ترتيل القرآن، فوضعته هيئة الاستخبارات الحربية، تحت الملاحظة وجرى التحقيق معه على خلفية ذلك.

وبسبب محاولاته نشر أفكار للتيار السلفي المتشدد بين زملائه وجنوده بعد ذلك تقرر نقله للأعمال الإدارية عام 2000، وبعد ذلك تمت إحالته إلى المحاكمة العسكرية في عام 2007 بسبب تحريضه ضد الجيش، وفي عام 2009 صدر حكم بإنهاء خدمته العسكرية، وبعد ذلك اتجه للعمل في التصدير والاستيراد.

عقب فصله كوّن عشماوي خلية تضم مجموعة من المتطرفين، بينهم 4 ضباط شرطة مفصولون من الخدمة على رأسهم هاشم حلمي، هو ضابط شرطة تم فصله من الداخلية، بعدما تبين أنه اعتنق الفكر المتطرف أيضا وثبت أن له علاقة بتنظيم “أجناد مصر” الذي يحمل فكر القاعدة.

وانضم بعد ذلك لجماعة “أنصار بيت المقدس” الإرهابية في شمال سيناء عام 2012، أي بعد عام واحد من اندلاع أعمال الفوضى عقب ثورة يناير، وكان التحاقه بالجماعة المتطرفة بداية سلسلة الجرائم الدموية التي ارتكبها عشماوي على مدار السنوات السبع الماضية.

سافر “عشماوي” إلى تركيا في أبريل 2013، وتسلل منها إلى سوريا، وهناك انضم لمجموعات تقاتل ضد نظام بشار الأسد، وسرعان ما عاد إلى مصر، مع عزل محمد مرسي، ليشارك في اعتصام رابعة، وفقًا للتحقيقات.

كانت ليبيا الملاذ الآمن لعشماوي، حيث شكّل داخل معسكرات “درنة” خلية تضم 4 ضباط شرطة مفصولين تسمى “أنصار بيت المقدس” تحولت إلى “ولاية سيناء” بعد مبايعته تنظيم “داعش”.

في العام 2013، سافر هشام عشماوي إلى درنة في ليبيا وتدرب في معسكرات تنظيم القاعدة، وشكل تنظيم “أنصار بيت المقدس” ودرّب أكثر من 200 عنصر فيه.

ومع مبايعة تنظيم “أنصار بيت المقدس” لـ”داعش” في نوفمبر 2014، انشق عشماوي عن التنظيم وأسس تنظيماً موالياً للقاعدة في ليبيا سماه “المرابطون”.

معصوب العينين

وضع رجال المخابرات على وجه الإرهابي عشماوي، “غشاوة” على عينيه، حيث ظهر معصوب العينين، كما تم وضع سماعة على أذنيه وظهرت يداه مقيدتين داخل الطائرة الحربية التي نقلته من ليبيا إلى القاهرة.

ويعتبر وضع السماعة إجراء متبع لدى القوات الخاصة في عمليات القبض على العناصر الخطرة والمجرمين الدوليين لحظة القبض عليهم، لمنع اطلاعهم على ما يدور بين قوات الأمن من حديث، كي يفقدوا الثقة بأنفسهم ويتم الهيمنة عليهم بشتى الطرق ، كما يأتي هذا الإجراء لفرض حالة نفسية على الإرهابيين؛ بحيث لا يسمعون ولا يرون محيطهم؛ ويتم عزلهم نهائياً عن العالم الخارجي.

وتواجد في الطائرة الحربية عدد من رجال القوات الخاصة الملثمين الذين أحاطوا بالإرهابيين المقبوض عليهم، وتحكموا في تحركاتهم حتى إنزالهم من الطائرة، وإدخالهم إلى إحدى السيارات التابعة للأجهزة الأمنية.

مخططات إرهابية

كشفت مصادر بالقيادة العامة بالجيش الوطني الليبى، عن أن الإرهابي هشام عشماوي الذي تم تسليمه إلى مصر، أدلى خلال جلسات التحقيق معه التي امتدت طيلة الفترة الماضية، بمعلومات هامة وأدلة ملموسة عن علاقاته الإرهابية المشبوهة.

وقالت المصادر، إن عشماوي اعترف بعلاقته بـ”شخصيات ليبية معروفة”، وبكيانات أجنبية وعلاقتهم بنشأة وتمويل التنظيمات في كل من ليبيا ومصر.

وكان الجيش الوطني الليبي كشف في وقت سابق عن مخططات الإرهابي المصري الخطير، التي كانت تستهدف مصر والمنطقة العربية، مشيرا إلى تنقلاته خلال دول عربية عدة في الأعوام الأخيرة.

وكانت أول أعمال عشماوي في ليبيا مع شريكه رفاعي سرور (قتل في غارات للجيش الليبي)، هو السعي لتأسيس ما يسمى “الجيش المصري الحر” للتأثير على عمليات الجيش المصري بين سيناء وغربي مصر.

وألقت قوات الجيش الوطني الليبي القبض على عشماوي، خلال عملية خاطفة في قلب مدينة درنة شرقي البلاد، في أكتوبر من العام الماضي دون أن تطلق رصاصة واحدة.

ومنذ القبض عليه في درنة، ظهرت إلى السطح العلاقة المشبوهة والوطيدة بين تنظيم الإخوان المصنف إرهابيا، وبين عشماوي، وذلك من خلال حملة إعلامية مسعورة للتنظيم الإرهابي تلت القبض على عشماوي.

أبرز الجرائم التي ارتكبها الإرهابي هشام عشماوي

– محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري الأسبق اللواء محمد إبراهيم عام 2013، وذلك لدى مرور موكبه في شارع مصطفى النحاس بمنطقة مدينة نصر، ما أسفر الحادث عن إصابة 21 شخصا، بينهم 8 رجال شرطة.

– اغتيال النائب العام، الشهيد المستشار هشام بركات في 29 يونيو 2015 عن طريق سيارة مفخخة استهدفت موكبه خلال تحركه من منزله بمنطقة مصر الجديدة إلى مقر عمله بدار القضاء العالي في وسط القاهرة.

– شارك في مذبحة كمين الفرافرة في 19 يوليو 2014، وهي العملية التي استشهد فيها 22 مجندا مصريا.

– شارك في مذبحة العريش الثالثة في فبراير 2015 التي استهدفت الكتيبة 101، واستشهد بها 29 فردًا من القوات المسلحة.

– تأسيس حركة “المرابطون” المنتمية لتنظيم القاعدة الإرهابي.

– اغتيال ضابط الأمن الوطني الشهيد محمد مبروك.

– استهداف مديرية أمن الدقهلية عام 2013 ما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات.

– وشارك في الهجوم على كمين كرم القواديس بسيناء في أكتوبر 2014.

– الهجوم على حافلات الأقباط بالمنيا والذي أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات.

– الارتباط بخلية “عرب شركس” التي نفذت عدد من العمليات الإرهابية.

– شارك في أكتوبر 2017 في الهجوم على مأمورية الأمن الوطني في طريق الواحات.

وفي وقت سابق قضت محكمة جنايات غرب القاهرة العسكرية، غيابيًا بإعدام هشام عشماوي، و13 من العناصر الإرهابية في اتهامهم بالهجوم على “كمين الفرافرة”.

ومن المنتظر أن تُعاد محاكمة عشماوي في قضايا تتعلق باستهداف وزير الداخلية السابق والنائب العام والجيش والشرطة ورجال القضاء.

نشر الأكاذيب

أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، أن الجماعة “تسخر أدواتها الإعلامية لنشر الأغاليط والأكاذيب”، بعد نجاح قوات الجيش الليبي في القبض على الإرهابي عشماوي، في مدينة درنة.

وأوضح المرصد حينها، أن “الأذرع الإعلامية الإخوانية نشرت العديد من المعلومات المغلوطة والأكاذيب الممنهجة حول عشماوي، بهدف التغطية على نجاح تلك العملية التي تمثل صيدا ثمينا يساعد في فضح مخطط الإخوان لنشر الإرهاب عالميا، ويؤكد ضلوعهم في نشر التخريب ورعاية المجرمين أمام الهيئات الدولية”.

وأضاف مرصد الإفتاء، أن دفاع الجماعة عن عشماوي “يؤكد ضلوعها في العمليات الإرهابية التي أفزعت المصريين واختطفت زهرة شبابهم، وعطلت مسيرتهم في التنمية بأعمال التخريب والتدمير”.

وشدد على أن “تلك الجماعة لا تمثل خطرا على مصر فقط، بل على مسلمي العالم، بعد نجاحها في تشويه سماحة الإسلام وجعله دينا يعكس منهجية العنف والدم، رغم أن الإسلام دين سماحة واعتدال”.

ربما يعجبك أيضا