على أعتاب يونيو.. “أوبك” تتجه صوب تمديد “خفض الإنتاج”

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

تترقب الأسواق اجتماع “أوبك” المقرر في 25 و26 يونيو الجاري، والذي سيحدد سياسة الإنتاج لكبار منتجي النفط  خلال النصف الثاني من 2019، وذلك بعد أن تم إلغاء اجتماع استثنائي للمنظمة في أبريل الماضي، لإعطاء صناع القرار مزيدا من الوقت لدراسة العوامل المؤثر في حركة الأسعار فيما بعد يونيو، خاصة في ظل تنامي المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وانعكاسات ذلك على مستويات الطلب.

كانت أوبك وحلفاؤها -فيما يعرف بمجموعة “أوبك”- قد اتفقوا في ديسمبر 2018 على خفض الإنتاج بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا خلال النصف الأول من العام الجاري، لدعم الأسعار، وأبقت على هذه التخفيضات في أبريل الماضي، بل وبعض الدول بالغت في الالتزام، فالسعودية -أكبر مصدر للخام بالعالم- على سبيل المثال خفضت بشكل يفوق الحد المستهدف -10.3 مليون برميل يوميا- إنتاجها في أبريل ومايو ليصل إلى 9.742 مليون برميل يوميا، و9.65 مليون برميل يوميا، على الترتيب.

التزام أوبك
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح -في تصريحات صحفية نشرت اليوم الإثنين- إن هناك إجماعا ناشئا بين مجموعة “أوبك” على مواصلة عملها باتجاه تحقيق استقرار السوق خلال النصف الثاني من العام، مشيرا إلى أن العوامل الأساسية لسوق النفط حاليا تظل جيدة.

وأوضح، أن تقلبات الأسواق نتيجة لتصاعد النزاع التجاري والقيود المحتملة -في إشارة إلى العقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا- سيكون لهما بالتأكيد أثر سلبي على الاقتصاد العالمي ونمو الطلب على النفط، لكن تبقى تلك المستويات من التقلب غير مبررة كليا في ضوء العوامل الأساسية الحالية للسوق، التي تظل جيدة، والمستويات المرتفعة من التزام منتجي أوبك.

وأضاف، سنفعل ما هو ضروري للحفاظ على استقرار السوق بعد يونيو، بالنسبة لي يعني هذا خفض المخزونات من مستوياتها الحالية المرتفعة.

كانت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أظهرت أخيرا، انخفاض مخزونات النفط الأمريكية بأقل من المتوقع خلال الأسبوع الأخير من مايو، لكن المخزونات بقيت قرب أعلى مستوياتها منذ يوليو 2017 ومرتفعة بنحو 5% عن متوسط 5 أعوام.

مسألة المخزونات ورد ذكرها اليوم أيضا في مذكرة لبنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس بشأن توقعاته لحركة الأسعار، جاء فيها: أخيرا تأثرت المعنويات في سوق النفط بتصاعد الحروب التجارية ومؤشرات أضعف للنشاط، ونطاق وسرعة الهبوط تفاقمت أكثر مع تنامي المخاوف بشأن النمو القوي للإنتاج الأمريكي وزيادة المخزونات.

وتوقع البنك، أن تظل أسعار النفط الخام مستقرة حول مستوياتها الحالية خلال الأشهر القليلة المقبلة، موضحا أن توافر طاقة إنتاجية فائضة في الدول الرئيسية الأعضاء في أوبك سيبدد أثر القيود على الإمدادات من إيران وفنزويلا.

وإلى جانب تعهد أوبك بالحفاظ على استقرار الأسواق، في ظل هذه القيود، يوجد لدى أمريكا وهي تعد حاليا أكبر منتج للنفط بالعالم، قدرة إنتاجية تتراوح بين 1.6 و1.7 مليون برميل يوميا، وهو ما يجعلها قادرة أيضا على سد أي نقص قد ينتج من العقوبات التي فرضتها على الأنظمة في إيران وفنزويلا “الأعضاء في أوبك”.

تمديد لدعم الأسعار
وتكبدت أسعار النفط  خلال مايو أسوأ خسارة شهرية في ستة أشهر بفعل التوترات التجارية، تحديدا القيود التي تفرضها إدارة ترامب على الورادات من الصين وكندا والمكسيك وأوروبا، وأنهت عقود برنت شهر مايو على خسارة قدرها 11% في حين هبطت عقود الخام الأمريكي 16%، وهو أكبر هبوط شهري للخامين القياسيين منذ نوفمبر الماضي.

على الأرجح ستدفع هذه الخسائر، أوبك في اجتماعها المرتقب، صوب تمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج، لاسيما في ظل ضبابية أفق الاقتصاد العالمي والحرب التجارية والتي لا يمكن توقع مسارها بدقة، أضف إلى ذلك عدم التزام أمريكا بخفض الإنتاج أو المخزونات، ما يهدد الأسعار بمزيد من الهبوط، وهو ما لا ترغب فيه بلدان أوبك.

الولايات المتحدة تعقد مهمة أوبك في حفظ استقرار السوق، سواء بعدم تعاونها في مسألة الإنتاج أو بحروبها التجارية المفتوحة، ويحمل الرئيس ترامب أوبك مسؤولية ارتفاع الأسعار، في حين يرى أعضاء المنظمة العكس وأن واشنطن هي السبب وراء تنامي المخاوف من أزمة بالمعروض نتيجة عقوباتها المفروضة على إيران وفنزويلا.

روسيا وهي لاعب أساسي في سوق النفط وأحد حلفاء أوبك، ترى أن الاجتماع المقبل يجب أن يدرس جيدا التأثير الإيجابي لاتفاق خفض الإنتاج على أسعار النفط في مقابل خسارة بعض الحصص سوقية لصالح شركات أمريكية، بحسب ما جاء في تصريحات جديدة لنائب رئيس الوزراء الروسي.

وأضاف أنطون سيليانوف، هناك الكثير من الآراء سواء المؤيدة للتمديد أو المعارضة له، نحتاج إلى استقرار السعر، لكننا نرى أن جميع تلك الاتفاقات مع أوبك نتج عنها أن شركاءنا الأمريكيين عززوا إنتاج النفط الصخري وانتزعوا أسواقا جديدة، وعليه الحكومة الروسية ستحدد موقفها من تمديد الاتفاق بعد دراسة تلك المزايا والعيوب وأمد الاتجاهات الحالية للسوق.

في ظل هذا الموقف الروسي ورغبة أوبك في دعم الأسعار عند مستويات تتراوح بين 60 و80 دولارا للبرميل، قد تلجأ المنظمة إلى تمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج مع التشديد على ضرورة الالتزام بسقف التخفيض المتفق عليه -بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا- وهو ما يعني ارتفاع الإنتاج بنحو 800 ألف برميل يوميا أو أقل قليلا.

ربما يعجبك أيضا